"فيسبوك"... مصيدة إسرائيلية لإدانة الفلسطينيين

09 يناير 2016
يحاول الفلسطينيون الالتفاف على الرقابة الإسرائيلية (Getty)
+ الخط -
يواجه الفتى القاصر الأسير محمد مصطفى مرقصطو (15 عامًا) من سكان بلدة القدس القديمة، إدانة له في المحاكم الإسرائيلية بسبب منشورات له على حسابه على "فيسبوك"، بعدما فشل المحققون الإسرائيليون في إدانته بتنفيذ عملية طعن، حينما اعتقل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحجة حيازته كيسًا بداخله سكين، لدى تواجده في مدينة القدس المحتلة، حيث أدرجت له لائحة اتهام تضمنت "حيازته على سكين، وتهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي".

ويؤكد محامي مرقصطو، مفيد الحاج لـ"العربي الجديد"، أن محققي الاحتلال بعدما فشلوا في إلصاق تهمة حيازة سكين لمحمد رصدوا له منشورات وطنية على حسابه في "فيسبوك" قد ينشرها أي مواطن فلسطيني، وهو ما اعتبره المحققون "يدل على نيته القيام بعملية طعن"، ونسوا التهمة الرئيسة لاعتقاله وهي حيازة سكين.

تهم إلكترونية
ويراقب الاحتلال الفلسطينيين من خلال وحدة "سايبر" التي أنشئت في العام 2014، والتي يقوم عناصرها بمتابعة حسابات الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً "فيسبوك" و"تويتر" إلى جانب الفيديوهات التي يرفعونها على موقع "يوتيوب"، ضمن آليات محددة منها إضافة الأشخاص المراقبين من خلال حسابات وهمية، ثم تقدم منشورات الفلسطينيين المشتبه
بها للمحققين الإسرائيليين، ليستندوا إليها في جلسات التحقيق، وخاصة بعدما اعتبر الاحتلال أن مواقع التواصل الاجتماعي سبب مباشر لتفعيل الهبة الجماهيرية الحالية.

ولا تتردد قوات الاحتلال باعتقال من تشتبه بوجود خطر من منشوراته في "فيسبوك" على الإسرائيليين، كرادع وفعل وقائي، حيث حول بعضهم إلى الاعتقال الإداري، أما من أدين منهم بمنشوراته فقد يصل حكمه إلى 15 شهرًا بحسب نوعية المنشورات، كما أفرج عن بعضهم بشروط.

مسؤولة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني أماني السراحنة، تؤكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن محققي الاحتلال يستخدمون حسابات الأسرى الفلسطينيين على "فيسبوك" كجزء من أساليب التحقيق معهم، وخاصة في حال فشل المحقق في إدانة الأسير.

ووثقت جهات حقوقية فلسطينية عشرات الحالات، رصدت فيها قيام سلطات الاحتلال بمحاولة إدانة أو إدانة المعتقلين الفلسطينيين من خلال "فيسبوك"، ضمن ما يدعيه الاحتلال بأنه "تحريض"، والذي يشمل التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الإعلام أو في التظاهرات.

اقرأ أيضاً: محمد القيق في سجون الاحتلال... التهمة: صحافي

يستنطقون النوايا

في غرف التحقيق الإسرائيلية، يحاول محققو الاحتلال التحليل الربط بين مدى نشاط المعتقل وبين تفاعل أصدقائه مع صفحته الخاصة على "فيسبوك" من أجل إدانته، ويركّزون ويرصدون
فاعلية حسابه على "فيسبوك"، وكم حاز إعجابًا وتعليقًا كبيرين، لإدانته بأنه ناشط، كوسيلة ضغط على المعتقل لانتزاع اعترافاته.

مراقبة نوايا الفلسطينيين على "فيسبوك"، طاولت الفتاة القاصر تمارة أبو لبن من القدس المحلتة، التي اعتقلت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد كتابتها كلمة "سامحوني" على حسابها على "فيسبوك"، وخشيت منه سلطات الاحتلال بأنه قد يكون لديها نية بتنفيذ عملية ضد أهداف إسرائيلية، حيث احتجزتها مدة يوم، وأفرجت عنها مقابل كفالة مالية، وحبس منزلي مدة خمسة أيام، وفق ما أوضح محاميها طارق برغوث لـ"العربي الجديد".

