"صندوق الدنيا" لمحاربة التدخين في مصر

05 سبتمبر 2014
مبروك يصف نفسه "أكبر كاره للتدخين في مصر" (Getty)
+ الخط -

لم يكتفِ إبراهيم مبروك، المصري الأربعيني، بالتضرع إلى الله شكراً بعدما شفي ممّا سمّاه بـ"داء التدخين"، لكنه أراد أن يضيف إلى ذلك شكراً عملياً عبر "صدقة جارية"، وهي توعية الآخرين على أخطار التدخين.

مبروك، الذي يعمل في إحدى شركات البريد بالقاهرة، فكّر في الكيفية التي يقدم بها هذه الصدقة، فجاءته في البداية فكرة طباعة ملصقات عن أخطار التدخين وتوزيعها على المواطنين، لكنه اكتشف أنها لن تحقق له "ديمومة التوعية"، فاهتدى أخيراً إلى "صندوق مكافحة التدخين"، على غرار "صندوق الدنيا".

و"صندوق الدنيا"، أو "البيانولا"، كما يطلق عليها شعبياً في مصر، صندوق كان يحمله صاحبه على ظهره ويطوف به في الشوارع ليلتف حوله الصبية في الريف والمناطق الشعبية، ويشاهدوا من خلاله حكايات الأبطال الشعبيين: عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي، وغيرها، غير أن مبروك يحمل صندوقه على دراجته النارية ويتجوّل به في شوارع القاهرة للتحذير من أخطار التدخين صحياً واقتصادياً.

مراسل وكالة الأناضول، التقى مبروك على طريق 26 يوليو (طريق حيوي يربط العاصمة بمدينة 6 أكتوبر إلى الغرب)، كان الرجل الأربعيني حينها يسير في طريقه حاملاً صندوقه، سعيداً بلجوء أصحاب السيارات إلى تهدئة السرعة لقراءة ورؤية ما يحمله الصندوق، وزادت سعادته أكثر عندما طلب منه البعض التوقف قليلاً للحديث معه.

"هذه صدقة جارية أتقرّب بها إلى الله سبحانه وتعالى، عسى أن يتقبّلها مني".. بهذه الكلمات بدأ مبروك، البالغ من العمر (48 عاماً)، حديثه قبل أن يشرع في الحديث عن قصته مع التدخين، والتي انتهت فصولها بالتحوّل من مدخنٍ شرهٍ إلى "أكبر كارهٍ للتدخين في مصر"، كما يحب الرجل أن يصف نفسه.

يقول مبروك: "لم أجد مَن يضعني على الطريق وينبّهني إلى أخطار التدخين، فاستمرت هذه العادة معي لسنوات أصبت خلالها بمرض في التنفس، قبل أن يمنّ الله عليّ بنعمة الشفاء، وقررت بعدها أن أجتهد ألا يقع الآخرون في هذا الفخ".

ومضى قائلاً: "فكرت في طباعة ملصقات، غير أن الفائدة ستكون محدودة ومقصورة على مَن تقع في يده، فجاءتني فكرة تصميم الصندوق الذي يتضمن معلومات عن أخطار التدخين، ومجسّماً وصوراً توضح الفكرة".

ويضع مبروك الصندوق على دراجته النارية أثناء الذهاب إلى العمل والعودة منه، ليتيح الفائدة لمَن يتعرض لهذه المعلومات في طريقه اليومي، غير أنه يقول: "أيام الإجازات فرصة ذهبية بالنسبة لي لتعميم الفائدة والخروج عن مسار الرحلة اليومية، والانتقال إلى طرق أخرى".

وأضاف: "أعمل في منطقة وسط القاهرة، لكن وقت الإجازة قد تجدني أسير في مدينة 6 أكتوبر حاملاً صندوقي على دراجتي النارية، أو في شبرا الخيمة، بمحافظة القليوبية، وذلك من أجل محاربة التدخين الذي يدمر الصحة والاقتصاد".

ويأمل مبروك أن ينجح بهذا العمل التوعوي في النزول بأعداد المدخنين في مصر، وقال، وقد ارتسمت على وجهة ابتسامة عريضة: "كلما نجحتُ في إنقاذ فرد واحد من هذا الخطر، فأنا بذلك أخفض فاتورة الأضرار من الناحية الصحية والاقتصادية".

ويبلغ عدد المدخنين في مصر قرابة 13 مليوناً، يستهلكون 80 مليار سيجارة سنوياً ويكبدون الإنفاق القومي نحو 8 مليارات جنيه سنوياً (نحو مليار و118 مليون دولار أميركي)، بمعدل يصل إلى 22 في المئة من دخل المدخن شهرياً، كما تزيد نسبة المتغيّبين عن العمل بين المدخنين إلى 50 في المئة عن غير المدخنين، وفق إحصائية صادرة أخيراً عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

المساهمون