"عهد الدم"... دراما الممثل الواحد

16 مارس 2020
يعتمد العمل على أداء الفنان باسل خياط (يوتيوب)
+ الخط -
نهاية الشهر الماضي، أطلقت منصة "شاهد" المسلسل العربي المشترك الجديد "عهد الدم"، الذي يجمع للمرة الأولى الكاتب السوري إياد أبو الشامات، مع المخرج المصري كريم الشناوي، إلى جانب مجموعة من النجوم السوريين واللبنانيين، أبرزهم: باسل خياط وندى أبو فرحات ورودني حداد ونادين تحسين بيك. يتكون المسلسل من عشر حلقات، تبثها منصة "شاهد" أسبوعياً، بمعدل حلقتين كل أسبوع.

تدور حكاية المسلسل حول سليم فياض، الرجل السوري الذي يعيش مع عائلته في لبنان، ويملك شركة لتوزيع الأدوية تعاني من ضائقة مادية. خلال إحدى رحلات العمل، تصطدم شاحنته بسيارة تقودها ابنة تاجر المخدرات المعروف ببطشه، "كسار"، لتموت الفتاة إثر الحادث، فيسعى "كسار" إلى الانتقام لابنته من سليم، ويضعه أمام خيارين: إبادة عائلته بالكامل، أو العمل تحت إمرته قاتلاً مأجوراً، وهو الخيار الذي يسلكه سليم. لنتابع بعد ذلك حكاية الرجل الطيب الذي تحول إلى قاتل محترف.

وخلال الحلقات الأربع التي عُرضَت حتى اليوم، نجح باسل خياط في نقل حالة التوتر التي تعيشها الشخصية إلى المشاهدين، وتمكن من خلال قدراته التمثيلية العالية من أن يضبط إيقاع المسلسل، ولكن ذلك لا ينفي وجود بعض المشاكل الدرامية والأخلاقية في المسلسل، منها:

بعد أن يفتتح المسلسل أحداثه الرئيسية بحادثة السير، تنتاب جميع الشخصيات حالة من الذعر لمعرفتهم هوية الضحية، فهي ابنة تاجر مخدرات ومجرم معروف، يصول ويجول في البلد من دون حساب، وقد يكون من الممكن تقبّل ذلك لولا وجود الخط الدرامي المرتبط برجال الشرطة، الذين يسعون جاهدين إلى البحث عن دليل يدين المجرم صاحب الصيت الذائع، الذي وصل عدد ضحاياه في الحلقات الأربع الأولى إلى سبعة أشخاص، ليبدو صنّاع المسلسل راغبين في خلق أجواء بوليسية ترتبط بمافيا لها تقاليد، يعاهد زعيمها رجاله على "عهد الدم"، ولكنهم في ذات الوقت يرغبون في إعطاء أجهزة الدولة دوراً بطولياً، وأن يظهروا رجالها في أفضل صورة، لتنجم عن هذه التناقضات مهزلة درامية من العيار الثقيل.

لا يمكن إنكار قيمة باسل خياط كممثل، لكن جرعة التعاطف الكبيرة التي يتمكن من اكتسابها بشخصيته الجديدة تضعنا أمام إشكالية أخلاقية؛ فهو يتمكن من تبرير القتل وتسويغ العنف، من خلال إقناع المشاهد بأنه يتخذ الخيار الوحيد والأفضل له ولعائلته! وفي ظل غياب أي ممثل آخر في المسلسل قادر على تبرير وجهة نظر مناقضة لذلك، فإن الرسالة التي نستخلصها من المسلسل تبدو بغاية الخطورة، وهي: إن خُيِّرتَ بين أن تكون مجرماً أو ضحية، فعليك أن تكون المجرم.

أما المشكلة الأبرز في المسلسل درامياً، فهي تكمن في المشاهد التي يغيب عنها باسل خياط، والتي يبدو معظمها مجرد حشو، ونسبة كبيرة منها غير مقنعة أبداً، كما هو الحال في مشاهد صراعات المافيا، التي تبدو هزيلة بأدائها، وسطحية بحواراتها، ولا ترتقي أبداً إلى الحساسية الكامنة في الصراع الرئيسي في المسلسل، أي الصراع الداخلي الذي يعيشه باسل خياط. وقد تكون مشاهد الممثلة الشابة، ليا مباردي، هي المشاهد الوحيدة التي تستحق المتابعة، بغياب نجم المسلسل الأوحد.
دلالات
المساهمون