لا يكاد المواطن جبر أبو رجيلة ينتهي من إعادة ترميم بيته المتواضع، حتى تعاود قوات الاحتلال الإسرائيلي هدمه مرّة ثانية خلال الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة للمنطقة الحدودية الشرقيّة لقطاع غزّة، التي يقطنها منذ سنوات طويلة، الأمر الذي أثقل كاهل الأفراد الثمانية لعائلة أبو رجيلة بالمعاناة والمشاكل النفسية.
هذا الواقع المرير لتلك العائلة الغزيّة، جسده بشكل دقيق وخلال سبع دقائق، الفيلم القصير "على الحدود"، والذي نال المركز الأول، بمسابقة الأفلام القصيرة، التي حملت عنوان (عشان فلسطين)، ونظمّها المركز الشبابي الإعلاميّ بمدينة غزّة، بتمويل من مؤسسة أمان فلسطين-ماليزيا.
وتقول مخرجة الفيلم روان أبو أسد لـ "العربي الجديد": إن الفيلم الوثائقيّ يتناول قضية الأطفال القاطنين على الحدود الفلسطينيّة مع الأراضي المحتلة، ويركز على طفلتين شقيقتين تسبب لهما العدوان الإسرائيلي العام 2009 بمشاكل نفسية أثرت على مستواهما الدراسي، وتضاعفت المشكلة بعد العدوان الأخير، والذي هدم فيه بيتهما.
وحل في المركز الثاني الفيلم الدرامي "شهد"، ويذكر مصوره هاني راشد لـ "العربي الجديد" أن بطلة الفيلم الطفلة شهد، كانت شاهدة على لحظة استشهاد صديقتها في ملجأ للمعوقين خلال العدوان، ولكنها لم تستطع أن تتحرر من مخلفات المشهد حتى الآن، مثل مئات المواطنين، الذين تزدحم عقولهم بلحظات قاسية، تمرّ على ذاكرتهم بين الحين والآخر.
واشترط للمشاركة في المسابقة أن تتحدث الأفلام حول القضية الفلسطينية، والمواضيع المتعلقة بها، ويوضح مدير المركز الشبابي الإعلاميّ، إسماعيل أبو سعدة، أن الأفلام المشاركة عبرت عن ثوابت الشعب الفلسطيني، وأبرزت جوانب عديدة بأساليب جديدة تؤسس لإمكانية مخاطبة الجمهور الخارجي المناصرة للقضية الفلسطينية.
ويضيف أبو سعدة في حديث لـ "العربي الجديد" أنّ المسابقة هدفت إلى رفع مستوى كفاءة المنتجين الشباب في صناعة الأفلام القصيرة التي تتحدث عن الشعب الفلسطيني، وتعزيز حضورهم في قنوات الإعلام الجديد، وكذلك تمهيد الطريق لهم للدخول في مجال إنتاج الأفلام بكافة أنواعها، وتمكينهم من تحقيق الكسب المالي في المستقبل".
ولفت أبو سعدة إلى أنه ستجري ترجمة لغة الأفلام المشاركة من العربية إلى ثماني لغات أخرى، مشدداً على أن المسابقة خاطبت أيضاً الجهات المختصة حول ضرورة فتح آفاق جديدة للإبداعات الشبابية، والاهتمام بالطاقات الإعلامية الشبابية التي كان لها دور بارز في فضح جرائم الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.
وتقدم للمشاركة في المسابقة، التي أعلن عنها مطلع شهر سبتمبر/أيلول، نحو 40 فكرة، وبعد إجراء المقابلات، تم اختيار 12 فكرة لمجموعة من الشباب والشابات، ليخضع المشاركون لسلسلة من الدورات التدريبية في موضوعات الإخراج السينمائيّ والمونتاج والتصوير.
المخرج الفلسطينيّ فايق جرادة أبدى إعجابه الشديد بالأفلام المشاركة، ومدى المهنية والمسؤولية الاجتماعية التي التزم بها المنفذون الشباب، وقال، لـ "العربي الجديد"، إنه برغم أن الأفلام انتجت في بضعة أيام وباستخدام إمكانيات متواضعة، فهي تستحق أن تسوق للخارج، وأن تتوفر لأصحاب الأفكار حاضنة حقيقية لتطوير قدراتهم.
ويفيد جرادة، أن كافة الأفلام المشاركة قدمت معاناة الإنسان الفلسطيني في إطار فني رائع، مبيناً أن أهم ما يميز الأفلام أنها تطرقت إلى كافة أوجه المعاناة لشعبنا الفلسطيني سواء الحديثة منها كمشكلة انقطاع التيار الكهربائي في غزة، أو المستمرة منذ سنوات طويلة كاستهداف الاحتلال للأطفال وهم في بيوتهم.
ولتحديد المراكز الثلاثة الأولى، تم نشر أفلام المشاركين عبر اليوتيوب، لأخذ آراء الجمهور وتصويته لصالح الأفلام بنسبة 30 بالمائة، كما احتسبت نسبة 70 بالمائة لتقييم الأفلام من مجموعة من المخرجين .