"ديربي الكراهية" في إنكلترا... صراع تجاري عبر التاريخ

15 يناير 2017
الفريقان يلتقيان في الدوري الإنكليزي (Getty)
+ الخط -


"دربي الكراهية"... في إنكلترا يستخدم الجميع هذه العبارة حين يلتقي نادي ليفربول بنظيره مانشستر يونايتد، وهذه التسمية لم تنتشر بسبب منافسة في أرض الملعب أو حتى لأسباب رياضية، بل إنها تعود لصراع اقتصادي بين مدينتين كانتا رائدتين في القرن الماضي.

ويتواجه الطرفان في الجولة الحادية والعشرين من مسابقة الدوري الإنكليزي لكرة القدم على ملعب "أولد ترافولد"، ويطمحان لتحقيق الفوز من أجل البقاء في مركز متقدم في الترتيب. في البداية تقع مدينتا مانشستر وليفربول في شمال غرب إنكلترا، وتبعدان عن بعضهما مسافة 56 كلم. الصراع بين الطرفين كان لأسباب اقتصادية وتجارية بحتة منذ القدم.

وكانت مانشستر في القرن الثامن عشر مدينة مكتظة بالسكان، واشتهرت بشكل كبير في شمال البلاد ولعبت دوراً مهماً في صناعة القطن، ومع أواخر ذلك القرن، كانت ليفربول قد نمت أكثر من ناحية مينائها البحري، الذي حقق نجاحاً كبيراً وساعد في ازدهار التجارة، وباتت هي المدينة الرائدة في الشمال خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حتى أطلق عليها لقب "مدينة الإمبراطورية البريطانية الثانية".

وبعد ازدهار صناعة القطن في مانشستر، رفع القائمون على مدينة ليفربول الرسوم على المواد الأولية المستوردة والمتجهة إلى المدينة الثانية في تلك المنطقة، هذا الأمر أدى إلى افتتاح قناة مانشستر البحرية يوم 1 يناير عام 1894 والتي بلغ طولها حوالي 54 كلم، وبالتالي باتت متصلة بخليج "مرزيسايد"، مما دفع السفن والتجار إلى سلوك الممر البحري للوصول إلى مناطق أخرى في العمق البريطاني.


وأدى هذا الأمر إلى توقف العمل بشكل كبير في ميناء مدينة ليفربول، وانعكس بشكل كبير على حركة الملاحة والتجارة هناك، خاصة أن المدينة كانت تعتمد على "الترانزيت" بمبدأ تفريغ البضائع في الميناء ونقلها براً، مما زاد نسب البطالة وندرة توفّر السيولة النقدية، إذ دخل الكثيرون في أزمات مالية، وعزوا ذلك إلى ما قام به أبناء مدينة مانشستر.

وانعكست هذه العوامل على الرياضة بشكل مباشر وعلى مباريات كرة القدم تحديداً، حتى بات "ديربي الكراهية" يحمل الكثير لسكان المدينتين، ومع زيادة شعبية هذه الرياضة عاماً بعد آخر، بات الأمر بالنسبة للجميع مسألة حياة أو موت، ففي عام 1968 فاز مانشستر يونايتد بلقب دوري أبطال أوروبا وأصبح حينها أول نادٍ يحقق هذا الإنجاز وهذا الأمر أزعج جماهير ليفربول بشكل كبير.

وتوالى الصراع بين العدوين حين استطاع ليفربول أن يسيطر على مسابقة الدوري الإنكليزي بشكل كبير حتى 1989-1990 (آخر لقب للفريق) وهنا تمكن فريق مانشستر من الفوز بـ13 لقباً حتى 2017، ورغم التطور الذي تشهده كرة القدم والاحترافية في مسألة انتقال اللاعبين، كان فيل تشينسال آخر لاعب انتقل من ليفربول إلى مانشستر بشكل مباشر عام 1964 ما يبرز حدة الصراع حتى اللحظة.

ما يؤكد أن جماهير الفريقين تعتبر هذه المباراة مصيرية ولا تقبل الخسارة فيها، ما يحدث في من أمور خارجة عن الأخلاق الرياضية برفع يافطات مؤذية ربما للبعض. فجماهير الشياطين الحمر ترفع في الكثير من الأوقات يافطات تذكر فيها بضحايا كارثة هيلزبره التي راح ضحيتها 96 مشجعاً للريدز عام 1989 بسبب حالات الاختناق عند البوابة، أما جماهير ليفربول عمدوا بالردّ دائماً من خلال تذكيرهم بحادثة ميونخ 1958، حين تحطمت الطائرة التي كانت تقل فريق مانشستر يونايتد وتوفي يومها 23 شخصاً من أصل 44.



المساهمون