عام 2005، كتب المخرج نواه باومباخ فيلم The Squid And The Whale وأخرجه، متناولاً فيه بشكل مباشر جانباً من حياته الشخصية، أي الفترة التي حدث فيها الطلاق بين والديه، وتأثير ذلك على مشاعره. نجح الفيلم نجاحا باهرا حينها، وكان أول الأفلام التي بشّرت بموهبة مخرجه، والتعامل معه كأحد أهم صنّاع السينما في الولايات المتحدّة الأميركية.
اللافت للانتباه أنّه، بعد مرور 14 عاماً، أخرج باومباخ Marriage Story، المرتكز على قصّة ذاتية أخرى، تخصّ طلاقه هو نفسه، هذه المرة، من الممثلة جينيفر جايزون لي، صانعاً أنجح أفلامه إطلاقاً، وربما أحد أهم أفلام العلاقات في العقدين الأخيرين.
يبدأ باومباخ فيلمه هذا بشكل مباشر وسريع. تتابع صوتي طويل على "فوتومونتاج"، يتحدّث فيه الزوجان، الممثلة "نيكول" (سكارليت جوهانسن) والمخرج المسرحي "تشارلي" (آدم درايفر) عمّا يحبّ كل واحد منهما في الآخر، ما يُثير شعوراً بأنّهما سعيدان للغاية، قبل اكتشاف أنّه جزء من تمرين كلّفهما به أخصائي العلاقات، ليتذكّرا الجوانب الجيدة فيهما قبل طلاقهما.
سريعاً، ينكشف قلب الفيلم: "حكاية زواج" في فصلها الأخير، فيُثار فضولٌ لمعرفة سبب الطلاق، ما دام أنّ كلّ واحد منهما يحبّ الآخر إلى هذا الحدّ فلماذا الفراق؟ مع تتالي الأحداث، تتّسع الصورة، التي لن يكون الحبّ فيها كافياً، والحياة أعقد بكثير.
أبرز مميّزات السيناريو الرائع، الذي كتبه نواه باومباخ، عدم انحيازه بشكل مُطلق إلى أحد الطرفين، طول مدّة أحداث الفيلم. فهو يعطي "نيكول" و"تشارلي" مساحة واسعة للتعبير عن مشاعرهما إزاء تلك العلاقة، ويتعمّد ألا تكون هناك حادثة واضحة تُفسِّر ما هما فيه الآن. لكنّ، هناك تفاصيل وأسئلة وتراكمات ممتدّة على أعوام طويلة من علاقة كلّ واحد منهما بالآخر، تماماً كما في أفلام رومانسية قيّمة مؤخّراً، كـ Blue Valentine الذي أنجزه ديريك سيانفرانس عام 2010، و:"لا لا لاند" (2016) لداميان شازيل، لا يكون الحبّ فيها إشكالية جوهرية داخل العلاقة.
السؤال متعلّق بتأثير العلاقة على وجود الفرد، وما إذا كان سيختار ذاتيّته أم علاقته العاطفية مع شريك يحبّه؟ باومباخ يُبقي هذا الخطّ قائماً طول الوقت، فلا يتولّد شكٌّ بأنّ الطرفين يحبّ أحدهما الآخر. لكن، إذا كان ثمن حبّ "نيكول" محو هويتها في فنّ "تشارلي" وسيطرته، وإذا كان ثمن حبّه لها تخلّيه عن مشاريعه ومسرحه، والذهاب إلى مدينة أخرى، وعيش حياة غير التي يريدها، فهل يقدر أيّ منهما على دفع هذا الثمن، أو الاستمرار في دفعه، من أجل العلاقة والحبّ؟
من هذه الأسئلة، تتوالد تعقيدات أكبر لها علاقة بالابن، وبنظام الطلاق في الولايات المتحدة الأميركية، وبالتعامل غير "الآدميّ" من المحامين مع الأزواج، للخروج بأكبر مكاسب ممكنة. بهذه بالخطوط، يأخذ الفيلم مساحته على الشاشة الكبيرة، لكنْ، في القلب هناك دائماً شيء مؤثّر عن شخصين يحبّ أحدهما الآخر، لكنهما لا يقدران على الاستمرار معاً، لأن ذلك يعني تنازلاً عن جزءِ مهمّ من الوجود الفردي لكلّ واحد منهما. في الفيلم لحظات مؤثرة تُظهر، لصدقها وخصوصيتها، أنّ صانع العمل عاشها.
اقــرأ أيضاً
اللافت للانتباه أنّه، بعد مرور 14 عاماً، أخرج باومباخ Marriage Story، المرتكز على قصّة ذاتية أخرى، تخصّ طلاقه هو نفسه، هذه المرة، من الممثلة جينيفر جايزون لي، صانعاً أنجح أفلامه إطلاقاً، وربما أحد أهم أفلام العلاقات في العقدين الأخيرين.
