"رايتس ووتش" تنشر صوراً وفيديو لقتل الشرطة شيماء الصباغ

القاهرة

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
02 فبراير 2015
DB2F66B7-DC71-4562-AD26-1EA1A95B3CE4
+ الخط -
ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش، بأن صوراً فوتوغرافية ومقاطع فيديو وأقوال شهود تشير إلى مسؤولية أحد أفراد قوات الشرطة المصرية عن إطلاق النار المميت على متظاهِرة في أحد ميادين وسط القاهرة يوم 24 يناير/كانون الثاني 2015.

وبينت الأدلة التي نشرتها وحللتها هيومن رايتس ووتش، رجل شرطة بالزي الرسمي يقوم على ما يبدو بتوجيه رجل ملثم يوجه بندقية خرطوش في اتجاه مجموعة مكونة من نحو 20 متظاهراً سلميّاً، كانت الشرطة تفرقهم في ميدان طلعت حرب.

وتظهر شيماء الصباغ، 32 سنة، وهي تسقط فوراً على الأرض عقب الطلقة، حيث توفيت، لاحقاً، جراء ما وصفته السلطات الطبية بأنه إصابات "بخرطوش بلي". وأعلن النائب العام، هشام بركات، عن تحقيق في وفاة الصباغ في اليوم نفسه.

وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع أربعة شهود على واقعة إطلاق النار، وحللت 18 صورة فوتوغرافية وثلاثة مقاطع فيديو، كما طالبت بتشكيل لجنة تقصي حقائق من طرف مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بسبب ما وصفته بـ"إخفاق الحكومة المصرية في محاسبة السلطات الأمنية".

وبينت الأدلة التي استعرضتها المنظمة في تقرير شامل، مساء أمس الأحد، أن قوات الأمن المنتشرة في ميدان طلعت حرب يومذاك استخدمت القوة المفرطة في الردّ على مسيرة صغيرة وسلمية نظمها حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وأطلقت الغاز المسيل للدموع والخرطوش على المتظاهرين بدون تحذير ظاهر.


وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الحقوقية: "يجب على النائب العام أن يفي بتعهده بتقديم المسؤولين عن وفاة الصباغ إلى العدالة، فالعالم يترقب رؤية ما إذا كانت هذه القضية ستكسر نمط الإفلات من العقاب عن الانتهاكات الحقوقية الذي شوه العدالة المصرية منذ انتفاضة 2011".

وكان النائب العام المصري صرح أن المحققين سيفحصون الأدلة المتاحة كافة، بما فيها شرائط كاميرات المراقبة ودفاتر الأحوال الرسمية التي تصف ما استخدمته قوات الأمن من أسلحة، كما سيقومون باستجواب أفراد الشرطة الذين فرقوا المظاهرة. وتابع في تصريحه أن مكتبه "ملتزم بتطبيق القانون على الجميع بكل حزم دون تمييز، وتقديم مرتكبي واقعة قتل الناشطة للمحاكمة الجنائية".

إلا أن النائب العام المصري، قال، أيضاً، إن "التحقيق المبدئي" وجد أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع وحده، وهذا بعد إخفاق المتظاهرين في الاستجابة لأمر الشرطة بالانصراف، واعتدائهم على الشرطة بالحجارة والألعاب النارية. وفي 28 يناير/كانون الثاني 2015 قال مسؤول من وزارة الداخلية، المشرفة على الشرطة، لوسائل الإعلام إن المقذوف الذي قتل الصباغ ليس من النوع الذي تستخدمه قوات الأمن، وأوحى بالتلاعب في مقاطع الفيديو التي تصور إطلاق النار عليها.

وفي 31 يناير/كانون الثاني، أمرت نيابة قصر النيل، التي تتولى التحقيق في الواقعة، بإلقاء القبض على زهدي الشامي(60 عاماً)، وهو نائب رئيس الحزب السياسي الذي كانت تنتمي إليه الصباغ، وكان حاضراً في المظاهرة وتوجه إلى النيابة للإدلاء بشهادته. استجوب أعضاء النيابة الشامي كمشتبه به لما يقرب من تسع ساعات قبل أن يأمروا باعتقاله، وفقاً لمحمد عبد العزيز، أحد محامي الشامي. وقدم أعضاء النيابة تقريراً من جهاز مباحث الأمن الوطني تضمن الاشتباه بإن الشامي كان يحمل سلاحاً خلال المظاهرة، بحسب ما قال المحامي عبد العزيز لهيومن رايتس ووتش.

