لطالما جرى فهم ما بعد الحداثة على أنها نموذج تفكير رفض الكثير من المبادئ الأساسية للعقلانية الغربية الحديثة. وربما تكون أبرز ملامح ما بعد الحداثة هو لاحتمياتها، فنجد فيها الانقطاع واللايقين واللاتقديس والعناصر الساخرة التخريبية، وانعكست هذه الفلسفة على الفنون البصرية والعمارة والأدب.
بالنسبة إلى علاقة ما بعد الحداثة بالعمارة، فبحلول سبعينيات القرن العشرين، بدأت الحداثة تبدو نخبوية على الرغم من نواياها الديمقراطية. كان فشل أساليب وأنماط البناء محوراً انطلق منه المعماريون في نقد عمارة الحداثة في أوائل السبعينيات.
وكان للكتاب الذي نشره المعماري الأمريكي روبرت فنتوري عام 1966 بعنوان "التعقيد والتناقض في الهندسة المعمارية" تأثير رئيسي على تطور عمارة ما بعد الحداثة. في هذا العمل امتدح فنتوري أوجه الغموض والتناقضات والصفات المميزة للعمارة الباروكية في روما، ولكنه احتفل أيضاً بالثقافة الشعبية والعمارة العادية.
أما في الفنون البصرية، فتمثل ما بعد الحداثة حركة متماسكة أكثر من كونها نهجاً وموقفاً تجاه الفن والثقافة والمجتمع. وتشمل خصائصه الرئيسية معاداة الاستبداد أو رفض الاعتراف بسلطة أي نمط أو تعريف فردي لما ينبغي أن يكون عليه الفن؛ وانهيار التمييز بين الثقافة العالية والثقافة الجماهيرية أو الشعبية، وبين الفن والحياة اليومية.
حول هذه الفلسفة وعلاقتها بالفنون والعمارة، وتحت عنوان "زمن الانقطاع: مابعد الحداثة"، يقيم فضاء "دي مو إي ديز آرت" في باريس سلسلة من المحاضرات تبدأ عند الثامنة من مساء غدٍ الخميس.
تتناول النقاشات في هذه المحاضرة الثورة الصناعية، والإنسان والإنتاج، وجنون القرن العشرين، والعمارة، وإعادة اختراع المدينة.
يلقي المحاضرات خلال هذه السلسلة كل من الناقد والمؤرخ الفني ستيفان كورنيك، والباحثة في الفلسفة كلارا غيسلان وأستاذة العمارة كامي ليسوف.