لا يزال المفكر الفرنسي ميشيل فوكو (1926 -1984) يشغل الناس رغم مرور قرابة ثلاثة عقود ونصف على رحيله. من جهة، هناك استدعاء منتظم لمفاهيمه وأطروحاته لفهم قضايا معاصرة في السياسة والثقافة والمجتمع والعلوم، وتواصل الاشتغال على مخطوطاته، وكان قد صدر الجزء الرابع من كتابه "تاريخ الجنسانية" منذ سنتين، من جهة أخرى. إنه ببساطة يبدو كأنه على قيد الحياة.
مبادرة أخرى سترسّخ حضور فوكو في الحياة المعاصرة هي إطلاق موقع بعنوان "فري فوكو"، مؤخراً، سوف يتضمّن تسجيلات صوتية لصاحب "تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي".
يعتمد الموقع على محاضرات فوكو في "كوليج دو فرانس"، أحد أبرز المؤسسات المعرفية في فرنسا وأكثرها نخبوية، وبذلك فإن الموقع يتيح دمقرطة للمادة المعرفية التي قدّمها فوكو كدروس في "كوليج دو فرانس"، وهو ما يؤكّد عليه العنوان.
المشرفون على الموقع هم جماعة فكرية يطلقون على أنفسهم اسم "les écrevisses" (جراد المياه العذبة) قد أشاروا إلى أن الموقع لا يلتزم بأي قواعد تعيق انتشار المعرفة، ما يعني أن "فري فوكو" لا ينتظر أيّة موافقة من مؤسسة "كوليج دو فرانس"، حتى ولو وجدت حقوق ملكية لهذه المحاضرات.
وجاء في بيان تقديم الموقع أن "فري فوكو يمثّل منصّة مضادة للمركزية، وغير قابلة للتفاوض في ما يخصّ الرقابة على مادة معرفية". كما أضاف المشرفون: "نعتقد أن فوكو كانت ستعجبه فكرتنا لو عُرضت عليه".
يُذكر أن فوكو التحق بـ"كوليج دو فرانس" سنة 1970، وتشمل المحاضرات التي سيقدّمه الموقع الفترة بين 1972 و1984، وهي الفترة التي تمثّل في آن مرحلة النضح المعرفة، ومرحلة الاعتراف والنجومية الفكرية.