27 سبتمبر 2018
"حرب" النظام على داعش
يجري تصوير ما يحدث في سورية على أنه صراع ضد داعش. يقول النظام، إنه يخوض الحرب على داعش. وأميركا تقوم بضربات جوية ضد داعش. وتقول تركيا، إنها دخلت الحرب ضد داعش (على الرغم من أنها تقصف الأكراد). و"العالم" لا يرى فيما يجري في سورية سوى داعش والخوف من داعش، وبالتالي، حشد القوى لمواجهتها. وتركز كل التكتيكات التي تطرح لـ "إنهاء الحرب" في سورية على مواجهة داعش.
قال النظام السوري، منذ البدء، إنه يواجه "مجموعات إرهابية"، وسلفية، ثم أطلق بيانات باسم جبهة النصرة، عن تفجيرات قام بها قبل أن تتشكل "النصرة". ومن ثم سهّل دخول داعش، بالتفاهم مع النظامين الإيراني والعراقي، راعيي "تنظيم دولة العراق" الذي بات يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، لكنه يقول إنه يخوض الحرب ضد التنظيم.
هل قاتل النظام داعش؟ لا شك حدثت "اشتباكات"، لكن التدقيق فيها يوضح أنها كانت لمساعدة النظام في مناطق باتت قواته محاصرة فيها (معسكر مينغ مثلاً، وحتى مطار الطبقة)، أو لحاجة داعش للسلاح. وكانت المعارك الأساسية، منذ وجود داعش، مع الكتائب المسلحة، فهي التي طردتها من الشمال السوري، حينما تمدّدت (دور جبهة ثوار سورية التي قامت جبهة النصرة بتصفيتها فيما بعد)، وهي التي قاتلتها في حلب وطردتها منها. كذلك في ريف دمشق، وريف حمص. وكذلك في دير الزور وريفها. كانت كل المعارك الأساسية ضد داعش من الثورة التي وجدت فيها قوة تخريب، يستخدمها النظام ضدها. وإلى الآن، المعارك الأساسية ضد داعش هي من الكتائب المسلحة، كما يجري في مارع وجرابلس.
في دراسة صدرت، أخيراً، بعد رصد تشابك الصراع في سورية، ظهر أن 63% من قتال داعش كان ضد الكتائب المسلحة، وأن 13% منه كان مع النظام، والباقي مع الأكراد أو مع قوى أصولية أخرى (جبهة النصرة وجيش الإسلام). هذا يوضح طبيعة الدور الذي تقوم به داعش، لكنه يوضح حدود التقاطع مع النظام، وكيف أنه عنصر مساعد له في الحرب ضد الثورة، وليست قوة مواجهة له. وهذا دور لعبته "النصرة" كذلك، وما زالت تلعبه في مناطق عديدة، على الرغم من أنه يبدو أنها باتت تخضع لدول، مثل تركيا وقطر، لكنها ما زالت مخترقة، وظلت معاركها ضد الثورة، ربما سوى في الفترة الأخيرة بعد التفاهم السعودي القطري التركي.
يوضح هذا الأمر سبب إطلاق النظام سراح "الجهاديين" بعد الثورة، وكيف كان يدير نشاطهم في العراق قبل ذلك، وإلى أي مدى كان يخترقهم منذ "الجهاد المقدس" في أفغانستان، والذي ظهر في كم المعلومات التي قدمها لأميركا، قبل أن يتحقق التصادم على ضوء قتل رفيق الحريري. بمعنى أن النظام كان يعرف كيف يوظّف هؤلاء "الجهاديين" منذ زمن طويل، وقد وظفهم في العراق بعد سنة 2005 للضغط على الاحتلال الأميركي، ما دفع نوري المالكي (الحليف الراهن للنظام) إلى التهديد بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن، بشأن "الإرهاب الذي يرسله النظام السوري إلى العراق".
كل تدقيق في الصراع القائم في سورية يُظهر، بوضوح، أنْ ليس هناك صدام أو صراع بين النظام السوري وداعش، وأن الصدام هو بين داعش والثورة، فبحجة إقامة دولة الخلافة، يعمل داعش على تدمير بيئة الثورة، واعتقال ناشطيها وقتلهم، وقتل القيادات العسكرية للكتائب المسلحة، وفرض سلطة أصولية مغرقة في التخلف على الشعب الذي عمل على التحرر من استبداد نظام الأسد، لكي يظهر أن هذا الاستبداد "ضرورة" في مواجهة استبداد وحشي أصولي وشامل.
