"صحف الاستخبارات" المصرية تفصل المئات تعسفياً

31 مايو 2019
فصل 65 صحافياً تعسفياً من "الدستور" (أود أندرسن/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر صحافية مطلعة في مصر عن فصل 65 صحافياً، تعسفياً، من صحيفة "الدستور" اليومية، إيذاناً بانتقال ملكيتها عقب إجازة عيد الفطر إلى شركة "إعلام المصريين" التابعة للاستخبارات.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن المئات من المعينين في صحيفتي "اليوم السابع" و"الوطن" اليوميتين، المملوكتين للشركة نفسها، يواجهون أيضاً خطر الفصل التعسفي خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وقالت المصادر، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إن إدارة صحيفة "اليوم السابع"، التي تضم قرابة 400 صحافي مقيد في جداول نقابة الصحافيين، أصدرت تعليمات بتوقيع جميع الصحافيين في الصحيفة على ملحق لعقد العمل الأصلي الموقع بين الطرفين، ينص على فسخ العقد من طرف واحد، في حال إبداء الصحافي رأياً أو توجهاً مخالفاً لسياسة الصحيفة التحريرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضافت المصادر أن العقد الملحق وقع عليه المئات من الصحافيين في الصحيفة بالفعل، بينما ترفض مجموعة محدودة التوقيع عليه إلى الآن، نظراً لمخالفته أحكام قانوني العمل وتنظيم الصحافة والإعلام، مشيرة إلى أن رئيس مجلس إدارة وتحرير الصحيفة، خالد صلاح، هددهم على الملأ باتخاذ قرار بفصلهم في حال عدم التوقيع في موعد أقصاه 15 يونيو/ حزيران المقبل.

وأفادت المصادر بأن تهديدات بالفصل طاولت الصحافيين أيضاً في صحيفة "الوطن" وموقعي "دوت مصر" و"صوت الأمة" المملوكين للاستخبارات، تحت ذريعة "إعادة الهيكلة" و"ضغط النفقات" لتعرضها للخسائر المالية، لافتة إلى أن نقيب الصحافيين، ضياء رشوان، يلتزم الصمت التام حيال وقائع فصل الصحافيين تعسفياً في العديد من الصحف الرئيسية، بالرغم من تواصل العشرات من الصحافيين معه هاتفياً.

وتابعت المصادر قائلة إن "موجة واسعة من الفصل التعسفي ستطاول الصحافيين في جميع الصحف المملوكة للاستخبارات في إطار محاولات تصفية مهنة الصحافة"، مختتمة بأن هناك ضغوطاً أيضاً على مجالس إدارات المؤسسات الصحافية القومية، لإجبار الصحافيين على التقاعد المبكر كنتيجة للدمج والإلغاء المرتقب لعدد غير قليل من الإصدارات الصحافية الحكومية خلال الفترة المقبلة، استناداً إلى نصوص قانون "الهيئة الوطنية للصحافة".

وقررت الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين المصريين، في 15 مارس/ آذار الماضي، إحالة أي عضو يتورط في وقائع فصل الصحافيين إلى التحقيق النقابي، وإلزام الصحف بإرسال أسماء الصحافيين المتدربين لديها، تمهيداً لتعيينهم خلال عام على الأكثر. لكن مجلس النقابة لا يزال يواجه أزمة عدم تشكيل هيئة مكتب النقابة المنوط به إدارة شؤونها، للخلاف المستمر بين أعضاء المجلس على مناصب الهيئة منذ نحو شهرين ونصف الشهر.

ووقع أكثر من مائة صحافي من أعضاء الجمعية العمومية للنقابة على مذكرة تستهدف مواجهة موجة الفصل التعسفي للصحافيين، والتضامن مع 65 صحافياً قررت إدارة صحيفة "الدستور" فصلهم تعسفياً أخيراً، مشددين على رفضهم الكامل والقاطع لممارسات ملّاك الصحف وإداراتها ضد الصحافيين.

ودان الصحافيون "ممارسات إدارات الصحف إزاء الفصل التعسفي للعشرات، بل للمئات من الصحافيين، والتعامل معهم باعتبارهم عبئاً ثقيلاً على المؤسسة تمهيداً لبيعها، أو إجبارهم على التقدم بإجازة بغير راتب، أو توقيع استمارة تسهل عمليات الفصل في الفترة المقبلة، أو إخفاء عقود العمل، وعدم تسليمها للمحررين، ورفض التأمين عليهم، من دون مراعاة لأن الصحافيين هم الصناع الحقيقيون لتلك الصحف، ومن جعلوها صفقة رابحة للمشتري".