ووجهت النيابة، أيضاً، لنحو 10 أشخاص من المشاركين في المظاهرة تهمة خرق قانون التظاهر، الذي تم تبنيه في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 والذي يحظر أي تجمهر بدون تصريح، وهذا بحسب بعض المتهمين. وقالت شاهدة واحدة لـ"هيومن رايتس ووتش": إن وكيل النيابة المكلف التحقيق في واقعة القتل حاول في البداية اعتقالها وهي تقدم شهادتها.

وبحسب أحد مقاطع الفيديو التي نشرتها وحللتها المنظمة، تظهر قوات الأمن وهي تفرق المظاهرة، فيما يبدو لحظة إطلاق النار على الصباغ، كما يمكن سماع أربع طلقات نارية فيه. وتم إطلاق الطلقتين الأوليين في تتابع سريع في بداية عملية التفريق، وإطلاق الثالثة بعد تسع ثوان، والرابعة بعدها بـسبع ثوان.

وعند إطلاق الطلقتين الأوليين بدأ متظاهرون على الرصيف، كانوا يحملون لافتة كبيرة حمراء، في الابتعاد في اتجاه الجنوب الغربي بطول شارع طلعت حرب ونحو ميدان التحرير. وتظهر اللافتة قرب مدخل مكتب "إير فرانس" المواجه لميدان طلعت حرب، واستناداً إلى صور منشورة تبين الصباغ واللافتة معاً في ذلك الموقع، فإن الصباغ كانت واقفة وغير مصابة في ذلك الوقت.

ويظهر المتظاهرون في مقطع الفيديو، وهم يسيرون مبتعدين في اتجاه الجنوب الغربي على طول شارع طلعت حرب، وتلاحقهم الشرطة، أثناء سماع الطلقة الثالثة. وفي تلك اللحظة يظهر ملثم بزي داكن واقفاً بجوار رجل شرطة بزي رسمي يشير إلى رتبته كعميد، في الشارع. يتخذ الملثم وضع القنص ويوجه سلاحه الناري نحو المتظاهرين، بينما يجري رجل الشرطة مشيراً إليهم. كما تظهر هذه اللحظة، أيضاً، في ثلاث صور فوتوغرافية نشرتها منافذ إعلامية محلية، مع التقاط المسلح وضابط الشرطة من زوايا مختلفة.

وكان الناطق باسم مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل، هشام عبد الحميد، قد قال في تصريحات صحافية، إن الصباغ أصيبت في الظهر والعنق بالخرطوش من مسافة نحو ثمانية أمتار. ويقرر تقرير الطب الشرعي الذي يوثق وفاة الصباغ، والذي نشرت صور ضوئية منه على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الصباغ توفيت جراء طلقات في الظهر، سببت تهتكات في الرئة والقلب ونزيفاً غزيراً في تجويف الصدر.

قالت سارة ليا ويتسن: "إن الزعم باعتداء هؤلاء المتظاهرين على الشرطة أو بأن صور وفاة الصباغ ملفقة هو زعم يتحدى الأدلة المتاحة كافة وتفوح منه رائحة التستر. وبعد وفاة أعداد كبيرة من المتظاهرين أثناء ممارسة حقوقهم الأساسية، يتعين على النائب العام الاضطلاع بواجبه وضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الوفاة".

أما عن الأدلة المستمدة من الشهود، بحسب المنظمة، فقد قالت، المحامية عزة سليمان، البالغة من العمر 48 عاماً، وتدير مؤسسة قضايا المرأة المصرية، لـ"هيومن رايتس ووتش" إنها كانت في مقهى على الجهة الأخرى من الشارع مع نجلها، وكانت تشاهد المتظاهرين الـ25-30، الذين كان بعضهم يحمل الزهور ويهتف. وقبل بدء التفريق، خرجت لتحيي بعض الأصدقاء الذين رأتهم وسط المتظاهرين. وقالت سليمان، إنها في خلال نحو خمس دقائق سمعت أصوات عربات الشرطة وشاهدت أفراد قوات الأمن، وكان بعضهم يرتدي أقنعة ويحمل بنادق الخرطوش، يقتربون من المتظاهرين ويطلقون الغاز المسيل للدموع والخرطوش على السواء في اتجاه المتظاهرين.

كما أكد أسامة همام، المصور الذي كان يغطي المظاهرة، للمنظمة تفاصيل رواية نشرها على فيسبوك، ووصف فيها قيام قوات الأمن بإطلاق الغاز المسيل للدموع والخرطوش على المظاهرة بدون إنذار. وكتب إلى هيومن رايتس ووتش: "كانت المظاهرة لا تزيد عن 30 شخصاً يحملون بعض الورود ونصفهم من كبار السن، وكان الشارع خاليّاً. وكانت الشرطة على الرصيف المقابل".


