تعاني محافظة الأنبار، غربي العراق، من صراع الإرادات، المتمثلة بأميركا وإيران، ففيما الأخيرة تصرّ على دخول مليشيا الحشد الشعبي الى المحافظة، ترفض الأولى مشاركة قوات التحالف بأيّ معركة في الأنبار إلا بعد خروج الحشد، ما دفع تنظيم "داعش" إلى استغلال هذا الصراع، ليسيطر على منطقة البو فراج بالكامل.
ولم تشهد الأنبار منذ نحو عام ونصف العام، أيّ استقرار أمني، رغم تعاقب حكومتي نوري المالكي وحيدر العبادي، ولم تتغيّر سياسة الرجلين تجاه المحافظة التي أصبحت بين مطرقة الحكومة وسندان تنظيم "الدولة الإسلاميّة".
وتعيش المحافظة اليوم، مناخاً من صراع الإرادات، المتمثلة بأميركا وإيران، وفق ما يؤكد عضو مجلس المحافظة مزهر الملا لـ "العربي الجديد"، لافتاً إلى "إيران تصرّ على دخول مليشيا الحشد الشعبي الى المحافظة بكل الأحوال، ولا رأي للحكومة في ذلك، مقابل رفض واشنطن مشاركة قوات التحالف بأيّ معركة في الأنبار إلا بعد خروج الحشد".
وأضاف أنّ "داعش استغل هذا الموضوع يوم أمس من خلال معرفته برفض دخول طائرات التحالف، فاخترق منطقة البو فراج وسيطر عليها بالكامل، فيما فرّت القطعات العسكريّة المتواجدة بالمنطقة أمام الهجوم وتحصنوا بقيادة العمليات وتركوا المنطقة وأهلها للتنظيم".
ويشير الملا إلى أنّ "الحكومة من جهتها لا تعتزم تقديم أيّ سلاح إلى عشائر الأنبار، وأنّ السلاح الذي وزعه العبادي خلال زيارته إلى قاعدة الحبانية، تم استقراضه من وزارة الدفاع وعند عودة العبادي تم سحبه وإعادته إلى الوزارة مباشرة".
من جهته، تساءل القيادي الكردي، ومقرّر لجنة الأمن في البرلمان السابق، شوان محمد طه، في حديث مع "العربي الجديد"، عن "دور الإرادة الحكومية على الساحة العراقيّة، وسط صراع الإرادتين الأميركيّة - الإيرانيّة"، منتقداً "استراتيجيّة الحكومة العراقيّة في قتال داعش".
ولفت إلى أنّ "سياسة الحكومة الأمنيّة غير مجدية، وعليها أن تكون صريحة مع الشعب وتعترف بأنّها غير قادرة على تحرير أيّ مكان من قبضة داعش إلّا بإسناد وضربات من قبل طيران التحالف، هذا هو الواقع الحقيقي"، موضحاً أن "الاعتماد على الحشد الشعبي في المعارك لا نتائج إيجابية فيه، لأنّ حجم الخروقات التي تحدث على الأرض من قبل الحشد أكبر من حجم أي نصر في ساحة المعركة قد يحرزه الحشد".
وأشار الى أنّ "معركة تكريت لا يمكن أن تحسم ولن تحسم لولا تدخل طيران التحالف وعلى الحكومة أن تعترف بذلك"، مشيراً إلى "وجود مزايدات حزبيّة وتدخلات إقليميّة وضغوطات جانبية في وضع هذه الاستراتيجية".
وتساءل طه "ما جدوى هذه الاستراتيجيّة، إذا كنا اليوم نتقدم بمنطقة وداعش يتقدم بأخرى أو يستعيد نفس المنطقة، هذه بالنتيجة حرب استنزاف وحرب كر وفر"، داعياً الحكومة إلى "وضع استراتيجيّة مجدية، بالاعتماد على تسليح أبناء العشائر وأهالي المناطق، والقوات الأمنيّة المحليّة".
اقرأ أيضاً: العراق: مقتل 19 عنصراً من "داعش" بقصف على البوفراج