مر التطوير العسكري لـ"كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، بمراحل متعددة على مدار تاريخها، فمن الحجارة وثورة السكاكين، وصولاً إلى تنفيذ العمليات الفردية باستخدام الأسلحة البدائية، وتفجير الباصات، وكمائن الموت في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأخيراً تصنيع الصواريخ البعيدة المدى واستخدام سلاح الطيران للمرة الأولى في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى الرغم من الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عشر سنوات وهدم السلطات المصرية للأنفاق الأرضية مع غزة، إلا أن "القسام" تواصل تطوير منظومتها العسكرية والأمنية محاولة تجاوز كافة المعوّقات الإقليمية والمحلية التي تواجهها فضلاً عن تلاحق الحروب الإسرائيلية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، عدنان أبو عامر، إن المسيرة العسكرية لـ"القسام" اتخذت خلال مراحل عمرها نظاماً متدرجاً حتى وصلت إلى الشكل الحالي، والذي يطمح من خلاله قادة "حماس" إلى تحوّل الجناح العسكري للحركة من حرب العصابات إلى مرحلة الجيش النظامي.
ويوضح أبو عامر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التطوّر العسكري للجناح العسكري لـ"حماس" أدى لمنح مقاتلي الحركة الإسلامية عامل الإبداع والتطور في الأداء من خلال الكمائن التي كانت تُنفذ في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى أن وصلت إلى عمليات أسر وقتل داخل المواقع العسكرية الإسرائيلية.
ويؤكد أن "حماس" تعلم جيداً أن أحد مقومات بقاء وتمدّد الحركة في المشهد الفلسطيني، هو الجناح العسكري الذي يشكّل جزءاً لا يتجزأ من عقيدة الحركة الإسلامية التي تأسست قبل ثمانية وعشرين عاماً. ويشير إلى أن استثمار الحركة في القدرات العسكرية، فاق كافة المجالات الأخرى، في إطار حرصها على تعزيز قدراتها العسكرية والميدانية كي تستمر بالتواجد بشكل كبير والقيام بدور أبرز لتغير المعادلات مع الاحتلال.
اقرأ أيضاً: "القسام" تكشف جديدها: صاروخان دخلا الخدمة
ويلفت أستاذ العلوم السياسية إلى أنّ التطوّر العسكري لـ"القسام" أدى دوراً كبيراً في تعزيز مكانة حركة "حماس" في المشهد السياسي الفلسطيني، ودفع إلى التقارب بين الحركة وبعض الأطراف الإقليمية التي دعمت الجناح العسكري لتطوير القدرات العسكرية. ويوضح أبو عامر أنّ "حماس" تعلم جيداً أن لغة القوة جزء أساسي من تواجدها وتقاربها مع الكثير من الأطراف في المشهد السياسي، وهي تسعى بشكل كبير إلى تحويل جناحها العسكري من فكرة حرب العصابات إلى جيش نظامي.
ويبيّن أنّ الواقع الإقليمي الذي تعيشه المنطقة العربية وما جرى من مصر وعزل الرئيس المصري محمد مرسي وحالة التوتر القائمة بين "حماس" والنظام المصري الحالي، يعوق طموحات الحركة بتطوير قدرات جناحها العسكري لتصل لمرحلة الجيش النظامي.
من جهته، يؤكد الباحث في الشأن الإسرائيلي ناجي البطة، أنّ الجيش الإسرائيلي ينظر إلى القدرات العسكرية لحركة "حماس" على أنها تُشكّل مصدر قلق وإزعاج دائم في ظل تنامي حالة العجز عن القضاء على "القسام" بشكل كامل.
ويوضح البطة، لـ"العربي الجديد"، أنّ القادة العسكريين الإسرائيليين باتوا يبحثون عن آليات للتعامل مع "حماس" على أنها قوة أمر واقع بعد فشل الحروب الثلاثة التي شنّتها إسرائيل على القطاع بتحقيق أية مكاسب سياسية وعسكرية. ويقول البطة إنّ المؤسسة الأمنية والعسكرية في إسرائيل تنظر إلى التطوّر العسكري الحاصل في قدرات "القسام" في الآونة الأخيرة وبشكل خاص التجارب الصاروخية الأخيرة على أنها مقلقة بشكل كبير للغاية.
ويبين أنّ القوة العسكرية لـ"القسام" أدت دوراً بارزاً في الصراع مع الاحتلال لكنها افتقدت للظهير السياسي، خصوصاً بعد عزل مرسي من الحكم في مصر ووصول عبدالفتاح السيسي للحكم وحالة التوتر القائمة مع النظام المصري الحالي. ويلفت البطة إلى أنّ "القسام" من خلال التطور العسكري القائم حالياً، أصبحت تُشكّل قلقاً مستمراً للمنظومة الأمنية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، على الرغم من حالة التهدئة بعد الحرب الأخيرة على القطاع، إلا أن التحديث المتواصل للمنظومة القتالية يؤكد على أن "القسام" باتت قريبة من الوصول لمرحلة الجيش النظامي.
اقرأ أيضاً: مسيرات حاشدة لـ"حماس" في غزة بذكرى انطلاقتها