تسود حالة من القلق والخوف الشديدين بين أبناء القبائل البشتونية المتاخمة لطرفي الحدود الباكستانية الأفغانية، جراء تزايد وتيرة الاغتيالات في صفوف رموز القبائل.
بدأت سلسلة الاغتيالات ضدّ زعماء القبائل الأفغانية منذ عام 2001 بعد سقوط حكومة "طالبان" ودخول القوات الدولية إلى أفغانستان، ولكن خلال الأشهر الأخيرة ارتفعت وتيرتها بشكل ملحوظ، وامتدت إلى المقاطعات القبلية الباكستانية. جاء ارتفاع وتيرة الاغتيالات بالتزامن مع محاولات لتوحيد صفوف القبائل لمواجهة الجماعات المسلحة.
تشير بعض الإحصائيات إلى أن أكثر من 600 من زعماء قبائل قندهار، جنوبي أفغانستان، اغتيلوا خلال الأعوام الماضية، تبنت بعضها "طالبان" والجماعات المسلحة. وهذا الوضع ينصرف على معظم الأقاليم في جنوب وشرق أفغانستان، خصوصاً هلمند وغزنة وننجرهار وبكتيا، حيث حصدت الاغتيالات أرواح المئات من زعماء القبائل.
ويؤكد زعيم قبلي وعضو في المجلس الإقليمي بإقليم بكتيا أن "الإحصائيات الرسمية تشير إلى مقتل أكثر من 100 زعيم قبلي في إقليم بكتيا وحده خلال الأشهر الخمسة الماضية، لكنني اعتقد أن العدد أكبر من ذلك بكثير، والمؤسف هو ارتفاع وتيرتها خلال الأسابيع الأخيرة، وامتدادها إلى جميع القرى والأرياف".
في غضون الأسابيع الأخيرة، اضطرت أعداد كبيرة من زعماء وشيوخ القبائل إلى ترك المناطق القبلية واللجوء إلى عواصم الأقاليم والمدن. ومن بين هؤلاء الزعماء هارون خان، زعيم قبيلة أحمد خيل، أحد أفخاذ قبائل وزير الواقعة على سفح جبل الأبيض بإقليم ننجرهار. ويقول خان لـ"العربي الجديد" إنّ "الهدف من اغتيال رؤساء القبائل هو تقويض النظام القبلي، الذي يقف دائماً في وجه الهجمات والأجندات الأجنبية".
لكنّ الاغتيالات باتت تلاحق رموز القبائل حتى داخل المدن وعواصم الأقاليم التي لجأوا إليها. وكان الزعيم القبلي ملك سفير خان قد قتل بيد مسلحين الأربعاء الماضي قرب مدينة جلال آباد أثناء صلاة الجنازة على أحد سكان المنطقة، حيث دخل المسلحون بين المصلين، وأخرجوا سفيرخان ثم أطلقوا النيران عليه على مرأى الجميع، ولاذوا بالفرار. كما يوضح محمد عابد، أحد شهود العيان لـ"العربي الجديد".
ولم تقتصر الاغتيالات على "رؤوس" القبائل الأفغانية فحسب، بل طالت القبائل الباكستانية، خاصة تلك التي تقع في شمال غرب باكستان بالقرب من الحدود الأفغانية. وتقول مصادر قبلية إن 26 من زعماء القبائل قُتلوا في مقاطعة وادي سوات منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لتمتد معها اغتيالات الزعامات القبلية في مقاطعات خيبر وباجور ووزيرستان الشمالية والجنوبية ومهمند.
وفي حين التزمت حكومتا أفغانستان وباكستان الصمت حيال هذه العمليات، بدأت القبائل بالتحرك لإيجاد حلّ لظاهرة سيكون لها نتائج عكسية على الوضع الأمني في المنطقة برمتها؛ ففي بعض المناطق القبلية الباكستانية كمقاطعة باجور وسوات، تم تشكيل لجان قبلية للتنسيق بين القبائل بهدف إرساء الأمن والحد من عمليات اغتيال متزايدة لشيوخ القبائل.
وفي أفغانستان، عقدت القبائل اجتماعات في مختلف مناطق البلاد لجذب أنظار الحكومة والمجتمع الدولي تجاه ما يهدّد الزعامة القبلية. وعقد آخر تلك الاجتماعات في إقليم بكتيا الأسبوع الماضي، بحيث طالب المشاركون الحكومة الأفغانية بتوفير الحماية اللازمة لرموز القبائل.
