يبدو الرئيس الأوكراني بيترو بروشينكو في عجلة من أمره في مسألة تثبيت العلاقة بين بلاده والاتحاد الأوربي وحلف الناتو، ولم يجد ما يفيده في ذلك أكثر من توظيف أمين عام حلف شمال الأطلسي "الناتو" السابق، الدنماركي أندرس فوغ راسموسن.
وستتركز مهمة راسموسن، بصفته مستشارا، بتقديم الاستشارات في مجالات عدة ولعل أهمها "الإصلاحات المطلوبة لكي يتم تطبيق اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي".
وكان راسموسن، اليوم السبت، قد رحب بنفسه بمهتمه الجديدة على موقعه الرسمي، وقال في تصريحات نقلها عنه تلفزيون بلاده "الرئيس بيترو بروشينكو قال إن بلاده ستقوم بأشياء لرفض سيطرة روسيا على جزيرة القرم، لكن هناك أشياء أخرى مهمة يجب القيام بها. من المهم جدا أننا في دول الغرب لا نعترف ولا نقبل بضم شبه جزيرة القرم، فهذا الإجراء هو تماما على ذات الخط الذي سار عليه الاتحاد السوفييتي بحق دول البلطيق بعيد الحرب العالمية الثانية، وهو ما لم نقبله أيضا ولم نعترف به". ويضيف راسموسن:"بالنسبة للأوكرانيين سأقول لهم بكل وضوح بأن تلك (قضية القرم) ليست الأولوية على المدى القصير".
يأتي الإعلان عن تعيين راسموسن في منصب مستشار لرئيس دولة تعيش نزاعا مع روسيا بعيد تصريحات الرئيس الروسي الأخيرة، فلاديمير بوتين، يوم أمس الجمعة عن أن بلاده "لن تدخل بنقاش مع أحد حول مسألة القرم".
وكذلك بعد تصريحات للرئيس بروشينكو قال فيها إن "مسألة القرم ومستقبلها ستكون نقطة التركيز القادمة وسنستعيد السيطرة عليه وعلى شرق البلاد"، وذلك بعد استقباله ناديا سافشينكو قائدة المروحية الأوكرانية التي أفرجت عنها روسيا، إثر عملية تبادل أسرى، رغم أن بوتين يقول إنه "أطلق سراحها لأسباب إنسانية". وتعتبر ناديا (34 سنة، وحكم عليها بـ 22 سنة سجناً في محكمة روسية) رمزاً لما يسميه الأوكرانيون "المقاومة ضد روسيا".
وفي أول رد على سؤال لتلفزيون الدنمارك، بعد تعيينه مستشاراً، حول واقعية عودة شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا، قال راسموسن: "في وقت ما يمكن لذلك أن يحدث. إذا ما فكرنا بما كان الوضع عليه قبل 30 و40 سنة في الحقبة السوفييتية وكيف كانت تحكم دول البلطيق فإن ذلك حدث. وعادة ما نرى أن الأشياء غير الواقعية تصبح كذلك إذا ما تمسكنا بالمبادئ".
وكان راسموسن كأمين عام للناتو يحمل فلسفة خاصة عمل عليها، وبحسب ما يقول بنفسه "إقامة شراكة استراتيجية مع روسيا" إلى أن تم اجتياح أوكرانيا في 2014. ويبدو أنه سيصبح مستشارا وفق ذات الفلسفة بحسب أحد الخبراء الدنماركيين العارفين براسموسن، وهو الأستاذ في جامعة أودنسه سورن ريسهوي الذي قال إن "الأوكرانيين يريدون إرسال إشارة للروس عن أنهم سيتمسكون بمواقف متشددة تجاههم، بينما راسموسن يرى بأنه من خلال التعاون مع روسيا يمكن التوصل للمراد".
وبينما يصبح راسموسن مستشارا لرئيس دولة أجنبية فإنه في بلاده (الدنمارك) يواجه عواصف سياسية وقانونية حيث تسعى أحزاب ومنظمات حقوقية للكشف عن تقارير ارتكاب جرائم حرب وخرق لحقوق الإنسان في ثلاث حروب شاركت فيها بلاده. وخصوصا في ما يتعلق بالحرب العراقية وعمليات التعذيب والاعتقال والتسليم للأميركيين والمليشيات التي يتهم بها راسموسن، وكذلك الحرب الأفغانية ومساهمة جنوده بذات المساهمة التي تفضحها تقارير حقوقية دولية وداخلية.
أندرس فوغ راسموسن الذي شغل رئاسة الوزراء في بلاده، وأمين عام حلف الناتو أسس بعد انتهاء مهمته الأخيرة ما سماه في 2014 "راسموسن للاستشارات" وهي تنتقد بسبب تقديمه استشارات لحكومات تتهم بالديكتاتورية وخرق حقوق الإنسان حول العالم.