ويعدّ ملف السجون العراقية من أخطر الملفات في البلاد، وسط اتهامات للحكومات المتعاقبة بزجّ آلاف المعتقلين فيه بتهم كيدية ودوافع سياسية.
وفي السياق، قالت مقررة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، وحدة الجميلي، في مؤتمر صحافي عقدته في مبنى البرلمان مساء أمس الخميس، إنّ "المعتقلين في سجون وزارة العدل، وسجون وزارتي الدفاع والداخلية، وجهازي مكافحة الإرهاب والمخابرات، وسجون الحشد الشعبي والأمن الوطني، أدينوا باعترافات انتزعت نتيجة ممارسات لا إنسانية ولا أخلاقية تحت التعذيب داخل أقسام التحقيق في الشرطة"، مبينة أنه "تمت إدانة هؤلاء نتيجة تلك الاعترافات بعقوبات وصلت إلى الإعدام أو السجن المؤبد".
وشدّدت على أنّ "أغلب الذين أدينوا هم من الأبرياء وهم بنسبة 80% من عدد السجناء"، متابعة: "نحن على دراية تامة وكل الجهات السياسية والمنظمات الدولية والمدنية، بأنّ هؤلاء أبرياء".
ودعت إلى "إعادة التحقيق والمحاكمة قضائياً لإنصاف هؤلاء الضحايا"، مناشدة المرجعيات الدينية والسياسية والحكومية ورئيسي الحكومة ورئيس البرلمان بـ"تعديل قانون العفو العام".
ويأتي ذلك في وقت تمنع فيه وزارة العدل العراقية، لجان حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الأخرى، من زيارة السجون، إذ إنّها لا تمنح الإذن لأي جهة كانت.
مسؤول عراقي في مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أكد لـ"العربي الجديد" تسلم ما وصفه تركة ثقيلة من الحكومات السابقة ومنها ثقافة التعذيب داخل السجون، مقرّاً بوقوع حالات تعذيب شديدة أفضت إلى الموت في الأشهر الماضية، وهناك تحقيقات مع المتورطين بها، وهي جزء من آفة الفساد الكبيرة في البلاد.
ولفت إلى أن وزارة العدل بصدد القيام بإصلاحات عاجلة في هذا الإطار، بما يضمن وقف عمليات التعذيب وابتزاز السجناء وإبعاد الضباط والعناصر التي اعتادت التعذيب.
وأشار إلى أنّ "الملف لا تتحمله الحكومة وحدها، بل حتى السلطة القضائية والجهات الرقابية"، مؤكداً "وجود آلاف الأحكام التي بنيت وفقاً لاعترافات تحت التعذيب".وشدّد على أنّ "هذا الملف بحاجة إلى تدخل من قبل منظمات حقوقية دولية لوقف تلك الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان".
مركز بغداد لحقوق الإنسان قال في بيان له، إنّ السلطات العراقية لم تُقدم على أي خطوة جدية في سبيل مواجهة ظاهرة التعذيب في سجون البلاد، مؤكداً أن الحكومة العراقية لا تكترث لاستمرار جرائم التعذيب، بعد أن شملت مرتكبي جرائم التعذيب بقانوني العفو العامّين لعامي 2008-2016، وبذلك أسقطت كل حقوق ضحايا جرائم التعذيب منذ 2003 إلى 2016، وأفلت مرتكبوها من العقاب، وهو ما كان تشجيعاً وحماية لمرتكبي تلك الجرائم، معتبراً أن ظاهرة التعذيب باتت متفشية في سجون التحقيق ومرافق الاحتجاز في العراق.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد كشفت قبل شهرين، عمليات تعذيب يمارسها ضباط عراقيون بأحد مراكز الاحتجاز في مدينة الموصل، مؤكدة إرسال تقرير تفصيلي بالوقائع إلى الحكومة العراقية، لكنّها لم تتخذ أي إجراء إزاء ذلك.