"فرعون" في المونديال... حكاية 90 مليون قلب

15 يونيو 2018
مصر في مونديال 2018 (العربي الجديد)
+ الخط -
تأهلت مصر إلى مونديال روسيا 2018 بعد غياب دام 28 سنة. أعاد النجم محمد صلاح الفرحة إلى قلوب جميع المصريين. سيحضر منتخب "الفراعنة" في بطولة كأس العالم وسيُقاتل من أجل تسجيل مفاجأة، كما سبق له وأن قاتل في يوم الثامن من شهر أكتوبر/تشرين الأول المجيد أمام الكونغو. هذا اليوم الذي صنعت مصر فيه التاريخ وانضم "فرعون" إلى المونديال بعد أن هتف له 90 مليون قلب.


يوم للتاريخ
نعم إنه في يوم الثامن من شهر أكتوبر/تشرين الأول، أشرقت الشمس على مصر وبدأت الأعلام تُرفرف في الساحات والشوارع والمقاهي من ساعات الصباح الأولى. رجل مسن وضع وشاح العلم المصري. أطفال غزوا الشوارع احتفلوا بقمصان المنتخب المصري وانتظروا بشغف غروب الشمس. شباب وصبايا ذهبوا إلى العمل والعين على ملعب برج العرب في الإسكندرية فقط ولا شيء سواه.

اللاعبون في الفندق ينتظرون بفارغ الصبر مرور الساعات والدقائق التي طال انتظارها. لاعبون عاشوا لأول مرة هكذا لحظات وحملوا على أكتافهم مسؤولية كبيرة عمرها 28 سنة كاملة. تجمعوا في الغرف وبهو الفندق وتحدثوا عن المباراة التاريخية. وفي الخارج 90 مليون مصري يهتفُ لهم ويُحفزهم من أجل صناعة التاريخ في 90 دقيقة غيرت التاريخ.

هو يوم مجيد للكرة المصرية. هو يوم تاريخي لـ 90 مليون مصري وقفوا يداً واحدة إلى جانب 11 لاعباً من أجل تحقيق الحلم. انتهت التحضيرات وحانت ساعة الحقيقة. 75 ألفا في المدرجات. أعلام حمراء تُرفرف من على كل بيت مصري. من هنا المقاهي محتشدة والساحات ممتلئة ومن هناك عائلة تجلس أمام التلفاز تُقاتل من أجل النصر التاريخي. كل شيء أصبح جاهزا للمعركة الأخيرة التي لن يخرج فيها الجبان منتصراً. أطلق الحكم صافرته ومرر صلاح الكرة لزميله وبدأت حكاية 90 مليون قلب...

حكاية 27 دقيقة
توتر منذ البداية. ضغط كبير على اللاعبين المصريين من 75 ألف متفرج في مدرجات ملعب "برج العرب". صلاح يُشعل الملعب مع كل لمسة هنا وهمسة هناك. هجمة من هناك وكرة من هناك، خطأ داخل المنطقة واحتكاك بين لاعب مصري وآخر كونغولي. مرت أول 45 دقيقة وقلوب 90 مليون مصري تدقُ بسرعة وتنتظر حدوث المعجزة.

إنها الدقيقة 63 من المباراة. مرت كرة من فوق مدافع الكونغو. انفرد محمد صلاح وبلمسة واحدة غير كل شيء في المدرجات وجن جنون المصريين. مصر 1 والكونغو صفر. 75 ألف متفرج رقصوا فرحاً ورفعوا الأعلام المصرية في السماء وهتفوا عالياً: "مصر مصر مصر". مرت الدقائق صعبة على أكثر من 90 مليون مصري إلى حين الدقيقة 88. عندها توقف كل شيء، توقف الوقت، توقف القلب وانتهى الحلم. مصر 1 والكونغو 1.

قلق على الوجوه. دموع الكبار والصغار. الأيادي على الرؤوس. خوف وترقب. لا يمكن وصف شعور المواطن المصري في هذه اللحظات وكأنه دخل نفقا مظلما لثلاث دقائق لا يعرف إن كان سيخرج منه سالماً. لكن مهلاً ربما ما حدث بعد ذلك هو جزء من رواية "هيتشكوكية" أو معجزة لم يتوقعها أحد وكان البطل هو النجم الأول والأخير محمد صلاح.


إنها الدقيقة (90+2). كرة عرضية إلى داخل منطقة الجزاء وعرقلة من لاعب الكونغو وفجأة ركلة جزاء لمصر. لا يمكن وصف تلك اللحظة ولو حتى بمليون كلمة وذلك لأن 90 مليون مصري جن جنونهم وعاد الحلم من جديد بعد أن كان أقرب إلى المستحيل. وضع صلاح الكرة على نقطة الجزاء. تراجع إلى الخلف أمتارا وتراجعت معه قلوب المصريين خوفاً من اهدار ركلة الحلم. سدد صلاح وهز الشباك وأصبحت مصر في كأس العالم وبعد ذلك لا تسألوا عن كيفية احتفال الشعب المصري...

هي حكاية 23 دقيقة غيرت كل شيء في مصر. هو يوم مجيد ربما لن يتكرر إلا بعد سنوات. هو يوم صنع فيه محمد صلاح كل شيء وأسعد قلوب المصريين. هي حكاية قلب مصري سُمعت دقاته السريعة طوال يوم كامل. وباختصار هي حكاية 90 مليون قلب هتف من أجل مصر ولا شيء غير مصر...

المساهمون