"شباب ضدّ المستوطنات".. مقاومة لاعنفية ضدّ الاحتلال

03 أكتوبر 2016
تظاهرة ضد الاحتلال الإسرائيلي (محمد ثلاثين/الأناضول)
+ الخط -
تنشط جمعيات فلسطينية في مجال مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بوسائل "لاعنفية"، عوضاً عن العمليات المسلّحة التي يشنّها الشباب الفلسطيني كردّ على جرائم الاحتلال، وتؤدي أحياناً إلى استشهادهم.

وقد رصدت صحيفة "لاكروا" الفرنسية، في عددها الصادر اليوم الاثنين، عمل هذه الجمعيات التي تعمل من أجل إقناع الشباب الفلسطينيين الغاضبين من ممارسات سلطات الاحتلال والمستوطنين بعدم اللجوء إلى العمليات المسلحة، والاستعاضة عنها بمقاومة "لاعنفية".

وركّزت الصحيفة خصوصاً على جهود جمعية "شباب ضد المستوطنات"، التي أسّسها عيسى عمرو، سنة 2012.

وتحدثت الصحيفة في تحقيقها الصحافي، عن حي تل الرميدة الشعبي الذي يطل على المدينة القديمة في الخليل، وهي المدينة الوحيدة في الضفة الغربية التي لا تزال تضم في وسطها التاريخي مستوطنة إسرائيلية.

وقالت الصحيفة الفرنسية، إن هذا التواجد الاستيطاني في وسط مدينة الخليل التاريخي هو الذي جعلها في الخريف الماضي مركزاً للاحتجاجات التي قام بها الفلسطينيون، والتي أفضت إلى مقتل نحو أربعين إسرائيلياً، مقابل استشهاد أكثر من مائتي فلسطيني. وكانت أعداد القتلى قد شهدت قفزة مفاجئة خلال الأسابيع القليلة الماضية، بحيث استشهد العديد من الفلسطينيين، ممن لم تتجاوز أعمار معظمهم العشرين سنة، على أيدي جنود الاحتلال الإسرائيليين.

وشدد مؤسس جمعية "شباب ضد المستوطنات" الفلسطينية، عيسى عمرو، في لقائه مع الصحيفة، على "المقاومة اللاعنفية"، التي تتجلى في "التظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي، والزيارات إلى المدارس والجامعات، للحديث عن المقاومة اللاعنفية".

وأقر عمرو، في حديثه للصحيفة، بأنه "إزاء تصميم العديد من الشباب الفلسطينيين على الانتقال إلى العمل المسلح، فإننا نتدخل لمنع الشباب الفلسطينيين من تنفيذ هجمات"، خصوصاً "حين يحملون السكاكين ويتجهون إلى بلدة الخليل القديمة".


ويقول مسؤولو الجمعية الفلسطينية، بحسب صحيفة "لاكروا" الفرنسية، إن "الجيران هم في الغالب من يخبر نشطاء الجمعية بعزم بعض الشباب على الإقدام على تنفيذ هجمات". ويشير أحد مسؤولي الجمعية، وهو عزت كركي، في حديثه للصحيفة، إلى أنهم يقومون بتذكير الشبان الفلسطينيين بأن "حيواتهم لها قيمة. وعلى العموم فهؤلاء الشبان ينصتون إلينا".
ويلفت إلى أن "الفيديوهات التي تظهر عناصر الجيش الإسرائيلي وهم يقتلون طفلة فلسطينية تدفع الشباب الفلسطيني إلى الانتقام".

وتنقل الصحيفة الفرنسية تصريحات للمناضل الفلسطيني الأسير أحمد مناصرة، أمام إحدى المحاكم الإسرائيلية، حيث يقول: "لم أكن أنوي قتل أحد، كنت أريد فقط تخويفهم، حتى يُحسّوا بنفس ما نحس به نحن الفلسطينيين". وكان أحمد مناصرة قد أقدم، في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2015، وكان حينها في الثالثة عشرة من عمره، على طعن إسرائيليَيْن اثنين بسكين في مستوطنة بيسكات زييف، في القدس الشرقية المحتلة، وقد تصل العقوبة التي ستحكم بها المحاكم الإسرائيلية عليه إلى السجن لمدة 12 سنة.

وتقول الصحيفة الفرنسية، نقلا عن مراسلتها في الخليل، ميليني ليبريول، إن "كل هؤلاء الفلسطينيين يُحاكَمون من قبل محاكم عسكرية إسرائيلية، وتتراوح الأحكام التي تتهددهم ما بين 4 سنوات إلى 12 سنة سجناً، حين لا تصل هجماتهم إلى درجة قتل إسرائيليين".


وتنقل الصحيفة عن رئيس مجلس إدارة نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، قوله إن "عدد الأسرى الفلسطينيين ازداد ضعفين منذ السنة الماضية"، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد بأن "السجون الإسرائيلية ليست هي المكان الذي يمكن أن يتعلم فيه الأسرى الفلسطينيون اللاعنف".

وتقول الصحيفة، إن المحكمة الإسرائيلية كانت تشاطره الرأي، حين قررت "إرسال بعض القاصرين الفلسطينيين إلى مراكز رعاية اجتماعية، بدل السجن".

وإذا كانت السلطات الإسرائيلية تتهم الآباء الفلسطينيين بحثّ أبنائهم على "الاستشهاد"، فإن هؤلاء الآباء يرفضون هذه المزاعم. وتنقل الصحيفة عن أحدهم، وهو المحامي عنان عوده، قوله: "أربّي ابنيّ على الكفاح من أجل حقوقهما، من دون إظهار الوسيلة، التي هي من خيارهما". ويشدد هذا الأب الفلسطيني على أن "الكرامة أكثر أهمية من الحياة". ويضيف أن "دولة إسرائيل هي التي تخوض الحرب على أرضنا، وهي التي ترسل أبناءنا إلى الموت، لا نحن".

ويعترف قدورة فارس بانعدام البدائل، وهو ما يشجع هؤلاء الشباب على الحركة، ولكنه لا يخفي تفاؤلاً في "انبثاق مقاومة لا عنفية ومنظمة، في المستقبل، يشارك فيها كل الفلسطينيين"، وتستهدف "شلّ كلّ البنى التحتية الإسرائيلية".

وتنهي الصحيفة الفرنسية تقريرها بالقول إنه "بالرغم من أن الحنين إلى انتفاضة سنة 1987 لا يزال حيّا لدى من عاصرها، إلا أن معظم الفلسطينيين توقفوا عن الإيمان بِحَلٍّ سياسي لهذا الصراع الذي لا ينتهي".​

المساهمون