"دعم مصر" وأحزاب الأكثرية تتقاسم "كعكة اللجان البرلمانية"

21 فبراير 2016
من اجتماعات البرلمان المصري (الأناضول)
+ الخط -
تبدأ مناقشات مشروع اللائحة الجديدة لمجلس النواب المصري، اليوم الأحد، على أن تستمرّ لمدة أسبوعين، تُعلن بعدها الأمانة العامة للبرلمان عن فتح باب تلقي رغبات النواب مجدداً، بشأن الانضمام إلى اللجان المستحدثة، أو تعديل الرغبات السابقة.

استحدثت اللائحة تسع لجان جديدة، تُضاف إلى 19 لجنة سابقة، ليبلغ العدد الإجمالي 28 لجنة، تتولّى مهام إبداء الرأي في مشاريع القوانين، واقتراحات القوانين، وغيرها من المواضيع المتعلقة بالاختصاصات، وإعداد تقارير بشأنها للعرض في الجلسة العامة.

تضمّنت اللجان المستحدثة التالي: لجنة الشؤون الأفريقية، ولجنة النزاهة والشفافية، ولجنة المشروعات الصغيرة متناهية الصغر، ولجنة الطاقة والبيئة، ولجنة التعليم العالي والبحث العلمي، ولجنة التضامن الاجتماعي والأسرة وذوي الإعاقة، مع فصل لجنتين للثقافة، والسياحة والآثار.

حاول عدد من أعضاء لجنة إعداد اللائحة تمرير مقترح، يستحدث منصب "نائب رئيس اللجنة"، لتصبح هيئة مكتب كل لجنة ممثلة من خمس قيادات (رئيس اللجنة، ونائبه، ووكيلان، وأمين سر)، إلا أن الاقتراح لم يلقَ قبولاً داخل اللجنة.

وفقاً لعدد اللجان الجديدة، تصل المناصب القيادية بهيئات مكاتب اللجان إلى 112 منصباً، موزّعة بواقع أربع قيادات لكل لجنة، وهو العدد الأضخم في تاريخ المجلس النيابي، الذي جاء "إرضاءً لقيادات ائتلاف (دعم مصر)، وأحزاب الأكثرية العددية ممثلة في المصريين الأحرار، ومستقبل وطن، والوفد"، بحسب عضو بلجنة وضع اللائحة.

يشير العضو، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "نواب دعم مصر شكّلوا كتلة مؤثرة داخل لجنة اللائحة، واستطاعوا تمرير عدد من المقترحات بالتنسيق مع نواب الأحزاب المؤثرة، كان في مقدمتها توسيع لجان المجلس، لفض الاشتباك بين قياداتها على رئاسة ووكالة اللجان، وحسم المناصب القيادية بالتوافق فيما بينها".

اقرأ أيضاً: مصر:استطلاع رأي يطرح الثقة بالحكومة عبر مواقع التواصل

من جهتها، تفيد مصادر برلمانية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن "دعم مصر يضع نُصب عينيه تولّي قيادة لجان المجلس المهمة، وعلى رأسها: الدفاع والأمن القومي، والخطة والموازنة، والعلاقات الخارجية، والتعليم، والزراعة، والصناعة، والإدارة المحلية، والشباب والرياضة، والشؤون الدينية، والإعلام".

تضيف المصادر "استقر الائتلاف، على رئيس الاستخبارات الحربية الأسبق، كمال عامر، لرئاسة لجنة الأمن القومي، ومحمد العرابي للعلاقات الخارجية، ونائب الحزب الوطني السابق، هشام الشعيني للزراعة، ورجلي الأعمال محمد زكي السويدي للصناعة، وأحمد السجيني للإدارة المحلية، ورئيس جامعة الأزهر السابق، أسامة العبد، للجنة الدينية، بينما لا يزال الائتلاف يبحث عن خليفة أحمد عز في رئاسة الخطة والموازنة".

تكشف المصادر، أن "الائتلاف سيدعم مصطفى الجندي لرئاسة الشؤون الأفريقية، وهو رجل أعمال له العديد من الاستثمارات ببعض دول حوض النيل، تحديداً السودان وأوغندا، وكان يشغل نائب رئيس البرلمان الأفريقي في وقت سابق، ويتمسك بارتداء الجلباب الفلاحي خلال لقاءاته الإعلامية".

من المنتظر أن ينافس الجندي على رئاسة اللجنة، النائب المعيّن سيد فليفل، العميد السابق لمعهد الدراسات الأفريقية بالقاهرة، الذي اختاره الرئيس عبد الفتاح السيسي لأداء دور برلماني، في ظل الدور المصري المتراجع في أزمة بناء سد النهضة الإثيوبي.