ثبتت هيومن رايتس ووتش وحسنت جودة مقطع الفيديو لتحليل لحظة الطلقة الثالثة. وفي المقطع المحسّن تظهر الصباغ وهي تسقط على الأرض بعد سماع الطلقة الثالثة مباشرة. قام اثنان من المتظاهرين، كان أحدهما يرتدي سترة سوداء وتم التعرف عليه باسم سيد أبو العلا، زميلها في الحزب، والآخر يرتدي سترة خضراء، بالمسارعة إلى مساعدتها. وهناك صورتان إضافيتان من زوايا مختلفة تظهران سقوط الصباغ في تلك اللحظة وانحناء الرجلين لمساعدتها.

وقد قال مصور صحافي مصري، كان يلتقط الصور لعملية التفريق من مسافة قصيرة، لـ"هيومن رايتس ووتش" إن الرجل الذي يرتدي القناع الأسود، والذي كان يقف على يساره، أطلق الطلقة التي أصابت الصباغ. وقال إن المتظاهرين، البالغ عددهم 20-25 في تقديره، كانوا يهتفون بشعارات انتفاضة 2011 ـ وليس بشعارات مناوئة للسلطات. وكانت قوات الأمن قد أطلقت الغاز المسيل للدموع والخرطوش على المتظاهرين بغير إنذار، في غضون دقيقتين من وصول المسيرة إلى ميدان طلعت حرب، حسب قوله.

ويبين مقطع الفيديو بوضوح أن الطلقة الرابعة والأخيرة ـ المطابقة في صوتها للثلاث السابقات ـ أتت من الملثم في اتجاه موضع غير ظاهر بامتداد شارع طلعت حرب، في اتجاه ميدان التحرير، وليس في اتجاه الصباغ. وهي تظهر في اللحظة نفسها ممددة على الرصيف، فيما يحاول أبو العلا إسعافها.

ثم يُظهر مقطع الفيديو الرجل الملثم يناول بندقيته لفرد آخر من أفراد الشرطة ويأخذ منه ما يبدو أنه قاذفة قنابل. ويطلق الملثم طلقة أخرى نحو الموضع غير الظاهر بامتداد شارع طلعت حرب. وعلى عكس الطلقات الأربع السابقة، يصدر هذا السلاح صوتاً مختلفاً، وهبّة كبيرة من الفوهة تحتوي على دخان رمادي، ما يوحي بإطلاق مقذوف كبير الحجم مثل عبوات الغاز المسيل للدموع.

وتبدو بندقية الخرطوش التي كان يحملها الملثم مزودة بكأس إطلاق مثبتة بالماسورة، تستخدم لإطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع وغيرها من المقذوفات، إذا تم تذخير البندقية بالأعيرة المخصصة لهذا الغرض. إلا أن كأس الإطلاق ما كانت لتمنع الملثم من إطلاق الخرطوش. علاوة على هذا فإن المقطع لا يظهر دخاناً أو مقذوفاً بعد الطلقة الثالثة المميتة فيما يبدو، التي انطلقت في اتجاه الصباغ، ما يوحي بأن البندقية لم تكن مذخرة بعبوات الغاز المسيل للدموع في ذلك التوقيت.

ذات صلة

الصورة
جواز سفر مصري - مصر (إكس)

مجتمع

أُحيل محامٍ مصري إلى المحاكمة الجنائية بتهمة تزوير محرّرات رسمية وجمع أموال من عائلات سوريّة في مصر، وذلك في مقابل إتمام إجراءات الجنسية المصرية المنتظرة
الصورة
الدرس انتهى لموا الكراريس

منوعات

أحيا مصريون وعرب على مواقع التواصل الذكرى الـ54 لمذبحة مدرسة بحر البقر التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي يوم 8 إبريل/نيسان عام 1970 في مدينة الحسينية.
الصورة
المؤرخ أيمن فؤاد سيد (العربي الجديد)

منوعات

في حواره مع " العربي الجديد"، يقول المؤرخ أيمن فؤاد سيد إنه لا يستريح ولا يستكين أمام الآراء الشائعة، يبحث في ما قد قتل بحثاً لينتهي إلى خلاصات جديدة
الصورة
مئات يترقبون انتشال المساعدات على شاطئ بحر غزة (محمد الحجار)

مجتمع

يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة ملاحقة المساعدات القليلة التي تصل إلى القطاع، وبعد أن كانوا يلاحقون الشاحنات، أصبحوا أيضاً يترقبون ما يصل عبر الإنزال الجوي.