بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على إعلان مليشيا "الحشد الشعبي" في العراق، ومسؤولين محليين في محافظة صلاح الدين، مقتل الرجل الثاني في نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الأمين العام الحالي لحزب البعث عزة إبراهيم الدوري، جاءت الوقائع كي تؤكد العكس.
في البداية، لم تتبنَّ الحكومة العراقية رسمياً رواية مقتل الدوري، كما تنصّلت وزارة الصحة من تصريحات سابقة لها، حول تسلّمها جثة الدوري وتشريحها، وإجراء فحص لحمضه النووي. وأعلنت الوزارة أنها لا تملك الحمض النووي العائد للدوري، وطالبت بعينات من أحد أبنائه أو أشقائه. ويأتي ذلك بالتزامن مع إعلان المتحدث باسم حزب البعث، خضير المرشدي أن "الدوري حيّ يرزق داخل العراق".
ومما عزز عدم صحة مقتل الدوري، مطالبة زعيم عشيرة البكارة في صلاح الدين، الشيخ عبود النجم، بالجثة، مؤكداً أنها لـ"شعلان البجاري، أحد أبناء العشيرة، ويعمل في رعي الأغنام في قرية قرب مدينة الدور، مسقط رأس الدوري، وجرى قتله من المليشيات، بعدما رأوه يشبه الدوري".
اقرأ أيضاً: عزة الدوري.. 3 سيناريوهات لمصير آخر رجال صدام
من جانبه، كان زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، أكثر المشككين بصحة رواية مقتل نائب الرئيس العراقي السابق، مؤكداً في بيان له أن "الحديث عن مقتل الدوري مجرد ادعاءات، تهدف لتسييس الجهاد والانتصارات من قبل بعض المليشيات". وأوضح الصدر في البيان أن "الخلافات السياسية والمطامع داخل صفوف الحشد الشعبي تعيق عمله والأخبار الملفقة أيضاً". ودعا إلى "عزل فصائل الحشد الشعبي عن السياسة والسياسيين، الذين حاولوا تجيير الجهود لمصالح فئوية وحزبية"، مشيراً إلى وجود بعض المليشيات ذات الأبواق الطائفية.
من جهته، أفاد وزير عراقي رفيع، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، بأن "الجنرال الإيراني في الحرس الثوري باقر زاده، عاين الجثة في بغداد بناءً على طلب حكومي، باعتباره رئيساً للجنة تبادل رفات قتلى الحرب بين العراق وايران (1980 ـ 1988)". وكشف أن "الجثة لم تشبه الدوري، ما دفع السلطات العراقية إلى إغلاق الموضوع وعدم إثارته مجدداً".
وكانت مليشيا الحشد قد أعلنت في 17 أبريل/نيسان الماضي، مقتل الدوري في عملية وصفتها بـ"الاستباقية"، وأظهرت رجلاً في نهاية العقد الخامس من العمر، أحمر اللحية، يشبه الدوري ويضع مسبحة في عنقه. وتبنّى عدد من المليشيات العملية، حتى وصلت إلى تبادل الشتائم والتخوين، فيما بينها طمعاً بالمكافأة الأميركية لاعتقال أو قتل، الرجل، والبالغة 50 مليون دولار. وتبنّت مليشيا "العصائب" العملية، ثم مليشيا "بدر"، وبعدها "حزب الله" وآخرها مليشيا "كتائب الإمام".
ويرى أستاذ التاريخ السياسي في جامعة بغداد مصطفى الأطرقجي، في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تاريخ إعلان قتل الدوري، وهو 17 أبريل، يصادف ذكرى تحرير العراق لجزيرة الفاو، على الخليج العربي، من الإيرانيين في العام 1987، وكان للدوري دور مهم في المعركة. وإعلان مقتله في هذا اليوم، قد يكون فيه إرضاء للإيرانيين في محاولة من المليشيات لدعمها أكثر، فضلاً عن صرف أنظار الشارع العراقي عن الانتكاسات الأمنية في بيجي والرمادي وديالى، وفشل معركتي تحرير صلاح الدين والأنبار.
اقرأ أيضاً: "هاتف الدوري" يشغل العراقيين