هل تبدو صدفةً أن يُكّرم "المعرض الدولي للكِتاب والفنون"، الذي يفتتح مساء اليوم ويتواصل إلى الثامن الشهر الجاري في مدينة طنجة المغربية، الروائي المغربي الطاهر بن جلّون والجزائري ياسمينة خضرا، اللذين أكثر ما يجمعهما مواقفها "المعتدلة" اتجاه "إسرائيل"؟
إذ يفتخر الأول بالتوجه إليها وصداقة كتّابها، بينما يتعاطف الثاني في روايته "الهجوم" (التي أصبحت فيلماً صوّره مخرجه اللبناني زياد دويري في "تل أبيب") مع الرواية الصهيونية، ويحوّل قضية حرية الشعب الفلسطيني ونضاله لاستعادة أرضه إلى مجرّد حالة تطرّف.
طبعاً لا عجب حين أن نعرف أن منظم هذا المعرض تحت شعار "طنجة، المدينة الرمزية من الخيال إلى الحقيقة" هو "المعهد الفرنسي" الذي لا يُخفي دعمه لأجندات التطبيع الثقافي ولا تزعجه خطابات الاستشراق الذاتي حين يقدّمها بعض الكتّاب العرب بالفرنسية.
سيقدّم بن جلون ندوة بعنوان "لماذا طنجة مدينة رومانسية؟"، وسيتناول فيها انطباعاته وآرائه حول تجاربه في الكتابة الروائية التي تحضر فيها طنجة بشكلٍ كبيرٍ وبقصص رومانسية عديدة. أمّا خضرا، الجنرال الجزائري المتقاعد والمقيم في فرنسا، فسيلقي شهادة إبداعية حول تجربته الروائية، التي يغلب عليها التناول الاستشراقي لموضوعة الإرهاب، والذي لا يتورع عن زج "إسرائيل" في دعواته المتكررة إلى التفاهم بين الشعوب وللسلام والتسامح متجاهلاً طبيعتها الاستعمارية وجرائمها.
تحتفي دورة هذه العام، وهي العشرون من عمر المعرض، بـ "مدينة البوغاز" عبر استحضار شخصيات أدبية وفنية تركت بصمتها على تاريخ المدينة. ويضم البرنامج موائد مستديرة ولقاءات أدبية عدة؛ ومنها: "طنجة: المدينة الحدودية، أرض الهجرة"، و"طنجة عاصمة اقتصاد شمال أفريقيا"، و"طنجة ومؤهلاتها الجغرافية وقصصها التاريخية وتميزها الفني".
كما ستُعلن نتائج "مسابقة القراءة من أجل المتعة"، في إطار الشراكة التي تجمع بين "المعهد الفرنسي" و"الأكاديمية الجهوية للتربية والتعليم"، ويعرض عدد من الأفلام الفائزة في المسابقة المخصصة للطلبة تحت عنوان "فيلم الجيب"، وتقام أمسية "الفن السابع" بشراكة مع "الخزانة السينمائية لطنجة"، وعرضين موسيقيين بمشاركة المطربة المغربية أم ومجموعة "غاباشو" من المغرب، وفق بيان المنظّمين.
ويقام معرض "السلطة الجغرافية لطنجة"، الذي يقدّم العوالم الجغرافية لمدينة طنجة بأبعادها الجمالية والتاريخية الرمزية، وتختتم الفعاليات باحتفالية تجوب مختلف شوارع المدينة وفضاء ساحة 9 أبريل "سوكو".
على ما يقدمه "المعهد الفرنسي" من نشاط ثقافي، إلا أن جوانبه السياسية تظل معاكسة للوجدان المغربي، القريب بطبيعته من قضايا التحرر الوطني، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والمضاد لفكرة التطبيع الثقافي مع "إسرائيل" بوصفها كياناً استعمارياً.