كانت أيام العيد في عراق هذا العام حزينة، فقد أتت بعد أيام قليلة من تفجير الكرادة الذي راح ضحيّته المئات. طبعاً، تأثرت كل القطاعات المرتبطة بالعيد واحتفالاته، غير أن بعضها كان يعرف أن دوره هو الاستمرار كفعل مقاومة للجو السائد، ومنها المسرح.
في قاعة "مسرح الرافدين" في بغداد، عرضت أيام العيد مسرحية "دائرة الطباشير الصغيرة" التي أنتجتها "الفرقة الوطنية للتمثيل" وأخرجتها إقبال نعيم ضمن عوالم مسرح الطفل، وإن لم تخل من إشارات تهمّ كل الأعمار.
العمل من تأليف الإسباني ألفونسو ساستره وترجمته إشراق عبد العادل، وجسّد شخصياته كل من ياس خضير وزمن حسين وبهاء خيون وريتا كاسبر وليلى فارس. تروي المسرحية قصة دمية تملكها طفلة وتهملها وتضربها ثم تلقي بها في الشارع لتلتقطها بالمصادفة طفلة أخرى تعتني بها لتعود إلى جمالها، فتطالب صاحبتها الأولى بها من جديد.
في حديث إلى "العربي الجديد"، تقول المخرجة "إن هذه المسرحية تريد أن تؤكد على أهمية الاعتناء بالأشياء، فالأشياء تنتمي إلى من يحسن الاعتناء بها ويرعاها"، حديث يمكن سحبه على أقل شيء يتفاعل مع الطفل كلعبته، وصولاً إلى الوطن برمته.
عن الاشتغال على مسرح الطفل في هذا الوقت في العراق، تقول نعيم: "اهتمامنا بمسرح الطفل هو إيمان بأهميته في التكوين الاجتماعي عامة، إضافة للأبعاد الجمالية والأخلاقية التي يمدّ بها الطفل في ظل غياب البرامج والتخطيط لدعم وتنشيط الثقافة والمسرح".
تلاحظ نعيم أن الوضع العراقي المتوتر "جعل المؤسسات المعنية تهمل الطفل في برامجها" مشيرة إلى أن "دور المدرسة غير كاف، فهناك يتعلم المعارف والعلوم غير أنه في المسرح يتعلّم تذوّق الحياة ويكتشف ذاته وينمّي قدرته على الاختيار".
تشير نعيم إلى مشاكل أخرى يعيش تحت وطأتها مسرح الطفل، مثل غياب الفضاءات المخصصة له، إذ تقول "مع الأسف وزارة الثقافة تمتلك مسرحاً خاصاً هو "مسرح الفانوس السحري" لكن غياب الصيانة والدعم المادي جعله معطّلاً عن العمل".
ليس هذا المسرح سوى نموذج يمثل عشرات المسارح العراقية التي إن لم تضربها التفجيرات والاعتداءات، خرّبها الإهمال واللامبالاة.