وكانت لجنة برلمانية بريطانية قد أنهت تقريراً يكشف مدى التدخل الروسي في السياسة البريطانية، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ولكن حكومة بوريس جونسون حينها رفضت نشره حتى ما بعد موعد الانتخابات، التي تمت في منتصف ديسمبر/ كانون الأول.
وعلى الرغم من عدم نشر الحكومة البريطانية للتقرير، حصلت "ذا غارديان" على شهادة المصرفي والناشط السياسي بيل براودر، الذي كانت شهادته أساسية في التقرير الذي أعدته لجنة الأمن والاستخبارات في البرلمان البريطاني.
ويزعم براودر أنّ روسيا سعت لاختراق المجتمع البريطاني من خلال عملاء بريطانيين "بعضهم كان على علم تام بما يقوم به ولصالح من... وآخرون عن جهل بمصالح الدولة الروسية".
وتشمل قائمة العملاء سياسيين من الحزبين الرئيسيين في بريطانيا: "المحافظين" و"العمال"، إضافة إلى عدد من ضباط المخابرات والدبلوماسيين السابقين، ورؤساء شركات علاقات عامة كبرى.
ولا توجد إشارة في التقرير إلى خرق هؤلاء الأفراد للقانون البريطاني، إلا أنّ النظام في موسكو يستخدمهم للتعتيم على المصالح المترابطة للدولة الروسية والمافيات التي تسيطر عليها، وفقاً لبراودر. ويضيف أنّ الدولة الروسية تستخدمهم لمهاجمة منتقدي بوتين "وتعزيز الدعاية وحملات التضليل الروسية" و"تسهيل وإخفاء عمليات تبييض الأموال الهائلة".
وأكد براودر وجود عملاء استخبارات روس في السفارة الروسية بلندن، يعملون تحت غطاء دبلوماسي. وأضاف أنّ "الأوليغارشية الروسية تمتلك نفوذاً كبيراً على الأمن في هذا البلد. وما يثير الصدمة أنّ الحكومة الروسية توظف مواطنين بريطانيين بشكل غير مباشر لمساعدتها في عملياتها الاستخبارية".
ويرى براودر أنّ الدولة الروسية والجريمة المنظمة قد اندمجتا عملياً، والأموال التي تتم سرقتها من الميزانية الحكومية ومن الشركات الخاصة، تستخدم لإثراء المسؤولين الكبار، ومنهم بوتين، وتمويل "العمليات السرية والمشاريع الخاصة".
Twitter Post
|
وكانت روسيا قد أصدرت عدة مذكرات توقيف دولية بحق براودر، وأدانته محاكمها بعدة جرائم، منها التهرب الضريبي، بينما ينفي الأخير هذه الاتهامات ويقول إنه ضحية لكراهية موظفي الدولة الروسية الفاسدين.
وكانت شركة براودر "هرميتاج" لإدارة رؤوس الأموال، واحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السوق الروسية، ولكن اختلافه مع السلطات الروسية دفعه لترحيلها من موسكو عام 2005.
ويتهم براودر مسؤولين مرتبطين بوكالة الاستخبارات العسكرية الروسية بسرقة 230 مليون دولار من الضرائب التي دفعتها شركته للحكومة الروسية، بينما توفي محاميه سيرغي مانيتسكي في المعتقل الروسي عام 2009. ونجح براودر بعدها بإقناع الإدارة الأميركية وعدد من الحكومات الغربية بفرض عقوبات على عدد من المسؤولين الروس المتورطين في خروقات حقوق الإنسان.
ويذكر براودر إحدى الحالات التي سعى فيها أحد عناصر الإدارة الروسية أندري بافلوف، لإزالة اسمه من على قائمة العقوبات الأوروبية. واستعان بافلوف في ذلك بجهود المدعي العام البريطاني السابق اللورد بيتر غولدسميث، الذي ينتمي لحزب "العمال". وتلقت شركة غولدسميث للمحاماة أجوراً بقيمة 75 ألف جنيه إسترليني.
وفي مثال آخر، يذكر براودر أنّ بافلوف استعان بخدمات شركة "جي بي دبليو" للاستخبارات، التي يديرها ضابط المخابرات الخارجية البريطانية السابق أندرو فولتون. ويشير براودر إلى أنّ هذه الشركة جمعت معلومات عنه شخصياً، وكان فولتون حينها في إدارة الفرع الإسكتلندي لحزب "المحافظين".
وتشمل اتهامات براودر عدداً آخر من البريطانيين الذين عملوا كواجهة لشركات تبييض الأموال الروسية خارج البلاد، والتي تم ذكرها في قضايا الفساد المتعلقة باغتيال مانيتسكي. وتشير شهادة براودر إلى أنّ البريطانيين كانوا مجرد أسماء في واجهة شركات غامضة تمر عبرها مليارات الدولارات، في دول مثل بريطانيا وروسيا وأوكرانيا وقبرص ولاتفيا.