اللافت أن رئيس حزب "المحافظين"، رجل الأعمال أكمل قرطام (صادر بحقه حكمٌ بالحبس لمدة عام بعد عضويته النيابية، لاتهامه بتزوير مستند شراء قطعة أرض)، يطمح في الفوز برئاسة لجنة الشفافية والنزاهة، بعد أن اقترح استحداثها داخل لجنة إعداد اللائحة، وبدأ التواصل مع مجموعات من النواب لدعمه. ترفض قيادات الائتلاف ترشح قرطام، وترى ضرورة في تحجيم دوره، ووضعه في مكانه الطبيعي، الذي انتهى بمشاركته في حجم الإنفاق المالي الضخم على الحملات الدعائية لقوائم "في حب مصر".

في السياق ذاته، يتوقع المتحدث الرسمي للائتلاف، علاء عبد المنعم، إثارة توسيع اللجان جدلاً بين نواب المجلس تحت القبة، عقب الانتهاء من مناقشة اللائحة، مؤكداً ضرورة اختيار رؤساء اللجان وفقاً للكفاءة والخبرة، بغرض التخصص والتنوع، لا لأهداف ومصالح حزبية ضيقة.

يلفت عبد المنعم في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "المكتب السياسي للائتلاف أخطر أعضاءه برفض مقترح استحداث لجنة للنزاهة والشفافية خلال مناقشات الجلسة العامة، فكل اللجان معنية بالشفافية ومكافحة الفساد، وفقاً لتخصصاتها". يضيف أن "الائتلاف سيرفض مقترح فصل الثقافة عن الإعلام، وتبنّى دمجهما في لجنة واحدة".

من جهة ثانية، يقود عدد من النواب المستقلين داخل ائتلاف "دعم مصر"، مبادرة لإقناع النائب المعيّن، سري صيام، بالعدول عن استقالته، التي تقدم بها في وقت سابق إلى رئيس المجلس، علي عبد العال، بسبب ما اعتبره "تهميشاً لخبراته القانونية، وتجاهل اختياره في لجنة إعداد اللائحة"، مقابل دعمه لرئاسة لجنة الشؤون التشريعية.

تأتي تلك المبادرة، في اتجاه معاكس لرغبة بعض قياديي الائتلاف، الذين وعدوا، وفقاً للمصادر، نائب حزب "الوفد" المعين، بهاء الدين أبو شقة، بمنحه رئاسة اللجنة المهمة، والتي تُعدّ "مطبخ التشريعات" في البرلمان، بعد دعمه في رئاسة لجنة إعداد اللائحة.

أبو شقة، محامٍ جنائي، ووالد مستشار السيسي القانوني، محمد أبو شقة، الذي أشرف على وضع أسماء قوائم الائتلاف الانتخابية، داخل مقر جهاز الاستخبارات العامة، وفقاً لشهادة سابقة للقيادي المنسحب من الائتلاف، حازم عبد العظيم.

اقرأ أيضاً: ساويرس يسيطر على اقتصاد مصر عبر الخدمات المالية

كما يشهد "دعم مصر" صراعات مكتومة، أولها بين أمين عام الائتلاف، طاهر أبو زيد، ورئيس نادي سموحة، رجل الأعمال محمد فرج عامر، على رئاسة لجنة الشباب والرياضة، في ظل تمسك كل منهما بحصته في "تورتة" اللجان، والوصول إلى حدّ التراشق الإعلامي بينهما.

تفيد المصادر في هذا الصدد، بأن "هناك اتجاهاً لدى قيادات الائتلاف لتقديم مقترح في الجلسة العامة بفصل اللجنة السابقة، إلى واحدة للشباب، يرأسها أبو زيد، وأخرى للرياضة، يرأسها عامر، نظراً لأن كلاً منهما يرى أحقيته برئاسة إحدى اللجان".

كما تتنازع داخل الائتلاف كل من العميدة السابقة لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، آمنة نصير، ورئيسة الهيئة البرلمانية لحزب "مصر الحديثة"، ألفت كامل، على رئاسة لجنة التعليم، ليأتي قرار فصل اللجنة، إلى واحدة للتعليم، وأخرى للتعليم العالي، كمخرج للأزمة، بعد إعلان نصير ترشحها لرئاسة التعليم العالي.

كما أبدى كل من رئيس "اتحاد عمّال مصر"، جبالي المراغي، والأمين العام للاتحاد، محمد وهب الله، رغبته في رئاسة لجنة القوى العاملة، إلا أن المصادر تؤكد إقناع قيادات الائتلاف لوهب الله، بالترشح على منصب وكيل اللجنة، وترك رئاستها للمراغي، وهو نائب سابق عن الحزب الوطني.

