"هيومن رايتس ووتش" تدعو إلى تفعيل البحث عن سوريين خطفهم "داعش"

12 فبراير 2020
كشفت مقابر جماعية عدة بعد دحر التنظيم(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
يسلط تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الضوء على الإخفاء القسري في سورية، تحديداً المختفين قسرياً من السوريين بالذات، على يد تنظيم "داعش" الإرهابي. التقرير الذي يحمل عنوان "مخطوفو داعش... التقاعس عن كشف مصیر المفقودين في سورية"، ويأتي في 71 صفحة، يشير إلى أنّ العدد الفعلي للمختفين قسرياً غير معروف، لكنّ معلومات مستندة إلى "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" ترصد عدداً يتجاوز 8140 حالة لأفراد اعتقلهم التنظيم وما زال مصيرهم مجهولاً.

يشير التقرير إلى أنّ "ضحايا كثيرين اختفوا خلال هجمات داعش العسكرية، خصوصاً في 2014 عندما وسّع التنظيم مساحة الأراضي الخاضعة لسيطرته كثيراً. واعتقل داعش مئات الجنود من القواعد الحكومية بالقرب من الرقة، بالإضافة إلى رجال أكراد من قرى بالقرب من عين العرب (كوباني) وكذلك رجال من عشيرة الشعيطات الذين قاوموا التنظيم. وبينما كان غالبية من اعتقلهم داعش من الرجال، فقد وثّقت المنظمة عدة حالات لنساء اختفين أيضاً، منهن ناشطات محليات".

ومع هزيمة التنظيم واندحاره عن المناطق التي كان يحتلها، وتغير خريطة السيطرة على الأرض، يشير التقرير إلى أنّ أعضاء في "داعش" التقطوا صوراً أثناء تنفيذهم إعدامات خارج القانون بحق المحتجزين لديهم. وفي حالات أخرى، قُصفت المنشآت التي استخدمها التنظيم كمعتقلات، على يد التحالف الدولي، أو التحالف السوري - الروسي، ما أودى بحياة الجميع، باستثناء من فروا أثناء الفوضى التي أعقبت القصف. وبالنسبة للآلاف ممن فُقدوا على يد "داعش" ما زال مكانهم ومصيرهم مجهولين. ويلفت التقرير إلى اكتشاف أكثر من 20 مقبرة جماعية تحوي آلاف الجثث في المناطق التي كانت يسيطر عليها "داعش".

يركز التقرير على 27 حالة لأفراد أو مجموعات من الأشخاص الذين اعتقلهم "داعش" كانت آخر المعلومات عنهم أثناء احتجازهم لديه، قبل هزيمته العسكرية. ففي بعض الحالات، رأى شهود عناصر "داعش" يعتقلون أقاربهم، وفي حالات أخرى، قال محتجزون سابقون إنّهم رأوا الشخص المفقود في معتقلات التنظيم. ويشير إلى أنّه نادراً ما تلقى الأقارب الذين تواصلوا مع مسؤولي "داعش" أو زاروا المعتقلات للاستفسار عمن يخصهم أيّ معلومات، وفي أسوأ الحالات، احتُجزوا هم أنفسهم.

يلفت التقرير إلى عدم تنسيق أطراف النزاع الحاليين في سورية، ممن يتقاسمون السيطرة على الأرض، جهودهم من أجل قضية الإخفاء القسري وجعلها أولوية، وهو ما يعرقل عملية الكشف عن مصير المختفين. كذلك، لم يعالج التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مسألة المفقودين أو يعطيها الأولوية. رغم زيادة الدول المانحة تمويلها لاستخراج الجثث، بما فيها الولايات المتحدة وألمانيا، وإعلان الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يمتلكون معلومات بشأن مكان خمس شخصيات دينية سورية بارزة اختطفها "داعش"، خصص التحالف موارد قليلة لدعم العائلات لتحديد مصير أقاربها.

ويقدم التقرير توصيات ضرورية للأطراف المسيطرة، للكشف عن مصير المختفين قسرياً، تتضمن تعيين هيئة مركزية أو جهة تنسيق في مختلف أنحاء منطقة سيطرة كلّ طرف لتسجيل من فُقدوا في ظل حكم "داعش" ولتنسيق جمع المعلومات عن المفقودين مع السلطات الأخرى في سورية، وإبلاغ العائلات بمصير جميع الأشخاص المحتجزين ووضعهم القانوني، والردّ على جميع الطلبات المعلّقة للحصول على هذه المعلومات من العائلات، واتخاذ خطوات عاجلة لحماية المقابر الجماعية باستخدام الخبرة الجنائية اللازمة لتنفيذ هذا العمل بفعالية، ودعوة خبراء الطب الشرعي الدولي المستقلين، بمن فيهم أولئك الذين لديهم خبرة في العمل أمام المحاكم الجنائية الدولية، للمساعدة في حفظ وتحليل الأدلة في المقابر الجماعية التي أتيح الوصول إليها حديثاً. كذلك، يوصي التقرير بضمان عدم تعريض الأشخاص الذين احتجزوا سابقاً من قبل "داعش" وغيرهم من المحتجزين للتعذيب أو سوء المعاملة، وإتاحة الوصول الكامل لهيئات مراقبة مستقلة ونزيهة، إلى جميع مراكز الاحتجاز.




ويوصي التقرير التحالف الدولي بتوفير الدعم المالي والتقني، ودعم بناء قدرات السلطات المحلية غير المتورطة في الجرائم الخطيرة وانتهاكات حقوق الإنسان، للتحقيق في مصير أولئك الذين اختفوا في شمال شرق سورية وتوثيق حالاتهم، وتشجيع الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الأخرى على ضمان إتاحة مثل هذا الدعم والتدريب لهذا التحقيق والتوثيق ضمن إطار غير تمييزي يحترم حقوق الإنسان. ويوصي الولايات المتحدة بأن يكون كشف مصير الأشخاص الذين أخفاهم "داعش" عنصراً أساسياً في استراتيجية ما بعد "داعش".