في الخامس والعشرين من نيسان/ أبريل عام 2016، قامت عناصر من تنظيم "داعش" بتفجير كنيسة الساعة في مدينة الموصل (400 كلم شمال بغداد)، بعد حوالي سنتين من تدميره ساعتها التي سُمّيت نسبة إليها وتقع في أعلى برج الكنيسة، وتمّ نهب محتوياتها.
يبدأ قريباً مشروع ترميم المعلم التاريخي الذي يعود تاريخ بنائه إلى ستينيات القرن التاسع عشر ليكون مركزاً للآباء الدومنيكان في المدينة، بحسب جملة إجراءات أعلنتها "منظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" (اليونسكو) مؤخراً، وتشمل تهيئة المكان والقيام بمسح أولي قبل عملية التأهيل بإشراف خبراء وحرفيين متخصّصين.
وتأتي الخطوة ضمن مبادرة "إحياء روح الموصل"، التي تم إطلاقها عام 2018 وتهدف إلى إعادة بناء المعالم الأثرية، ومنها الكنيسة التي شكّلت مركزاً للآباء الدومينيكان يضاف إلى مراكز أخرى أسسّوها منذ قدومهم في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، حيث جلبوا معهم المطبعة وأصدروا مجلّة باللغة العربية بعنوان "إكليل الورد"، على غرار الإرساليات التبشيرية الكاثوليكية في المنطقة العربية آنذاك.
كما كان للدومينيكان دور في إدخال التصوير الفوتوغرافي والأسطوانات الموسيقية والغرامافون (جهاز تشغيلها) وآلة العرض السينمائي، إضافة إلى إنشاء مستشفى لعلاج المرضى ورعايتهم، ومكتبة تضمّ الوثائق والمجلّدات والمخطوطات القديمة والنادرة باللغات السريانية والعربية والفرنسية، والتي تعرّضت للتخريب وأُتلفت مقتنياتها بسبب تفجير الكنيسة.
بُنيت الكنيسة في وسط مدينة الموصل القديمة وتطلّ على ساحة تقاطع شارع الفاروق مع شارع نينوى، حيث شُيّد معمارها فوق ستّة وعشرين عموداً من مادة المرمر تزيّنها نقوش وزخارف، وقد ثبّتت ساعتها التي تبرّعت بجرسها الإمبراطورة أوجيني دي مونيتو، زوجة نابليون الثالث، بعد اكتمال بنائها عام 1882، إلى أن استُبدلت بساعة إلكترونية خلال ثميانينيات القرن الماضي.
يتكوّن المبنى من باحة كبيرة وبوابة ضخمة تُفضي إلى صحن واسع وكبير تعلوه بخط مواز قبّتان متساويتان في الحجم، وقد ظهرت التشقّقات والتصدّعات في بعض جدرانها خلال الحرب العراقية الإيرانية، وما أن بدأت عمليات الترميم حتى توقّفت مع اندلاع حرب الخليج الثانية عام 1990، ثم تعرّضت لانفجار سبّب أضراراً بليغة عام 2008، حيث أدّى تردّي الأوضاع الأمنية التي عاشتها الموصل إلى نزوح أعداد كبيرة من سكّانها، لا سيما المسيحيين.