"فرْنسة" التعليم في المغرب تثير جدلاً

24 مارس 2015
التوصية بجعل الفرنسية لغة المناهج من الابتدائي للبكالوريا (Getty)
+ الخط -

أثار اعتزام المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في المغرب، تضمين تقريره الاستراتيجي المزمع رفعه إلى الملك محمد السادس قراراً بضرورة "فرْنسة" جميع المناهج التعليمية، واعتماد الفرنسية لغة للتدريس في مختلف المستويات الدراسية، جدلاً داخل البلاد بين مؤيدي القرار ومعارضيه.

ويتضمن تقرير المجلس الذي يترأسه مستشار الملك، عمر عزيمان، توصية بضرورة "فرْنسة" جميع المناهج التعليمية، من خلال اعتماد اللغة الفرنسية في جميع مستويات المدرسة المغربية من الأول الابتدائي إلى البكالوريا، بينما سيكون متاحاً أمام الجامعات اعتماد ما تراه من لغة مناسبة للتدريس.

الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في المغرب، وهو منظمة غير حكومية تناهض التيار الفرانكوفوني بالمملكة، أدان توصية المجلس الأعلى للتعليم فرض اللغة الفرنسية في جميع مراحل التعليم ابتداءً من السنة الأولى الابتدائية، معتبراً ذلك هيمنة لهذه اللغة على العربية والأمازيغية، اللغتين الرسميتين للمغرب وفق دستوره.

وأفاد الائتلاف، المكوّن من الكثير من الجمعيات، ضمن بيان وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، بأن موقف المجلس الأعلى للتعليم يعدّ "تنكراً للشروط الموضوعية التي أفرزت النقاش اللغوي في المجتمع، وانقلاباً مكتمل الأركان على التوافق الذي تمثّل في الدستور، وتراكمات النقاش المجتمعي والأكاديمي".


وشدد رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، فؤاد بوعلي، على أن "اللغة العربية في المغرب تعتبر خطاً أحمر"، باعتبار أن "أي مساس بوضعها كلغة رسمية للدولة يعني مساً بالوجود الوطني للدولة والمجتمع، وهو ما لن يسمح به المغاربة"، وفق تعبيره.

وأبدى رئيس الائتلاف رفضه المطلق لما سماه "كل محاولة انفرادية لفرض الفرنسية على التعليم المغربي، ورهن مستقبل المغرب وأبنائه للغة صارت خارج سياق المعرفة، وتزيد من التخلف العلمي والأكاديمي، من أجل مصالح فئوية وأيديولوجية ضيقة فقط".

ووصف بوعلي الانتصار للغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى مهيمنة على جميع مستويات التعليم في البلاد، وتفضيلها على اللغة الإنجليزية التي توسم بلغة العلم والعصر، يشير إلى "غلبة اللوبي الفرانكوفوني في المملكة، خدمة لأجندة ومشاريع الاستعمار الجديد" على حد قوله.

ودعا الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، من سماهم "فضلاء الوطن ونخبته" إلى مزيد من "اليقظة والتعبئة لقطع الطريق أمام كل محاولات النكوص عن مسار التعريب ومغربته"، في سبيل "إحقاق المكانة اللائقة باللغتين الوطنيتين للمغاربة" وفق قوله.


ومن جهته اعتبر الناشط المدني، عبد الإله الخضري، هذا الخيار "انتكاسة حقيقية"، إذ كان من المفروض أن يعكس إرادة غالبية الشعب المغربي، وأن يراعي حقوق الأجيال المقبلة في أن يتم استبدال اللغة الفرنسية باللغة الإنجليزية، كونها أضحت لغة العالم بامتياز".

وعلى الطرف الآخر، يرى عضو المجلس الأعلى للتعليم وأبرز دعاة الفرانكوفونية في المغرب، نور الدين عيوش، أن مناهج التدريس في البلاد مدعوة للحفاظ على الفرنسية لغة أجنبية أولى، وتعميمها أيضاً على أوسع نطاق في المستويات التعليمية التي لا تُدرس فيها الفرنسية".

وعزا عيوش أهمية وجود اللغة الفرنسية في مقررات التعليم بالمغرب، وبقية مناحي الحياة في البلاد، إلى مدى تشابك العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة بين المغرب وفرنسا، وهيمنة هذه اللغة في المعاملات التجارية لرجال الأعمال المغاربة مع نظرائهم في فرنسا وأفريقيا خاصة.
لافتاً إلى أن "المغرب ملزم بالحفاظ في الوقت الراهن على اللغة الفرنسية على رأس اللغات الأجنبية التي يتعامل بها، فضلاً عن تدريسها في مختلف الأقسام الدراسية، لكونها لغة يتواصل بها أكثر من 30 دولة في العالم" على حد تعبيره.

ويعتبر المجلس الأعلى للتربية مؤسسة رسمية مستقلة مادية ومعنوية، وزارة التعليم في المغرب، حيث يتأسس عمله بتكليف من الملك ويرفع توصياته إليه مباشرة.
وجدير بالذكر أن الحكومة التي يترأسها عبد الإله بنكيران، سبق لها في أغسطس/آب 2013،
أن أصدرت قانوناً ينظم عمل المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وذلك بعد خطاب العاهل المغربي في ذات الفترة، والذي انتقد فيه بشدة أداء ونتائج قطاع التعليم في المملكة.

اقرأ أيضاً:
الدولة المغربيّة تفكّر بالفرنسيّة
دعوات لإقالة وزير التربية المغربي.. لا يتحدث العربية
التعليم المغربي أمام تحدّيَين: التسرّب والأمازيغيّة
تجارب تعليمية في المغرب

المساهمون