وطالب الصحافيون الموقعون على المذكرة، نقابة الصحافيين، التي انشغلت بتشكيل هيئة مكتب النقابة منذ الانتخابات الأخيرة في مارس/ آذار الماضي، وتركت الصحافيين فريسة سهلة لكل من أراد إبرام صفقاته على حسابهم، بأن "تتدخل على الفور لتفعيل قانون ولائحة النقابة، وقرارات جمعياتها العمومية، بشأن إحالة أي رئيس تحرير يتورط في فصل الصحافيين إلى لجنة التأديب، وفصله من النقابة".

من جهته، قال مقرر لجنة الحريات السابق في مجلس النقابة، خالد البلشي، عبر موقع "فيسبوك" إن "نقابة الصحافيين منشغلة بتشكيل هيئة المكتب منذ شهرين ونصف الشهر، من دون الاكتراث بموجة الفصل التعسفي التي تطاول الصحافيين في عدد من الصحف"، ملمحاً إلى تورط إدارة صحيفة "اليوم السابع" في إجبار الصحافيين على توقيع ملحق لعقد العمل بالمخالفة للقانون.

وأضاف البلشي مستنكراً: "تكريس سياسات الحجب والرقابة على الصحف، ووقف طباعة ثلاثة أعداد من صحيفة (الأهالي)، من دون حتى بيان أو تعليق من مجلس النقابة، ولو بالشجب والإدانة"، مستطرداً: "عملية تصفية مهنة الصحافة تجري على قدم وساق، وهناك قائمة صدرت من النقابة للتقليل من ظاهرة الزملاء المحبوسين، بتجاهل الصحافي النقابي المعتقل منذ عام كامل، إسلام عبد العزيز، علاوة على تجاهل كل الزملاء غير النقابيين".

من جهته، صرح عضو مجلس نقابة الصحافيين، عمرو بدر، قائلاً إن مجلس النقابة بدأ حواراً مع مجلس تحرير صحيفة "الدستور" في محاولة لإعادة المفصولين إلى عملهم، وكذلك الزملاء الذين وقعوا جبراً على إجازات من العمل من دون راتب، مشيراً إلى أن كل الأدوات النقابية والقانونية مطروحة أمام النقابة، بهدف إنهاء تلك الأزمة التي تهدد مصالح ومستقبل العشرات من الصحافيين المفصولين.

بدوره، اعترف عضو مجلس نقابة الصحافيين، محمد سعد عبد الحفيظ، بوصول شكاوى إلى مجلس النقابة من زملاء غير نقابيين، وآخرين عينوا من دون أن تصل عقودهم إلى النقابة لاعتمادها، مؤكداً أن جزءا أساسيا من عمل النقابة هو التدخل لحل المنازعات بين الصحافيين والمؤسسات التي يعملون فيها، لذا سيذهب وفد من مجلس النقابة إلى مقر صحيفة "الدستور" عقب إجازة عيد الفطر، لمعرفة تفاصيل كل حالة من الصحافيين المفصولين.

ومنذ أن استحوذت المجموعة الاستثمارية "إيغل كابيتال"، التي أنشأتها الاستخبارات المصرية، وترأستها وزيرة الاستثمار السابقة، وزوجة محافظ البنك المركزي طارق عامر، داليا خورشيد، على حصة رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة في شركة "إعلام المصريين" نهاية عام 2017، تسعى للاستحواذ على أكبر عدد ممكن من الصحف والقنوات الفضائية، في محاولة لتأميم الإعلام الخاص لمصلحة السلطة الحاكمة.

وانتقل إلى ملكية "إيغل كابيتال" العديد من المؤسسات الإعلامية، ومنها صحف "اليوم السابع" و"صوت الأمة" و"دوت مصر"، ومجلات "عين" و"إيجيبت توداي" و"بيزنس توداي"، إلى جانب مجموعة قنوات "دي إم سي" و"أون إي" و"سي بي سي" و"الحياة"، ووكالة "بريزنتيشن سبورت" الرياضية، وشركة "هاشتاغ" للتسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وشركة "POD" المتخصصة في العلاقات العامة.

وكان حزب "التجمع التقدمي" (يساري) قد أعلن مصادرة صحيفة "الأهالي" الناطقة بلسانه للأسبوع الثالث على التوالي، على خلفية رفض مجلس تحرير الصحيفة الامتثال لطلب "الرقيب الأمني" بحذف تحقيق صحافي موثق حول الأسماء الواردة في قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن العفو والإفراج عن 560 من المحكوم عليهم في قضايا سياسية، ومن قبله تقرير كشف تورط خورشيد في قضية إهدار أموال عامة تقدر بملايين الدولارات.

المساهمون