"غصن الزيتون": حصار عفرين لإخراج المقاتلين الأكراد

أحمد حمزة

avata
أحمد حمزة

باسم دباغ

avata
باسم دباغ
20 يناير 2018
CD416611-6E2E-4831-92BC-576502FFA89F
+ الخط -
لم يكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يعلن بدء عملية الجيش التركي ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية في عفرين شمال غرب محافظة حلب السورية، حتى شنّت الطائرات التركية غارات على مواقع للمسلحين الأكراد في منطقة جلمة جنوب عفرين، فيما كانت مجموعات تابعة إلى الجيش السوري الحر تتجه إلى المنطقة، بعد دخولها من كيليس الحدودية. بذلك تكون حرب عفرين قد انطلقت فعلياً، بعدما سبق لها أن بدأت "نظرياً" بقصف مدفعي مكثف قبل يومين بهدف واضح: إخراج مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي من عفرين ومن محيطها، من دون اجتياح بري للمدينة.

وقالت مصادر، لـ"العربي الجديد"، إن العملية، التي أطلق عليها الجيش التركي اسم "غصن الزيتون"، ستتم تحت راية الجيش السوري الحر بدعم من القوات التركية، وإنها تختلف عن عملية "درع الفرات" (لذلك جرى إطلاق تسمية مستقلة لها، أي غصن الزيتون)، إذ إن القوات التركية ستنسحب من المنطقة بعد انتهاء العملية، مع ترجيح عدم شمول العملية مناطق مثل منغ وتل رفعت. وترجح المصادر فرض حصار على عفرين المدينة لا اقتحامها، وذلك بسبب وجود مئات آلاف المدنيين في المناطق التي قد تشهد المعارك، وصعوبة الميدان الجغرافي لها. ويبدو أن تركيا حصلت على ضوء أخضر روسي لإطلاق الهجوم ضد عفرين، مع إعلان وزارة الدفاع الروسية سحب جنودها (الشرطة العسكرية الروسية) من محيط مدينة عفرين.

وذكرت رئاسة الأركان التركية، في بيان، أنه "بدأت عملية غصن الزيتون في منطقة عفرين اليوم (أمس) في تمام الساعة الخامسة عصراً بالتوقيت المحلي، وذلك بهدف تحقيق الأمن والاستقرار لحدودنا في المنطقة، وأيضاً بهدف تحييد عناصر العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي وداعش، وإنقاذ الشعب الصديق والشقيق من ظلمهم". وأضافت أن "العملية تجري في إطار حقوق بلادنا النابعة من القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن حول مكافحة الإرهاب وحق الدفاع عن النفس المشار إليه في المادة 51 من اتفاقية الأمم المتحدة، مع احترام وحدة الأراضي السورية". وشددت على أن "عملية غصن الزيتون تستهدف الإرهابيين فقط، ويجري اتخاذ كل التدابير اللازمة للحيلولة دون إلحاق أضرار بالمدنيين".

وأعلن رئيس الأركان التركي، الجنرال خلوصي أكار، أنه "ستتم إدارة عملية غصن الزيتون من مقر الأركان العامة في أنقرة". وأطلع أكار نظيريه الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف، والأميركي الجنرال جوزيف دانفورد، هاتفياً على العملية وأهدافها النهائية. كذلك بحث غيراسيموف ودانفورد، في اتصال هاتفي، التطورات في سورية. وأجرى وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، مكالمة هاتفية مع نظيره الأميركي، ريكس تيلرسون، بناء على طلب الأخير، حيث جرت مناقشة العملية التركية في عفرين. وأكد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، أمس، أن "الجيش التركي بدأ العمليات الجوية ضد عفرين"، مضيفاً "ليست لدينا عداوة أو مشكلة مع أحد، نحن نريد أن يحل السلام وتسود الأخوة في المنطقة". واتهمت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، المدعومة من الولايات المتحدة تركيا، أمس السبت، باستغلال مزاعم بقصف عبر الحدود ذريعة لشن هجوم في سورية. وحذرت "قسد"، في بيان، من "أنها لا تجد خياراً أمامها سوى الدفاع عن نفسها إن تعرضت على هجوم"، معتبرة أن "تهديد تركيا المفاجئ وغير المبرر بمهاجمة عفرين يغامر بعودة تنظيم داعش".



وبدأت عملية "غصن الزيتون" باستهداف الطائرات التركية مواقع تابعة إلى المسلحين الأكراد في منطقة جلمة جنوب عفرين. ومهّد القصف المدفعي، المتواصل منذ أيام، على مواقع الأكراد في عفرين الطريق أمام مجموعات من الجيش السوري الحر للتقدم في المنطقة. وذكرت وكالة "الأناضول"، أمس، أن "مدرعات وعناصر للجيش السوري الحر بدأوا بالتقدم من حدود ولايتي كيليس وهطاي التركيتين باتجاه مناطق في عفرين، عقب استهداف سلاح المدفعية التابع للقوات المسلحة التركية أهدافاً للتنظيم الإرهابي"، مشيرة إلى أن "وحدات الجيش السوري الحر لم تواجه أي مقاومة من قبل التنظيم حتى الآن (مساء أمس)". وكان قصف المدفعية التركية لمناطق تُسيطر عليها "وحدات حماية الشعب" الكردية بمحيط عفرين، قد تجدّد منذ فجر أمس السبت، بعد هدوء لساعات خلال ليل الجمعة، وطاول شمال وشمال شرق ناحية عفرين، ومواقع أخرى قرب بلدة تل رفعت. وتزامن ذلك مع دفع الجيش التركي لمزيد من التعزيزات العسكرية، نحو الشريط الحدودي المقابل لعفرين، في حين أظهرت تسجيلات مصورة، وأكدت مصادر ميدانية، مواصلة مجموعات من "الجيش السوري الحر" استعداداتها قرب مدينة إعزاز شرق عفرين، للمشاركة في العملية العسكرية التركية.