كما يصارع نائب رئيس الائتلاف، سعد الجمال، على رئاسة لجنة الشؤون العربية، في مواجهة شرسة مع الإعلامي عبد الرحيم علي. وكان الجمال يرأس اللجنة خلال عهد الحزب الوطني، أما علي فباشر بحشد النواب لتأييد ترشيحه، نظراً لأهمية اللجنة الخاصة، في ظلّ الدعم المادي المقدم من دول خليجية لأتباع النظام الحاكم.

فضلاً عن ذلك، يتسابق النواب على عضوية اللجنة، لكونها حظيت بالمرتبة الثالثة في الأهمية، بعد الدفاع والأمن القومي، والإسكان، ووضعها مؤسس حركة "تمرد"، محمود بدر، كغاية أولى. كما تمكنت قيادات "دعم مصر"، الممثلة في لجنة اللائحة، من فصل لجنة الإعلام عن الثقافة، لتمهيد الطريق لفوز نائب رئيس الائتلاف، المحرر العسكري السابق أسامة هيكل، برئاسة لجنة الإعلام، بعد أن كان سينازعه عليها المخرج السينمائي خالد يوسف، الذي سيتجه بطبيعة الحال للمنافسة على رئاسة لجنة الثقافة بعد فصلها.

يشير هيكل في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لم يكن يخشى أي منافسين في مواجهته، وكان ولا يزال واثقاً من الفوز بالمنصب"، مضيفاً أنه "كان يرى عدم التوسع في اللجان، وهيئات مكاتبها، لأن من شأن ذلك إضعاف دور اللجان، في ظل تداخل مهامها، وكثرة قياداتها".

في سياق متصل، يتنافس حزبا "المصريين الأحرار"، و"الوفد"، على رئاسة بعض اللجان، في مقدمتها اللجنة الاقتصادية. يطرح "المصريين الأحرار" هاني نجيب في مواجهة محمود عطية من "الوفد"، وأيمن أبو العلا من "المصريين الأحرار" في مواجهة حسني حافظ من "الوفد". كما يطمح "المصريين الأحرار" في فوز نائبه، سعيد طعيمة، برئاسة لجنة النقل والمواصلات، و"الوفد" في اقتناص لجنة التعليم لصالح نائبه هاني أباظة.
كما تشهد لجنة حقوق الإنسان صراعاً محتدماً، بين رئيسها في مجلس الشعب السابق، محمد أنور السادات، ورئيس نادي الزمالك، مرتضى منصور (رئيسها الحالي كأكبر الأعضاء سناً)، بعد تراشقهما إعلامياً أخيراً، واتهام الأخير للأول بالاتجار في المخدرات.

من جهته، يُشدّد نائب رئيس حزب "الحرية"، معتز محمود، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، على أن "في توسيع اللجان تناقضاً واضحاً، في ظل ادعاء أعضاء لجنة إعداد اللائحة، أن اقتصار تشكيل الهيئات البرلمانية على الأحزاب صاحبة خمسة مقاعد فأكثر، واستبعاد ممثلي عشرة أحزاب لها تمثيل أقلّ نيابياً من اللجنة العامة (لها اختصاصات واسعة)، جاء لعدم زيادة أعضائها، في حين أن اللجنة العامة ستضمّ، وفقاً للائحة، كل رؤساء اللجان النوعية، بما يعني زيادة أعضائها".

النائب المستقل ياسر عمر، يقول من جانبه، إن "توسيع اللجان تقف وراءه تكتلات وأحزاب لها أهداف ومصالح خاصة، تتمثل في زيادة عدد المناصب بالمجلس، من دون مراعاة للمصلحة العامة"، مضيفاً أن "زيادة عدد اللجان ستؤثر سلباً على أدائها، والمناقشات داخلها، نظراً لقلة عدد النواب باللجان، وتوزيعهم على اللجان المقترحة".

سبق لعمر، أن أوضح في تصريحات سابقة، أن "النواب عادة يبدأون في التغيب عن حضور جلسات اللجان، بعد أشهر قليلة من الانعقاد، لتصبح اجتماعاتها خالية من الأعضاء، فضلاً عن أن العدد المقترح يتطلّب 28 أمانة من العاملين بالمجلس من موظفين وباحثين ومستشارين، و28 قاعة لعقد اجتماعات اللجان، ما يُعدّ عبئاً إدارياً يُضعف من عمل تلك الأمانات".

اقرأ أيضاً: الاحتجاجات تتصاعد مجددا في مصر

المساهمون