"دكتور سليب" لفلاناغان... لا علاقة له بكوبريك إطلاقاً

22 ديسمبر 2019
المخرج مايك فلاناغان (Getty)
+ الخط -
عوامل كثيرة مثيرة لحماسة مشاهدة Doctor Sleep، الذي أنجزه مايك فلاناغان عام 2019، قبل عرضه، أهمّها أنّه جزء مكمل لـThe Shining (الوميض) أحد علامات السينما، الذي أخرجه ستانلي كوبريك عام 1980. كما أنّه اقتباس عن رواية بالعنوان نفسه (2013) لستيفن كينغ، كاتب فيلم كوبريك أيضاً، متتبعاً فيه مستقبل الطفل داني تورانس، المعروف جيدا في "الوميض"، الرواية والفيلم. العامل الثالث هو فلاناغان نفسه، الذي تحرّك بخطوات ثابتة في سينما الرعب في الأعوام الـ5 الأخيرة، مقدّماً أعمالاً مثيرة للانتباه، أهمّها Gerald’s Game، المقتبس عام 2017 عن رواية لكينغ أيضاً. 
يبدأ "دكتور سليب" بشكل فعّال، ملبياً توقّعات المتفرّج الذي صُدّر له في الدعاية والملصق باعتباره مُكمّلاً لـ"الوميض". يظهر داني (إيوان ماك كريغور) بعد أشهر على الأحداث الجنونية التي شهدها فندق "أوفرلوك"، متأثّراً بما حدث، قبل الانتقال إلى عام 2011، حيث تبرز 3 خطوط غير متقاطعة: داني، الذي يعاني إدمان الكحول، محاولاً التعافي وبدء حياة جديدة في ولاية أخرى؛ و"أخوية العقدة"، الذي يعيش أفرادها مئات السنين بفضل تحوّلهم إلى كائنات تتغذّى على القدرات الخارقة للأطفال (أشباه داني)، كالتخاطر عن بعد أو قراءة الأفكار؛ والفتاة الصغيرة أبرا ستون (كيلياغ كورّان)، التي تمتلك قدرات استثنائية للغاية. 
بحسب كتب السيناريو وتحليل بناء القصص، يُمهّد الفصل الأول للأحداث والعالم والشخصيات، ويستغرق عادة ربع مدة افتتاح الأحداث، قبل ظهور الحبكة والصراع الرئيسي. أحد العيوب الأساسية والخطرة في "دكتور سليب" كامنٌ في أنّ التقديم يستمر لأكثر من ساعة، وببطء شديد، ومونتاج يتنقّل بين الخطوط الـ3 من دون تصاعد حقيقي ملموس. هناك أكثر من مشهد طويل عن إدخال مُراهقة في الأخوية، وأكثر من مشهد ضعيف يُبيِّن استثنائية أبرا. أمور يُمكن حذفها بسهولة، للقدرة على فهمها لاحقاً في سياق الأحداث، من دون حاجة إلى أي تمهيد لها، بما في التمهيد من طولٍ وقت، جاعلاً مدّة الفيلم 150 دقيقة من دون داع، مع بروز اختلافٍ في الإيقاع بين الفصول. 
في الفصل الثاني، الذي يبدأ في نقطة متأخرة جداً (منتصف الفيلم تقريباً)، تبدأ الحبكة في الظهور. فالأخوية تريد الوصول إلى أبرا، لامتصاص روحها، فتعيش أعواماً أطول. يحاول داني مساعدتها للنجاة منها، فتبرز، مع مرور الأحداث، مشاكل أخرى. أحداث بسيطة جداً نسبة إلى هذا الكَمّ من الشحن والتمهيد. معركة واحدة يخوضها معظم أفراد الأخوية بسذاجة شديدة.
كما أنّ الصلة بـThe Shining تتضاءل أكثر فأكثر. فجديد فلاناغان قصّة مستقلة تماماً، تدور في عالمٍ ذي قواعد مختلفة عن فيلم كوبريك. إذاً، لماذا اعتباره تكملة له؟ تأتي الإجابة بشكل ملتو في الفصل الثالث، حين يعود داني مع أبرا إلى فندق "أوفرلوك"، لسبب هشّ للغاية: المرأة الوحيدة الباقية من جماعة الأخوية قوية، وأشباح الفندق فقط هم من يقدرون عليها.
يبدو الحل هزلياً، إذ لم تظهر قدرات خارقة لأفراد الأخوية، باستثناء عيشهم أعواماً طويلة. كما أنّ داني لا يعلم الكثير عنهم، فهو رأى موتهم السهل في المعركة، وبالتالي تُصبح العودة مفتعلة، بهدف الاستفادة من الإرث العظيم لكوبريك، ولفيلمه المُهيب بصرياً. ورغم أنّ تلك المرحلة، وبفضل الحنين والتأثّر بشكل الفندق مع مرور الزمن، والعودة إلى خنادقه المعروفة وشخصياته الأيقونية (منها شخصية جاك نيكلسون نفسه، لكن بأداء ممثل آخر)، والمتاهة الثلجية. بفضل هذا كلّه، تكون مَشاهد هذا الفصل جاذبة، والجزء الأفضل في الـ150 دقيقة، لكنها لا تجعل الفيلم جيداً، إذْ لفقدانها المنطق، تترك فجوات أكثر مما تُقدّم من حلول وإجابات.
دلالات
المساهمون