"ضيعة ضايعة" في كلية الحقوق وامتحاناتها

انتشرت على صفحات السوريين في مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لورقة من امتحانات كلية الحقوق في جامعة "تشرين"، تظهر فيها شخصيات المسلسل السوري الشهير "ضيعة ضايعة"، وهو الأمر الذي تسبب بموجة كبيرة من السخرية. وأفادت الصفحات الإعلامية التابعة للنظام السوري بأن الصورة المتداولة هي من امتحانات مادة "المدخل إلى علم القانون"، التي يُدرّسها نزار الحسن، الذي كان يشغل منصب عميد كلية الحقوق في جامعة تشرين في وقتٍ سابق.
تظهر في ورقة الامتحان صور مشوهة لأربع شخصيات أحبها الجمهور من مسلسل "ضيعة ضايعة"، الذي أنتج سنة 2007، وهم: شخصيتا "جودة" و"أسعد" في السؤال رقم 49، وشخصيتا الشرطيين "أبو نادر" و"حسان" في السؤال رقم 50.
ويبدو أن الحسن، مُدرّس المادة، يلجأ إلى هذا الأسلوب، الذي يجده بعضهم غير لائق، بالامتحانات الجامعية ليسخر من واقع القضاء السوري؛ فالسؤال الذي يجمع بين شخصيتي "جودة" و"أسعد" جاء باللهجة العامية وبالصيغة التالية: "جودي: بتشارط إنو القاضي عنا بيوجد القانون". ليجيبه أسعد: "حياتي إنت، القاضي عنا بيطبق القانون"، ويضع بعد هذا الحوار أربعة خيارات أمام الطالب، ليختار بينها وفقاً لنظام الأتمتة، وهي: "كلام جودة صحيح قانوناً"، أو "كلام أسعد صحيح قانوناً" أو كلا الجوابين صحيح، أو كلاهما خاطئ. والمفارقة أن الجواب فعلياً يحتمل الجدل، فالمقررات الدراسية تبين أن كلام "أسعد" صحيح، وأن القاضي عليه أن يطبق القانون، ولكن ما يعرضه مسلسل "ضيعة ضايعة"، الذي يعكس الواقع السوري بشكل كوميدي وتهكّمي، يبين أن كلام "جودة" هو الصحيح، وأن القانون يتبع لأهواء القاضي الشخصية.
وكذلك يبدو الحال في السؤال الذي يلعب به أفراد الشرطة في مخفر ضيعة "أم الطنافس" أدوار البطولة، والذي جاء بالصيغة الآتية: "حسان: سيدي، شو رأيك تسمحلي أرفع المتهم فلقة مقابل 5000 ل.س؟". أبو نادر: "وأنا وافقت"، وعلى الطالب أن يقرر إن كان هذا الاتفاق قانونياً أم لا. وفعلياً، يبدو أن الحسن في هذا السؤال يسخر من أعمال العنف التي تحصل ضمن أروقة مخافر الشرطة السورية والأجهزة الأمنية، وهي سخرية مستمدة من روح المسلسل، الذي يصور الشرطي "حسان" المتعطش لممارسة العنف تجاه الشعب من دون أن يكون هناك أي مبرر.
يُشار، أيضاً، إلى أن الدكتور نزار الحسن سبق أن استخدم حوارات من مسلسل "الهيبة" في امتحانات المادة ذاتها سنة 2017، حيث أورد عبارة "ما تهكلوه للهم" التي يرددها "جبل شيخ الجبل" (تيم حسن) ضمن ورق الامتحان حينذاك؛ وهو الأمر الذي دفع الطلاب إلى السخرية من الأمر، فشرعوا ينصحون الدفعات المقبلة من طلاب الحقوق بأن يتابعوا أكبر قدر ممكن من المسلسلات الدرامية، لأنها قد تفيدهم أكثر من المناهج والمقررات الجامعية.
ولعلّ ما يفعله هذا المدرّس، يحتمل أيضاً شيئاً من الجدية الجارحة في سخريته؛ فتمرير الأسئلة بهذه الطريقة، فيه إشارة مهمّة إلى واقع سوري لم تُغّيرْ منه السنوات السبع الأخيرة شيئاً.