"حماس" في مصر: صفحة جديدة في العلاقات

14 مارس 2016
يترقب أهالي غزة نتائج إعادة العلاقات مع مصر(علي حسان/الأناضول)
+ الخط -
مع الزيارة المفاجئة لوفد حركة "حماس" إلى العاصمة المصرية القاهرة، واللقاء مع مدير الاستخبارات المصري، خالد فوزي، فإنّ باباً مغلقاً منذ الثالث من يوليو/ تموز 2013 فُتح للحركة الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة.
الزيارة، وإنْ جاءت في توقيت حرج لـ"حماس" وغزة، إلا أنها تفتح من جديد باب الأمل في تخفيف الضغط المصري على القطاع، بعد نحو ثلاثة أعوام من الإغلاق القاسي لمعبر رفح البري، بوابة الفلسطينيين إلى العالم الخارجي، وربما ستساهم في حلحلة ملفات أخرى مع الاحتلال الإسرائيلي إذا أرادت مصر العودة لدور الوسيط.

اقرأ أيضاً: معبر رفح وسيناء يتصدران لقاء وفد "حماس" بالاستخبارات المصرية

وتدرك "حماس" تماماً أنّ مهمة إعادة العلاقات مع مصر ليست سهلة، بعد عامين من التحريض عليها واتهامها بكثير من القضايا المصرية الداخلية، وقطع كل جسور الاتصال والتواصل، حتى الميداني منه على الحدود، لكنها ترغب فعلياً في تحسين العلاقة وتطويرها ولو كان بشكل بطيء.
لكنّ الاستقبال الرسمي لوفد الحركة و"الحفاوة" التي رافقت قيادييها من معبر رفح حتى إقامتهم في فندق بالقاهرة، تؤكد رغبة السلطات المصرية، أو على الأقل جهاز الاستخبارات العامة، في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين وتطوير العلاقة لمصلحة الطرفين.
ووفقاً لمعلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، فإنّ زيارة وفد "حماس" إلى مصر جاءت بعد تدخل سعودي، ومباركة قطرية للخطوة، وجهود كبيرة بذلها رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل مع أطراف متعددة، خلال الأسابيع الأخيرة.
من جهته، يشير المحلل السياسي، طلال عوكل، إلى أنّ الباب أصبح مفتوحاً لاستعادة العلاقة بين النظام المصري الحالي وحركة "حماس" في غزة، في ظل المتغيّرات الحالية التي تشهدها المنطقة العربية، وفشل كافة الجهود التي بذلتها الحركة لحل أزماتها الداخلية. ويقول عوكل لـ"العربي الجديد"، إنّ الأوضاع أصبحت أكثر نضجاً خلال المرحلة الحالية، بعدما تعززت القناعات لدى قادة حركة "حماس" بدور مصر، وأهمية تحسين العلاقة معها، من أجل الخروج من المأزق الحالي، وتحسين الواقع المعيشي في القطاع. ويوضح أنّ الفترة المقبلة ستشهد نوعاً من التحسن التدريجي على المستوى السياسي والإعلامي المصري في التعامل مع حركة "حماس"، وسينعكس الأمر إيجاباً على فتح معبر رفح، والسماح بدخول البضائع ومواد البناء للقطاع مستقبلاً.
ويرى عوكل أنّ الزيارة الحالية ستبحث ملفات "أكثر أهمية من معبر رفح، كالمصالحة الفلسطينية وعلاقة حماس وارتباطها بالإخوان المسلمين، ودخول مصر على خط الوساطة في ملف الجنود الأسرى الإسرائيليين، الموجودين لدى كتائب القسام (الذارع العسكرية للحركة)". ويلفت إلى أنّ النظام المصري الحالي سيطلب من "حماس" التعاون في ملف حماية الأمن القومي المصري، وأداء دور في ضبط الأوضاع في سيناء، تمهيداً لخلق مناخ إيجابي من العلاقات خلال الفترة المقبلة. ويشير عوكل إلى أنّ مصر تريد استعادة دورها، وأداء دور كبير في القضية الفلسطينية، في ضوء الأزمات الحالية التي تعاني منها الساحة السياسية الفلسطينية، وحالة الجمود السياسي بفعل فشل المفاوضات مع الاحتلال، وعدم قدرة حركة "حماس" على تحسين واقع القطاع. ولا يستبعد عوكل أنّ تقْدِم الحركة "على فك ارتباطها التنظيمي بالإخوان المسلمين، على غرار الإخوان المسلمين في الأردن، من أجل الخروج من المأزق الحالي، والبدء في تحسين العلاقات بشكل تدريجي مع النظام المصري"، على حد قوله.
أما الكاتب السياسي، حازم قاسم، فيقول لـ"العربي الجديد"، إنّ حركة "حماس" تدرك أنّ العلاقة مع مصر أصابها ضرر شديد بعد عزل الرئيس محمد مرسي، وأنّ النظام الحالي لا ينظر بعين الرضا إليها، وتدرك أنّ مصر ترغب في الحقيقة بإنهاء سيطرتها المنفردة على القطاع، وأنها تريد عودة السلطة إليها.
وفي ظل كل ذلك، فإن "حماس" لا تطمع بأكثر من مد جسور الاتصال شبه المقطوعة مع السلطات المصرية، مشيراً إلى أنه بالرغم من التفاؤل الذي حرصت "حماس" على بثه قبل اللقاء، فإنّ الأمر يتعلق بترطيب الأجواء، وكجزء من التحضير الدبلوماسي للقاء.
ويشير قاسم إلى أنّ زيارة وفد "حماس" إلى القاهرة أمامها ملفات ثقيلة، وقضايا متراكمة، نتيجة غياب الحوار في الأوقات السابقة، لذا فالنتيجة من اللقاء قد لا تكون مباشرة، وتحتاج إلى وقت أكثر من مجرد لقاء، وقد يكون كسر الجليد وبداية الاتصالات هو ما يخرج به الجانبان من اللقاء. ويلفت إلى أنّ العلاقة المستقبلية بين الطرفين ستبقى محكومة بالتفاعلات الداخلية في مصر، فالسلطات الحالية لا ترى في "حماس" صديقاً ولا جاراً محتملاً، ولا توجد هناك بوادر لتغيير هذه النظرة، كما أنّ الأمر مرتبط بالسلطة الفلسطينية والرئيس (محمود) عباس، الذي "يعمل جاهداً على تخريب أي اتصال إقليمي لحماس ولا سيما مع مصر"، على حد قوله. ووفقاً لقاسم، فإنه "من المبكر الحديث عن شكل العلاقة المستقبلية، أو حدوث تغيير في طبيعة العلاقة الحالية بين الحركة ومصر".

اقرأ أيضاً اللاجئون الفلسطينيون: الهوية، الفضاء والمكان
المساهمون