وتندرج غالبية التهم الموجهة للشبان الفلسطينيين في هذه الهبة الجماهيرية، ما بين العمل ضمن إطار نقابي أو سياسي، في ما تحاول سلطات الاحتلال كسر إرادة أولئك الشباب وفاعليتهم حتى عن طريق الكتابة.
عبد الله الزغاري المتحدث باسم نادي الأسير الفلسطيني اتهم في حديث مع "العربي الجديد" ضباط المخابرات الإسرائيلية "الشاباك" بأنهم عصابة متكاملة مع القضاة، إذ يحاولون إدانة الفلسطينيين بما توفر لديهم من معلومات، من خلال حسابات المعتقلين على "فيسبوك" ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى.

تنظيمات وهمية عصرية

تسعى مخابرات الاحتلال لتوريط الشبان الفلسطينيين، ومعرفة رغباتهم ونيتهم للقيام بأنشطة
مقاومة ضد أهداف إسرائيلية قبيل حدوثها، من خلال ما يعرف بالتنظيمات الوهمية، إذ يقول فؤاد الخفش مدير "مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان" في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هذه التنظيمات الوهمية طورت عملها ونشاطها، وبدأت تعمل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، بادعاء أنها تريد تنظيم مقاومين، ما يتوجب على الشباب الفلسطيني الحذر".

والتنظيمات الوهمية "مجموعات تشكلها مخابرات الاحتلال يكون قائدها ضابط مخابرات إسرائيلي، ينشئ مجموعات عسكرية أو سياسية، ويسند مهام معينة لأفراد المجموعة التي يرأسها، ومنهم من ينظم عناصر آخرين يكونون ضحية للمخابرات الإسرائيلية بأيد فلسطينية دون معرفتهم، ظنًا منهم أن قائد المجموعة قيادي مقاوم، في حين يتم استهداف أحد أعضاء الخلية أو الخلية جميعها بالاعتقال أو الاغتيال، كما حدث في مرات عدة بانتفاضة الأقصى الثانية".

اقرأ أيضاً: الإعلام العربي واقتباس "ديبكا" الإسرائيلي

فاعلية الإعلام الاجتماعي بمواقع مراقبة

في معركة المواجهة مع الفلسطينيين، يستغل الاحتلال كل شيء من أجل إدانة الفلسطينيين، ويوظف كل ما تطاوله يده في المحاكمات، ما يتوجب على الفلسطينيين معرفة كيفية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وتوظيفها بشكل فاعل.

ويشدّد أستاذ الإعلام في جامعة القدس، مأمون مطر، خلال حديثه مع "العربي الجديد" على ضرورة تجنب نشر الخصوصيات على أي وسيلة إعلام، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي لأنها مراقبة، خاصة بوجود مبالغة في ردود الفعل تجاه الأحداث، قد توقع الشباب الفلسطيني بأخطاء لم يرتكبوها، لنقص توجيههم بالاستخدام الأمثل لها، لذا يجب التدقيق قبل النشر.

وحول أهمية مواقع التواصل بخدمة القضية الفلسطينية، يقول مطر، إن "أقوال الرأي إذا لم يكن لها ضرورة فلا بد من الاعتدال بها، لكن الأهم هو نقل الحقيقة كما هي، لأن الكثير من المنشورات تضر بالقضية الفلسطينية وقد تضر أشخاصًا بعينهم، ما يتطلب رؤية فلسطينية موحدة موجهة المحتوى، مبنية على معلومات وحقائق، وليست معلومات عاطفية".

ما قبل الهبة الجماهيرية

تشمل مراقبة الاحتلال لنشاط الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي كل الفلسطينيين من دون استثناء، في القدس المحلتة والضفة الغربية، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ويحصل ذلك منذ ما قبل الهبّة الجماهيرية الأخيرة. إذ تمّ اعتقال أكثر من ناشط فلسطيني بسبب منشور له على "فيسبوك" أو بسبب تغريدة على موقع "تويتر". إلا أن ذلك لم يمنع الناشطين من استكمال تدرويناتهم التي تفضح بشكل أساسي جرائم وانتهاكات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. وباتت أيضاً تستخدم لتوثيق التاريخ الفلسطيني أمام محاولات محوه من قبل الاحتلال.


اقرأ أيضاً: الإذاعات الفلسطينيّة تفضح الاحتلال... فيستهدفها
المساهمون