يبدأ باومباخ فيلمه هذا بشكل مباشر وسريع. تتابع صوتي طويل على "فوتومونتاج"، يتحدّث فيه الزوجان، الممثلة "نيكول" (سكارليت جوهانسن) والمخرج المسرحي "تشارلي" (آدم درايفر) عمّا يحبّ كل واحد منهما في الآخر، ما يُثير شعوراً بأنّهما سعيدان للغاية، قبل اكتشاف أنّه جزء من تمرين كلّفهما به أخصائي العلاقات، ليتذكّرا الجوانب الجيدة فيهما قبل طلاقهما.
سريعاً، ينكشف قلب الفيلم: "حكاية زواج" في فصلها الأخير، فيُثار فضولٌ لمعرفة سبب الطلاق، ما دام أنّ كلّ واحد منهما يحبّ الآخر إلى هذا الحدّ فلماذا الفراق؟ مع تتالي الأحداث، تتّسع الصورة، التي لن يكون الحبّ فيها كافياً، والحياة أعقد بكثير.
أبرز مميّزات السيناريو الرائع، الذي كتبه نواه باومباخ، عدم انحيازه بشكل مُطلق إلى أحد الطرفين، طول مدّة أحداث الفيلم. فهو يعطي "نيكول" و"تشارلي" مساحة واسعة للتعبير عن مشاعرهما إزاء تلك العلاقة، ويتعمّد ألا تكون هناك حادثة واضحة تُفسِّر ما هما فيه الآن. لكنّ، هناك تفاصيل وأسئلة وتراكمات ممتدّة على أعوام طويلة من علاقة كلّ واحد منهما بالآخر، تماماً كما في أفلام رومانسية قيّمة مؤخّراً، كـ Blue Valentine الذي أنجزه ديريك سيانفرانس عام 2010، و:"لا لا لاند" (2016) لداميان شازيل، لا يكون الحبّ فيها إشكالية جوهرية داخل العلاقة.
السؤال متعلّق بتأثير العلاقة على وجود الفرد، وما إذا كان سيختار ذاتيّته أم علاقته العاطفية مع شريك يحبّه؟ باومباخ يُبقي هذا الخطّ قائماً طول الوقت، فلا يتولّد شكٌّ بأنّ الطرفين يحبّ أحدهما الآخر. لكن، إذا كان ثمن حبّ "نيكول" محو هويتها في فنّ "تشارلي" وسيطرته، وإذا كان ثمن حبّه لها تخلّيه عن مشاريعه ومسرحه، والذهاب إلى مدينة أخرى، وعيش حياة غير التي يريدها، فهل يقدر أيّ منهما على دفع هذا الثمن، أو الاستمرار في دفعه، من أجل العلاقة والحبّ؟
من هذه الأسئلة، تتوالد تعقيدات أكبر لها علاقة بالابن، وبنظام الطلاق في الولايات المتحدة الأميركية، وبالتعامل غير "الآدميّ" من المحامين مع الأزواج، للخروج بأكبر مكاسب ممكنة. بهذه بالخطوط، يأخذ الفيلم مساحته على الشاشة الكبيرة، لكنْ، في القلب هناك دائماً شيء مؤثّر عن شخصين يحبّ أحدهما الآخر، لكنهما لا يقدران على الاستمرار معاً، لأن ذلك يعني تنازلاً عن جزءِ مهمّ من الوجود الفردي لكلّ واحد منهما. في الفيلم لحظات مؤثرة تُظهر، لصدقها وخصوصيتها، أنّ صانع العمل عاشها.
لكنّ أيّا منها لم يكن ليحقّق هذا الأثر العاطفي من دون الأداء الاستثنائي لسكارليت چوهانسون وآدم درايفر، المرشّحين الأبرز للفوز بجائزتي "أوسكار" أفضل تمثيل عن دوريهما في "قصّة زواج". كلّ واحد منهما يندمج في شخصيته تماماً، ويتوحد معها. تؤدّي جوهانسن دورها بعاطفه خارجية طافحة، وقلّة ثقة تظهر في حوارها وحركة جسدها؛ ودرايفر شخص كتوم، أقلّ إظهاراً للمشاعر، ويُدرك المأساة التي تحدث ببطء شديد. حين ينفجر كلّ شيء، قبيل النهاية، في لحظة المواجهة الوحيدة بينهما، يمنحان السينما مشهداً للذكرى، يعبّر عن قيمة الفيلم نفسه كعملٍ ناضج عن العلاقات البشرية.