"كاليه" جديد في باريس

باريس

محمد المزديوي

avata
محمد المزديوي
30 أكتوبر 2016
EE72F2CC-4E17-4ADD-ABF7-1CA711324F78
+ الخط -
من يقترب من مترو ستالينغراد في المقاطعة التاسعة عشرة، لا يخال نفسه في باريس في ظل انتشار الخيام. يخرج المرء من المترو ليرى نفسه محاطاً بخيام متفاوتة الحجم، ومجموعات كبيرة من اللاجئين. هذا المعسكر ليس الوحيد في العاصمة، بل تمتد الخيام إلى مناطق أخرى، وتحديداً في المقاطعات الباريسيّة الأكثر فقراً. فالشرطة الفرنسيّة تمنع حدوث أمر مماثل في الأحياء الراقية.

بعض المهاجرين الذين يعيشون في هذه المخيّمات كانوا قد وصلوا إلى باريس قبل أشهر عدة، فيما وصل آخرون قبل نحو أسبوع على الأكثر، قادمين من إيطاليا، علماً أن رحلتهم انطلقت من ليبيا. في هذا السياق، يقول أحمد، وهو من أريتيريا، أنه دفع 700 دينار (نحو 500 دولار) للسفر من من طبرق إلى طرابلس، و1200 دولار للوصول إلى إيطاليا. وحاله حال الكثير من أبناء بلده، يأمل في الوصول إلى بريطانيا. لذلك، لا يفكّر بطلب اللجوء في فرنسا. لكن يبدو أن الأمور ما زالت غير واضحة بالنسبة إليه. فحين عرف عن البريكسيت (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) وتشدّد بريطانيا مع المهاجرين الجدد، راح يفكّر إذا ما كان من الأفضل له طلب اللجوء في فرنسا.

معظم المهاجرين في منطقة ستالينغراد قدموا من السودان، وتحديداً من مناطق كردفان والخرطوم ودارفور وغيرها. ويعيش بينهم صوماليّون وأثيوبيّون وأريتيريون، وإن بنسب قليلة. على عكس مهاجري مخيّم كاليه، الذين لطالما رغبوا في الوصول إلى بريطانيا، فإنّ حلم مهاجري ستالينغراد هو اللجوء في فرنسا. هذا ما يقوله عبد القادر الذي قدم من الصومال. يبحث عن مكان يستقرّ فيه، قبل أن يتقدّم بطلب لجوء، ويأمل أن يحالفه الحظ.



وإن كانت جمعيّات إغاثيّة تتحدّث عن إنجازاتها في ما يتعلّق بالمساعدات التي تقدمها للمهاجرين، يؤكّد هؤلاء أنّهم لا يحصلون على أي شيء. ويقول إبراهيم، وهو سوداني، إن الجمعيات العربية والإسلامية، بالإضافة إلى عدد من فاعلي الخير، يقدّمون لنا الملابس والمواد الغذائية وبعض الأطباق الساخنة.

خلال وجودنا بين خيام ستالينغراد، لاحظنا قدوم مجموعات كثيرة لتوزيع المساعدات. ويعرّف أحد الأشخاص عن نفسه قائلاً "إننا مجموعة أشخاص من أصول عربية، نجمع السلع والمواد الغذائية وغيرها من المتاجر العربية، ونعطيها للمهاجرين". تجدر الإشارة إلى أنه لم يكن بين هؤلاء أية جمعية خيريّة معروفة.

ولا يحتاج المرء لأدلّة كثيرة تبرهن تقصير الدولة الفرنسية وغيرها من الجمعيات في تقديم المساعدات لهذا المعسكر، علماً أن الجسر المشيّد فوق المترو قد امتلأ بالخيام، بالإضافة إلى الأرصفة القريبة. خلال جولتنا، رافقنا إبراهيم لتفقد بعض المرضى، الذين لا تهتم المنظمات المعنية بالصحة في مساعدتهم. ويكتفي رفاقهم بجمع المال لشراء أدوية لا تحتاج إلى تقرير طبي.



إلى ذلك، علّق المهاجرون صورة لأحد المهاجرين السودانيين الذي توفي قبل أيام، سائلين فاعلي الخير التبرّع بالمال لترحيل جثمانه إلى السودان.

مؤخراًَ، أشارت بلدية باريس إلى تخصيص 2870 مكاناً لإيواء المهاجرين بسرعة، مع بدء انخفاض درجات الحرارة في العاصمة. لكن يبدو أنّ المهاجرين في حيّ ستالينغراد لن يستفيدوا من هذه الإجراءات، خصوصاً أن أسماء كثيرين لم تسجل بعد، سواء أكانوا رجالاً أم نساء. هؤلاء لا يعرفون شيئاً عمّا قد يحمله لهم المستقبل.

وبعد تفكيك مخيّم كاليه، يبدو أنّه صار هناك "كاليه" باريس. تجدر الإشارة إلى أن بعض وسائل الإعلام، من بينها صحيفتا "الفيغارو" و"لوباريزيان"، وقناة "بي إف إم تي في" الإخبارية، بدأت تتحدّث عن تذمّر سكان هذه المناطق وتُجّارها بسبب وجود هؤلاء المهاجرين.
ربّما ستكون الأيام المقبلة صعبة بالنسبة لهؤلاء المهاجرين الذين يعيشون وسط ظروف صعبة، وبالكاد يستطيعون تأمين احتياجاتهم الأساسية، ويعتمدون على مساعدات فاعلي الخير بشكل أساسي، على أمل أن يتمكّنوا من التقدّم بطلبات لجوء في المستقبل.

ذات صلة

الصورة
تنظيم داعش/فرنسا

سياسة

رفعت فرنسا، أول من أمس الأحد، مستوى التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، وذلك في أعقاب هجوم موسكو الدموي الذي تبناه تنظيم "داعش"، مستعيدة تهديدات عدة للتنظيم.
الصورة

منوعات

تراجعت مجلة فوربس عن حفل تكريم أكثر 40 امرأة تأثيراً في فرنسا، وذلك بعد حملة تحريض في باريس، على المحامية من أصول فرنسية ريما حسن
الصورة
وردة إنور (إكس)

منوعات

اعتقلت الشرطة الفرنسية، الخميس، مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي بتهمة "تمجيد الإرهاب"، بعد سخريتها من التقارير الإسرائيلية المزعومة حول إقدام مقاومي كتائب القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، على حرق طفل إسرائيلي.
الصورة

سياسة

طرح أعضاء في مجلس الشيوخ الفرنسي مشروع قانون لتجريم إهانة إسرائيل، في استكمال لقوانين "محاربة الصهيونية"، ما يؤسس لمزيد من قمع الحريات خدمة للاحتلال.
المساهمون