ويطالب خواني جهاني، أحد زعماء القبائل في بكتيا، في حديثه لـ"العربي الجديد" "الحكومة بأن تؤدي دورها للحفاظ على النظام القبلي، وأن تعي أنها قائمة في مناطقنا بمساندة القبائل"، مشدّداً على أن "انهيار النظام القبلي سيؤدي إلى انهيار الحكومة، وبالتالي ستصبح المناطق القبلية معاقل للمسلّحين".
وتتنوع الأسباب الرئيسية لسياسة الاغتيالات، ويأتي في مقدّمتها قرار بعض القبائل بالوقوف في وجه الجماعات المسلحة، وتشكيلها جيوشاً قبلية للقضاء على المسلّحين. وكان وفد من قبائل إقليم كنر قد زار أخيراً المناطق القبلية الباكستانية، وبالتحديد مقاطعة باجور المحاذية للإقليم. وتوصل الطرفان خلال الزيارة إلى تعزيز التعاون بينهما للقضاء على المسلحين. وجاء ردّ المسلّحين بتصعيد عمليات اغتيال الرموز القبلية.
غير أنّ بعض قبائل المنطقة تعتقد أن الاستخبارات الأجنبية هي من يقف وراء عمليات الاغتيال بهدف تدمير النظام القبلي والأعراف السائدة هناك. وفي هذا الصدد، يقول أحد زعماء القبائل في شرق البلاد لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم نشر اسمه، إن أحد أمراء الحرب السابقين في شرق أفغانستان وأحد المقربين إلى القوات الدولية حالياً، يعمل على عمليات اغتيال زعماء القبائل، والنشطاء الاجتماعيين لأغراض غير معروفة، على حد وصفه.
أسباب أخرى متداولة لظاهرة الاغتيالات، ترتبط ببث النزعات القبلية، والتي تستفيد منها الجماعات المسلّحة والاستخبارات الأجنبية على حدّ سواء، إضافة إلى مافيا المخدرات، التي تشتغل بقوة في بعض الأقاليم كهلمند في جنوب البلاد، وننجرهار في شرقها.
لكن أيّاً تكن الأسباب، فإن استمرار الاغتيالات سيهدّد النظام القبلي، الضابط الرئيسي لشؤون المناطق القبلية، وسيضع الحكومة الأفغانية أمام تحدّي فرض سيطرتها على منطقة، وجدت فيها "طالبان" و"القاعدة" وحلفاؤهما معاقل آمنة خلال السنوات الماضية؛ وهي مهمة يستحيل عليها حالياً القيام بها.
بدأت سلسلة الاغتيالات ضدّ زعماء القبائل الأفغانية منذ عام 2001 بعد سقوط حكومة "طالبان" ودخول القوات الدولية إلى أفغانستان، ولكن خلال الأشهر الأخيرة ارتفعت وتيرتها بشكل ملحوظ، وامتدت إلى المقاطعات القبلية الباكستانية. جاء ارتفاع وتيرة الاغتيالات بالتزامن مع محاولات لتوحيد صفوف القبائل لمواجهة الجماعات المسلحة.
تشير بعض الإحصائيات إلى أن أكثر من 600 من زعماء قبائل قندهار، جنوبي أفغانستان، اغتيلوا خلال الأعوام الماضية، تبنت بعضها "طالبان" والجماعات المسلحة. وهذا الوضع ينصرف على معظم الأقاليم في جنوب وشرق أفغانستان، خصوصاً هلمند وغزنة وننجرهار وبكتيا، حيث حصدت الاغتيالات أرواح المئات من زعماء القبائل.
ويؤكد زعيم قبلي وعضو في المجلس الإقليمي بإقليم بكتيا أن "الإحصائيات الرسمية تشير إلى مقتل أكثر من 100 زعيم قبلي في إقليم بكتيا وحده خلال الأشهر الخمسة الماضية، لكنني اعتقد أن العدد أكبر من ذلك بكثير، والمؤسف هو ارتفاع وتيرتها خلال الأسابيع الأخيرة، وامتدادها إلى جميع القرى والأرياف".
في غضون الأسابيع الأخيرة، اضطرت أعداد كبيرة من زعماء وشيوخ القبائل إلى ترك المناطق القبلية واللجوء إلى عواصم الأقاليم والمدن. ومن بين هؤلاء الزعماء هارون خان، زعيم قبيلة أحمد خيل، أحد أفخاذ قبائل وزير الواقعة على سفح جبل الأبيض بإقليم ننجرهار. ويقول خان لـ"العربي الجديد" إنّ "الهدف من اغتيال رؤساء القبائل هو تقويض النظام القبلي، الذي يقف دائماً في وجه الهجمات والأجندات الأجنبية".
