"صفح" عنه.. و"صفع" كل المتعصبين!

08 سبتمبر 2014
بعد شهرين صافح نيمار الرجل الذي ركله بقوة مفرطة
+ الخط -

(1)

قبل أشهر، كان رأس الكولومبي خوان زونيجا، متاحا للقطف، كان في إمكان أي برازيلي أن يقتله، انتقاما لابن جلدته نيمار داسيلفا الذي سقط أرضا في كأس العالم، بعد أن ركله زونيجا، ركلة "كادت" أن تجفف الحركة في ساقيه، وتُجلسه على كرسي متحرك ما تبقى له من العمر.

(2)

انْقَضَّ اللاعب الكولومبي - الغاضب من هزيمة منتخب بلاده - على نيمار في كرة مشتركة، أودت بالمهاجم البرازيلي إلى المستشفى، وبه هو إلى مغادرة البلاد، ملتحفاً الظلام، هرباً من رصاصة متعمدة، ربما تصطاده اقتصاصا عاجلاً لبطل البرازيل الجديد، الذي راجت عنه حينها أنباء بأنه أصيب بالشلل، أو هو في طريقه إلى ذلك.

(3)

حالة من الغضب الشديد جداً، انتابت البرازيل، حتى بدا الأمر لمن يراقبونه عبر الفراغات المضيئة في النوافذ المعتمة، وكأنه مُدَرَّجٌ من بنادق تم حشوها بالرصاص، لقتل "المجرم الهارب" .. ومُدَرَّجٌ آخر من الجباه الكولومبية الأمامية، تتوعد القتلة البرازيليين "المحتملين" بأكل لحومهم أحياء!

(4)

شهران من التهديدات المبطنة والصريحة، وشهران من الحماية المتيقظة والشديدة، وشهران من البغضاء بين المعسكرين، بسبب ركلة (ربما غير متعمدة)، وأكيد جداً أنها لم ترسل أحداً إلى قبره، وإنما "كادت" أن تمحو من قوائم كرة القدم لاعبا اسمه نيمار، وتحيل ساقيه إلى التقاعد المبكر .. "كادت" ولكنها لم تفعل .. ومع ذلك استسلم الجمهور لـ "الشر"، ودبّت الفوضى، وبحر من الشتائم القذرة، تقيأ جوفه على اليابسة، وكان حدوث الموت ممكناً، بل كان وشيكاً.

(5)

ثم ماذا؟!..

بعد شهرين، صافح نيمار، الرجل الذي ركله بقوة مفرطة، صافح الكولومبي زونيجا.. صافحه وصفح عنه، وصفع كل المتعصبين الذين يكفرون بالعقل، حين يخوضون معركة "العروق"، و"الانتماءات"، ويحيلون "لعبة" كرة القدم إلى "علبة" متفجرات، شظاياها "ألسنتهم" وهي تقطر لعاب الكلمات الخبيثة، المستخلصة من نجاسة إبليس، و"أصابعهم" التي ترسم البذاءة، وتضغط على الزناد، لتموت الحقيقة، قبل أن ينتصر الحق.

(6)

شهران من تبادل الكراهية، والضغينة، انتهت بـ"سلام" في الملعب.. لأنه لم يكن عادلاً أن تستكمل المباراة خارج الملعب.. وضع المجني عليه يده في يد الجاني، ثم تعانقا كصديقين قديمين، ليفهم الجمعُ الغفير الذي حضر، أن "المغفرة"، والعفو عند المقدرة، فوز كبير.

(7)

يمكن لنتيجة مباراة، أو حركة لاعب "خارجة عن النص"، أو خطأ حكم بلا نيِّة مبيتة، أو حديث رئيس نادٍ يفتقر للمسؤولية ويفتقد للاحترام، أن يقُصّ المدرجات إلى نصفين، ثم يبدأ مهْرَجان الشتائم، وتُحشى البنادق بالرصاص، وتنصب مشانق القصاص، يحدث هذا كله بين الجماهير، فيما اللاعبان والرئيسان والحكم، يتناولون طعام العشاء على مائدة واحدة!

(8)

إذن، لنجرّب أن يكون الأمر كذلك:

"عقلي" معي .. "قلبي" مع من أُحب.

لمتابعة الكاتب ..https://twitter.com/alfheedA

المساهمون