"خمسون دقيقة": مونودراما المرأة والخوف

21 يونيو 2019
(من العرض)
+ الخط -
تجد إحدى الشابات نفسها سجينة مكان ما، ربما بإمكانها الخروج لكنها تخشى من مجرد التفكير في الأمر، بل إننا نكتشف فعلاً أنها سجينة بكامل إرادتها... هذه الفكرة هي القوام الذي تبني عليه المؤلفة المسرحية سارة زين حكاية المونودراما التي تقدمها مع المخرجة رنين كسرواني وبأداء سالي فواز على "مسرح أبراج" في بيروت عند الثامنة والنصف من مساء اليوم والغد.

العرض بعنوان "خمسون دقيقة"، وهو مليء بالرموز والإشارات... ثمة شكوك وترقب، ثمة خوف من الداخل والخارج وقلق تعيشه الشخصية وتضع فيه الجمهور معها لمدة خمسين دقيقة هي مدة العرض، وهي أيضاً مدة حياتها التي تبدو كما لو كانت مقاطع من فيلم.

تقول كسرواني في تصريح سابق إن العرض يتناول حالة كثير من الشخصيات التي تعيش بيننا في المجتمع، ويضيء مخاوف المرأة من محيطها القريب والأكبر، ثمة خوف من كلام الآخرين، من ارتكاب أي خطأ، خوف من الرجل، من التعرض إلى العنف، من التأخر في الزواج، وخوف من الزواج نفسه، ومن الأمومة والشيخوخة ومن الوحدة والقائمة تطول.

على الرغم من أن الشخصية تجسد المرأة، لكنها أيضاً تتطرق بشكل أو بآخر إلى مخاوف الرجل، إلى الإنسان بالعموم، وكيف يمكن أن تحطم الذكورية حياة الرجل نفسه، وتقوده إلى الإخفاق في بناء علاقة سوية بالآخر.

يمكن القول إن العرض الذي تقدمه ثلاث فنانات مسرحيات في بداية مشوارهن، نسوي إلى حد كبير، وهو يطرح قضايا قديمة متجددة تعيشها المرأة في المجتمعات العربية، فنرى الشخصية طيلة العرض تفكر في اتخاذ قرار ما بشأن حياتها في السجن أو خارجه.

من جهة أخرى، يبدو لافتاً أن تنطلق سالي فواز في بداياتها من المونودراما، فهو أحد أشد أنواع المسرح تعقيداً، ويضع الممثل في تحد مستمر مع الجمهور وكيف يمكن أن يبعد شبح التململ أو الضجر من القاعة، لذلك يحتاج إلى ممثل بخبرة كبيرة أو موهبة توازيها، وحضور مهيمن على الخشبة، ونص قوي ومشدود، لذلك فإن الكثير يقع على كاهل الممثلة الشابة.

على أي حال، إنها مغامرة مسرحية نسوية جديدة، وضعت لها السينوغرافيا المتقشفة المخرجة كسرواني، والتي تنسجم مع فكرة السجن الذي تعيش داخله الفتاة، ومع صراعها مع الداخل والخارج، وحتى مع الزمن ببعديه الواقعي وهو زمن المسرحية والمتخيل وهو زمن النص.

المساهمون