وبعد يومين من حديث وزير الدفاع التركي، نور الدين كانيكلي، عن أن عملية بلاده العسكرية "بدأت" فعلياً في عفرين، من خلال القصف المدفعي، قال أردوغان، أمس، إن "عملية عفرين بدأت فعلياً على الأرض، وستتبعها مدينة منبج"، مضيفاً أن "تركيا لن تكون في أمان ما دامت سورية غير آمنة". وأشار أردوغان، في خطاب في مدينة كوتاهية غرب وسط البلاد، إلى أن "من يخططون للعبة في سورية من خلال تغيير اسم التنظيم الإرهابي ويعتقدون أنهم يتمتعون بالدهاء، (أقول لهم) الاسم الحقيقي لذلك التنظيم هو حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي". وقال، في إشارة إلى تطمينات أميركية سابقة بأن "وحدات حماية الشعب" الكردية ستنسحب من عفرين، "لم يتم الإيفاء بالوعود التي قطعت لنا بشأن منبج. فلا يمكن لأحد أن يعترض على قيامنا بما يلزم". وأضاف "سنقوم لاحقاً بالتدريج بتنظيف بلدنا حتى الحدود العراقية من هذه القذارة الإرهابية التي تحاول محاصرتنا". وأكد أن أنقرة ستدمر "خطوة بخطوة" ما وصفه بـ"الممر الإرهابي" الذي أقامته "الوحدات" الكردية. وكانت رئاسة الأركان التركية قد أعلنت في بيان لها أمس السبت، أن القوات التركية المسلحة ردت على نيران أطلقها المسلحون من عفرين، في ريف محافظة حلب السورية. كذلك نقلت وكالة "الأناضول"، عن رئاسة الأركان العامة التركية أنه تم "تحييد 20 إرهابياً من منظمة حزب العمال الكردستاني، خلال أسبوع من العمليات المستمرة جنوب شرقي تركيا، وشمالي العراق".

وتبدو حسابات تركيا في هذه العملية العسكرية أكثر تعقيداً من عملية "درع الفرات" التي بدأت في 24 أغسطس/ آب سنة 2016، ضد تنظيم "داعش" بريف حلب الشرقي، وسيطرت خلالها القوات المشاركة في العملية على مدن، أهمها جرابلس، فالراعي وبعدها مدينة الباب، وعشرات البلدات والقرى الممتدة على طول 90 كيلومتراً من الشريط الحدودي السوري - التركي، وبعمق يصل إلى 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية. وتبدو الحسابات في هذه العملية العسكرية أكثر تعقيداً، لجهة التضاريس الجغرافية الجبلية في ضواحي عفرين، وكثافة أعداد المدنيين المقيمين في تلك المدينة، وفي ما يقارب 350 قرية حولها، فضلاً عن أن المواجهة مباشرة هذه المرة، ضد "الوحدات" الكردية، المدعومة من واشنطن، التي "حثت" الجانب التركي على تجنب عمل عسكري في عفرين، وهو ما كان ورد على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، قبل ثلاثة أيام، عندما دعت "الأتراك إلى عدم الإقدام على أي أفعال من هذا النوع. لا نريدهم أن ينخرطوا في عنف، وإنما نريدهم أن يواصلوا التركيز على تنظيم داعش". على الرغم من ذلك، فإن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، أريك باهون، أشار لاحقاً إلى أن واشنطن وأنقرة متحالفتان، ولن تتسبب عملية عفرين بفوضى، أو انهيار علاقات البلدين. وكان تيلرسون قد حاول نزع فتيل التوتر مع أنقرة، الذي اشتعل إثر إعلان واشنطن تأسيس "قوة حدود" عمادها "الوحدات" الكردية في سورية. وقال إن بلاده لا تعتزم إنشاء "قوة الحدود"، و"هذا أمر تم تصويره وتعريفه بأسلوب خاطئ، وبعض الأشخاص تحدثوا بطريقة خاطئة".

وفيما تشي هذه المواقف الأميركية بضبابية تتأرجح بين تطمين أنقرة تارة وإظهار تفهم أميركي للمخاوف التركية المتعلقة بأمنها القومي، وبين حضها تارة أخرى على عدم الخوض في عملية عسكرية في عفرين، فإن تركيا اتجهت نحو محاولة التوصل إلى تفاهم مع موسكو بهذا الصدد، وهو ما كان محور زيارة أكار ورئيس الاستخبارات التركية، حاقان فيدان، إلى موسكو قبل يومين، وعقدهما لقاءات مع المسؤولين هناك، أبرزهم وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، بالتزامن مع نفي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده سحبت جنودها الموجودين في عفرين. وأعربت موسكو، أمس، عن "قلقها" حيال إعلان تركيا بدء هجوم يستهدف عفرين. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن "موسكو قلقة حيال هذه المعلومات"، مضيفة "ندعو أطراف المواجهة إلى ضبط النفس".

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
المساهمون