لا أحد يعتقد أن هناك صداماً بين النظام وداعش، ولا أن يعتقد أنه يجب إقامة تحالف ضد داعش. ربما فقط الذين يريدون أن يبرروا وحشية النظام يكررون، إنه في حرب ضد داعش، لهذا يرون أن كل التدمير والقتل والتشريد الذي يمارسه "ضرورة" من أجل مواجهة داعش. هذا تبرير من لا ضمير له.
هل قاتل النظام داعش؟ لا شك حدثت "اشتباكات"، لكن التدقيق فيها يوضح أنها كانت لمساعدة النظام في مناطق باتت قواته محاصرة فيها (معسكر مينغ مثلاً، وحتى مطار الطبقة)، أو لحاجة داعش للسلاح. وكانت المعارك الأساسية، منذ وجود داعش، مع الكتائب المسلحة، فهي التي طردتها من الشمال السوري، حينما تمدّدت (دور جبهة ثوار سورية التي قامت جبهة النصرة بتصفيتها فيما بعد)، وهي التي قاتلتها في حلب وطردتها منها. كذلك في ريف دمشق، وريف حمص. وكذلك في دير الزور وريفها. كانت كل المعارك الأساسية ضد داعش من الثورة التي وجدت فيها قوة تخريب، يستخدمها النظام ضدها. وإلى الآن، المعارك الأساسية ضد داعش هي من الكتائب المسلحة، كما يجري في مارع وجرابلس.
في دراسة صدرت، أخيراً، بعد رصد تشابك الصراع في سورية، ظهر أن 63% من قتال داعش كان ضد الكتائب المسلحة، وأن 13% منه كان مع النظام، والباقي مع الأكراد أو مع قوى أصولية أخرى (جبهة النصرة وجيش الإسلام). هذا يوضح طبيعة الدور الذي تقوم به داعش، لكنه يوضح حدود التقاطع مع النظام، وكيف أنه عنصر مساعد له في الحرب ضد الثورة، وليست قوة مواجهة له. وهذا دور لعبته "النصرة" كذلك، وما زالت تلعبه في مناطق عديدة، على الرغم من أنه يبدو أنها باتت تخضع لدول، مثل تركيا وقطر، لكنها ما زالت مخترقة، وظلت معاركها ضد الثورة، ربما سوى في الفترة الأخيرة بعد التفاهم السعودي القطري التركي.
يوضح هذا الأمر سبب إطلاق النظام سراح "الجهاديين" بعد الثورة، وكيف كان يدير نشاطهم في العراق قبل ذلك، وإلى أي مدى كان يخترقهم منذ "الجهاد المقدس" في أفغانستان، والذي ظهر في كم المعلومات التي قدمها لأميركا، قبل أن يتحقق التصادم على ضوء قتل رفيق الحريري. بمعنى أن النظام كان يعرف كيف يوظّف هؤلاء "الجهاديين" منذ زمن طويل، وقد وظفهم في العراق بعد سنة 2005 للضغط على الاحتلال الأميركي، ما دفع نوري المالكي (الحليف الراهن للنظام) إلى التهديد بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن، بشأن "الإرهاب الذي يرسله النظام السوري إلى العراق".
كل تدقيق في الصراع القائم في سورية يُظهر، بوضوح، أنْ ليس هناك صدام أو صراع بين النظام السوري وداعش، وأن الصدام هو بين داعش والثورة، فبحجة إقامة دولة الخلافة، يعمل داعش على تدمير بيئة الثورة، واعتقال ناشطيها وقتلهم، وقتل القيادات العسكرية للكتائب المسلحة، وفرض سلطة أصولية مغرقة في التخلف على الشعب الذي عمل على التحرر من استبداد نظام الأسد، لكي يظهر أن هذا الاستبداد "ضرورة" في مواجهة استبداد وحشي أصولي وشامل.
لا أحد يعتقد أن هناك صداماً بين النظام وداعش، ولا أن يعتقد أنه يجب إقامة تحالف ضد داعش. ربما فقط الذين يريدون أن يبرروا وحشية النظام يكررون، إنه في حرب ضد داعش، لهذا يرون أن كل التدمير والقتل والتشريد الذي يمارسه "ضرورة" من أجل مواجهة داعش. هذا تبرير من لا ضمير له.