"طوارئ" في تونس لإسقاط قانون المصالحة

27 يوليو 2016
قدّم مشروع القانون الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي (Getty)
+ الخط -

 

منذ انطلاق مناقشة مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية الذي قدمه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، دخل المجتمع المدني التونسي في ما أطلق عليه "حالة الطوارئ" ضد القانون، بالتوازي مع تحركات حزبية داخل البرلمان وخارجه هدفها الضغط على السبسي من أجل سحبه.

وانضمت أخيراً لحركة الاحتجاج ضد القانون منظمات وطنية على غرار "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" الحائزة على جائزة نوبل للسلام عن دورها في الحوار الوطني، وجمعية "القضاة التونسيين"، والتي عبرت عن رفضها المشروع، واعتبرته "تكريسا لمبدأ الإفلات من العقاب".

ورغم أن منظمة الشغيلة تأخرت في الإعلان عن موقفها من مناقشة المشروع، لكنها أكدت مساندتها لحملة "مانيش مسامح" التي يقودها حراك مجتمعي شبابي لإسقاط المشروع.

ويعقد "الاتحاد العام التونسي للشغل" قائد الرباعي الراعي للحوار الوطني الحائز على جائزة نوبل، هيئته الإدارية، اليوم الأربعاء، للخروج بموقف من طرح مشروع قانون المصالحة للنقاش في صلب لجنة التشريع العام بالبرلمان، بعدما تمكن من تحصيل اتفاق خلال المشاورات حول حكومة الوحدة الوطنية مع قائد السبسي والمنظمات الوطنية والأحزاب المشاركة في المشاورات.

وتمثل الاتفاق في عدم طرح المشروع في هذا الوقت الذي تسعى فيه الرئاسة التونسية لتجميع القوى المجتمعية والمنظمات والأحزاب حول الوحدة الوطنية، وتأجيله إلى غاية استبداله بصيغة أخرى تتلاءم والدستور ومسار العدالة الانتقالية ولا يكرس التفلت من العقاب.

وأوضح الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، بلقاسم العياري لـ"العربي الجديد" أن "الاتحاد يعقد اليوم وغدا اجتماعا لهيئته الإدارية، ويعد مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية، من بين المحاور المطروحة على الطاولة للنقاش، ويسعى للخروج بموقف من تمريره للنقاش داخل اللجنة، وجملة التحركات التي قد يفضي إليها".

أما "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان"، فقد دعت الرئاسة والبرلمان إلى الحوار قبل مناقشة المشروع.

وقال رئيس الرابطة، عبد الستار بن موسى لـ"العربي الجديد"، إن "المنظمة حافظت على موقفها من المشروع منذ الإعلان عنه، داعية الى سحبه، وعقد حوار بين كافة الأطراف تظم الهياكل الرسمية والمنظمات والأحزاب والمجتمع المدني حتى ينتج عنه مشروع قانون يؤسس لمصالحة تستجيب لمقومات العدالة الانتقالية من اعتراف ومكاشفة ومحاسبة واعتذار وجبر ضرر".

ولم ينف بن موسى أن "البلاد في حاجة الى مصالحة"، مستدركاً أنها "لا يجب أن تكون على الطريقة التي يطرحها المشروع الحالي". وأكد في هذا الصدد أن "الرابطة تدعم التحركات المجتمعية لإسقاطه".

وانخرطت جمعية "القضاة التونسيين" بدورها في مسار إسقاط المشروع، واعتبرت أنه "لا يسمح فقط بتبييض الفساد، وإنما أيضاً يضعف القضاء الذي سيجد نفسه في سياق وطني تتساهل فيه الدولة مع الفاسدين وتعفو عنهم".

وبينت رئيسة الجمعية، روضة القرافي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الجمعية خاضت يوم أمس تحركات مع منظمات المجتمع المدني التي احتجت أمام مقر البرلمان والتقت عدداً من النواب لإبلاغهم برفضها المشروع والدعوة لسحبه".

وأضافت أن مشاكل "المشروع لا تحصى إذ يخالف الدستور الذي يعد عقدا اجتماعيا يجمع التونسيين وينص على أن تتعهد الدولة بالقطع مع الفساد ومحاسبة المخالفين واحترام منظومة العدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات، وهو ما يتعارض تماما مع مشروع القانون الحالي".

وأشارت إلى أنه "من الضروري الكشف عن منظومة الفساد والاعتداء على المال العام، فيما لا يتعرض المشروع إلى أي من هذه المراحل ويتجاهل الضحايا الذين تضرروا من الجور وسلب أملاكهم وأموالهم، وأهمل الدولة كضحية وكيفية جبر الضرر لفائدتها وسيسند صكوك عفو عام على الموظفين الذين ساهموا في هذه الانتهاكات ما يتيح لهم مواصلة مهامهم".

كما شددت القرافي على أن "مغالطات عدة أشيعت حول المشروع، منها الحديث عن إدخاله انتعاشة في الاقتصاد".

وفيما يخص القضاة، اعتبر رئيسة الجمعية أن "القضاة سيواجهون سياقا يتسامح مع الفساد المالي ويسند للفاسدين عفواً عنه، فإن ذلك سيضعفهم ويؤثر على أدائهم، لا سيما أن الدولة قررت التسامح مع الفساد وكرست الإفلات من العقاب".


دلالات