"دولار الكرامة": مبادرة مغتربين سودانيين لدعم بلدهم

28 اغسطس 2019
أزمة السيولة المستمرة تزيد معاناة السودانيين (فرانس برس)
+ الخط -

أطلق مغتربون سودانيون مبادرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لدعم بلادهم بتحويلات نقدية، أطلقوا عليها مبادرة "دولار الكرامة"، وذلك بعد أيام من إعلان رئيس الوزراء الجديد عبد الله حمدوك، أن السودان يحتاج إلى مساعدات أجنبية بقيمة 10 مليارات دولار لتغطية الواردات وإعادة بناء الاقتصاد.

ودعا نشطاء إلى فتح حساب خاص بالمغتربين لدى البنك المركزي لإيداع 500 دولار للفرد، من أجل توفير المبلغ المطلوب حتى لا تضطر حكومة حمدوك لطلب مساعدات خارجية.

ويتزايد التوجس لدى الكثير من السودانيين، بدخول الأموال السعودية والإماراتية وكذلك صندوق النقد الدولي لفرض أجندتها على البلد، الذي يتمتع بثروات كبيرة غير مستغلة.

وقدمت الإمارات والسعودية، بعد إطاحة الجيش بالرئيس عمر البشير في إبريل/ نيسان الماضي، مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار، في شكل وديعة بقيمة 500 مليون دولار في البنك المركزي وكذلك في صورة وقود وقمح وأدوية، إلا أن العديد من الأزمات لا تزال قائمة، لا سيما شح الوقود والخبز والسيولة النقدية وانقطاع الكهرباء، ما دعا خبراء اقتصاد إلى المطالبة بحلول حقيقية لإعادة الاستقرار إلى الاقتصاد وتحسين مستويات المعيشة.

وتشير بيانات جهاز شؤون العاملين في الخارج (حكومي) إلى أن عدد السودانيين المغتربين المسجلين رسمياً يقدر بحوالي 5 ملايين شخص، إلا أن إحصاءات غير رسمية تقدرهم بأكثر من 10 ملايين.

ويقول المختص في شؤون الهجرة معاذ النور، لـ"العربي الجديد": "إذا قدر لهذه الحملة النجاح، فإنها ستساهم في رفد السودان بمبالغ تصل إلى أكثر من ملياري دولار، يمكنها أن تخفف من تداعيات شح النقد الأجنبي، كما أنها تعمل على جذب مزيد من المدخرات".

وأبدى خبراء اقتصاد ترحيبهم بالمبادرة، لكنهم شددوا على ضرورة خلق آلية واضحة لتطبيق هذه المبادرة وكيفية توظيف الأموال المحولة وفقاً للأولويات.

وقال محمد الزين، الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، إنه لا بد من إجراءات وسياسات للتعامل مع المبادرة بجدية لتفعليها عبر سفارات السودان في الخارج.

لكن الزين ربط استفادة الحكومة من المبادرة وجذب تحويلات المغتربين بتسهيل قنوات التحويل الرسمية مع الدول التي فيها ثقل للمغتربين ومنح حوافز جديدة ومجزية لهم خلافا لتلك التي جرى الإعلان عنها سابقاً. وارتفعت طموحات السودانيين بتحسن الاقتصاد، عقب تولي حكومة انتقالية مقاليد البلاد في وقت سابق من أغسطس/ آب الجاري.

وقال مصطفى محمد نور، الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، إن بإمكان الحكومة جذب مدخرات المغتربين من دون تعريضهم للخسائر، مشيرا إلى أن المغتربين أحجموا في السابق عن تحويل أموالهم التي يقدرها جهاز شؤون العاملين بالخارج بنحو ستة مليارات دولار سنوياً، بسبب فرض ضرائب على التحويلات، وعدم ثبات قيمة العملة المحلية، ووجود فارق كبير بين الأسعار الرسمية والسوق الموازية (السوداء).

وفقد الجنيه السوداني حوالى 70 في المائة من قيمته منذ نهاية 2018 في السوق السوداء. وخفض السودان قيمة الجنيه عدة مرات، لكنه فشل في منعه من الانهيار. ويبلغ سعر الدولار في الوقت الحالي 65 جنيهاً في السوق السوداء مقابل السعر الرسمي البالغ 45 جنيهاً.

وتشكو قطاعات واسعة في السودان (سكنية وتجارية وصناعية) من نقص موارد النقد الأجنبي فضلا عن موجات الغلاء وتردي الخدمات نتيجة الانقطاعات المتكررة للكهرباء وأزمة الوقود.

وارتفعت معدلات التضخم 52.5 في المائة في يوليو/ تموز الماضي، مقارنة بنحو 47.78 في المائة في يونيو/ حزيران، حسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، بينما كانت 44.95 في المائة في مايو/ أيار.

كما يواجه السودان أزمة سيولة منذ أكثر من عام ونصف، تسببت في اهتزاز ثقة العملاء بالقطاع المصرفي، وزادت معدلات السحب مع قلة الإيداع، ما فاقم من حجمها وبروز ظاهرة "تجارة الشيكات".

وفي محاولة لحل الأزمة، بدأ البنك المركزي في الأشهر الماضية طرح فئات كبيرة من العملة بقيمة (100 و200 و500) جنيه، إلا ان المشكلة لا تزال متفاقمة.

وتراجع إنتاج السودان النفطي بعد انفصال جنوب السودان في 2011 من 450 ألف برميل إلى ما دون 100 ألف، ما جعل الحكومة السودانية تلجأ لاستيراد أكثر من 60% من المواد البترولية لتلبية حاجات البلاد.

وأظهرت بيانات رسمية أن إجمالي الدين الخارجي للسودان يبلغ نحو 58 مليار دولار، النسبة الكبرى منه فوائد وغرامات تأخير. وأوضحت البيانات الواردة في تقرير مشترك بين البنك الدولي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، صادرة في مايو/ أيار الماضي، أن أصل الدين الخارجي يراوح بين 17 و18 مليار دولار، والمتبقي من إجمالي الدين بنسبة 85 في المائة عبارة عن فوائد وجزاءات، بدأت في التراكم منذ عام 1958.

ووفقاً للتقرير، فإن قائمة دائني السودان تضم مؤسسات متعددة الأطراف بنسبة 15 في المائة ونادي باريس 37 في المائة، و36 في المائة لأطراف أخرى، إلى جانب 14 في المائة للقطاع الخاص.

المساهمون