لكنّ الاغتيالات باتت تلاحق رموز القبائل حتى داخل المدن وعواصم الأقاليم التي لجأوا إليها. وكان الزعيم القبلي ملك سفير خان قد قتل بيد مسلحين الأربعاء الماضي قرب مدينة جلال آباد أثناء صلاة الجنازة على أحد سكان المنطقة، حيث دخل المسلحون بين المصلين، وأخرجوا سفيرخان ثم أطلقوا النيران عليه على مرأى الجميع، ولاذوا بالفرار. كما يوضح محمد عابد، أحد شهود العيان لـ"العربي الجديد".
ولم تقتصر الاغتيالات على "رؤوس" القبائل الأفغانية فحسب، بل طالت القبائل الباكستانية، خاصة تلك التي تقع في شمال غرب باكستان بالقرب من الحدود الأفغانية. وتقول مصادر قبلية إن 26 من زعماء القبائل قُتلوا في مقاطعة وادي سوات منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لتمتد معها اغتيالات الزعامات القبلية في مقاطعات خيبر وباجور ووزيرستان الشمالية والجنوبية ومهمند.
وفي حين التزمت حكومتا أفغانستان وباكستان الصمت حيال هذه العمليات، بدأت القبائل بالتحرك لإيجاد حلّ لظاهرة سيكون لها نتائج عكسية على الوضع الأمني في المنطقة برمتها؛ ففي بعض المناطق القبلية الباكستانية كمقاطعة باجور وسوات، تم تشكيل لجان قبلية للتنسيق بين القبائل بهدف إرساء الأمن والحد من عمليات اغتيال متزايدة لشيوخ القبائل.
وفي أفغانستان، عقدت القبائل اجتماعات في مختلف مناطق البلاد لجذب أنظار الحكومة والمجتمع الدولي تجاه ما يهدّد الزعامة القبلية. وعقد آخر تلك الاجتماعات في إقليم بكتيا الأسبوع الماضي، بحيث طالب المشاركون الحكومة الأفغانية بتوفير الحماية اللازمة لرموز القبائل.
ويطالب خواني جهاني، أحد زعماء القبائل في بكتيا، في حديثه لـ"العربي الجديد" "الحكومة بأن تؤدي دورها للحفاظ على النظام القبلي، وأن تعي أنها قائمة في مناطقنا بمساندة القبائل"، مشدّداً على أن "انهيار النظام القبلي سيؤدي إلى انهيار الحكومة، وبالتالي ستصبح المناطق القبلية معاقل للمسلّحين".
وتتنوع الأسباب الرئيسية لسياسة الاغتيالات، ويأتي في مقدّمتها قرار بعض القبائل بالوقوف في وجه الجماعات المسلحة، وتشكيلها جيوشاً قبلية للقضاء على المسلّحين. وكان وفد من قبائل إقليم كنر قد زار أخيراً المناطق القبلية الباكستانية، وبالتحديد مقاطعة باجور المحاذية للإقليم. وتوصل الطرفان خلال الزيارة إلى تعزيز التعاون بينهما للقضاء على المسلحين. وجاء ردّ المسلّحين بتصعيد عمليات اغتيال الرموز القبلية.
غير أنّ بعض قبائل المنطقة تعتقد أن الاستخبارات الأجنبية هي من يقف وراء عمليات الاغتيال بهدف تدمير النظام القبلي والأعراف السائدة هناك. وفي هذا الصدد، يقول أحد زعماء القبائل في شرق البلاد لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم نشر اسمه، إن أحد أمراء الحرب السابقين في شرق أفغانستان وأحد المقربين إلى القوات الدولية حالياً، يعمل على عمليات اغتيال زعماء القبائل، والنشطاء الاجتماعيين لأغراض غير معروفة، على حد وصفه.
أسباب أخرى متداولة لظاهرة الاغتيالات، ترتبط ببث النزعات القبلية، والتي تستفيد منها الجماعات المسلّحة والاستخبارات الأجنبية على حدّ سواء، إضافة إلى مافيا المخدرات، التي تشتغل بقوة في بعض الأقاليم كهلمند في جنوب البلاد، وننجرهار في شرقها.
لكن أيّاً تكن الأسباب، فإن استمرار الاغتيالات سيهدّد النظام القبلي، الضابط الرئيسي لشؤون المناطق القبلية، وسيضع الحكومة الأفغانية أمام تحدّي فرض سيطرتها على منطقة، وجدت فيها "طالبان" و"القاعدة" وحلفاؤهما معاقل آمنة خلال السنوات الماضية؛ وهي مهمة يستحيل عليها حالياً القيام بها.