تحتل الزهور في ألمانيا مكاناً بارزاً، في بيئة البلاد، ونشاطاتها الاجتماعية، على حد سواء. وبذلك فإنّ فن تنسيق الزهور، الذي يشكل قطاعاً مهنياً بذاته، هو أحد القطاعات المميزة هناك. وبشكل متواز، مع مسابقات جمالية كثيرة، فإنّ هذا القطاع أيضاً، يحظى بمنافساته الخاصة، لانتخاب أفضل منسّق زهور.
وفي العاصمة الألمانية برلين، التي يتزايد الاهتمام فيها بالزهور، يرى عمدتها كلاوس فوفير، أنّ مهنة التنسيق، تعبّر عن المواجهة الحاسمة، بين الطبيعة والاحتباس الحراري العالمي. ما يجعل القطاع يتخذ شكل "الثورة الخلاقة"، ضد ما يخرّب الطبيعة.
ومع ذلك، فإنّ ألمانيا تشهد تراجعاً في مهنة تنسيق الزهور، بخاصة أنّ الاستيراد بات يغلب عليها. ورغم أنّ العاصمة تضم الكثير من محال الزهور، كما يوجد في البلاد ككل، نحو خمسة آلاف مشتل، فهنالك شكاوى من المنافسة الرخيصة، من جراء الاستيراد. وهو ما يدفع بالكثير من المنسقين إلى ترك المهنة.
والحديث عن مهنة تنسيق الزهور، في ألمانيا، لا يشبه الحديث عنها في بلد آخر. فممارستها تتطلب دراسة أكاديمية، لمدة ثلاث سنوات، ليتخرّج الطالب منسقاً مختصاً، حاصلاً على إجازة، لا مجرد بائع. لكن، ومع تراجع القطاع ككل، بدأ الإقبال على دراسة التنسيق، أيضاً، بالتراجع. وبذلك، ترك المجال لباعة غير متخصصين، لممارسة نشاطهم، في بيع ما يستوردونه فحسب.
وفي مسابقة ألمانيا الدولية لتنسيق الزهور، التي أقيمت في برلين هذا العام، اجتمع العشرات من المشاركين، ليقدموا تصميماتهم المختلفة، ويعبّروا عن تلك الثورة العطرة. وعن ذلك يقول رئيس جمعية الزهور الألمانية، هيلموت الأمير، عن "ثورة الزهور" إنّ "العالم يحتاج، بالفعل، إلى الورد".
المنافسات الأخيرة، أقيمت في نهاية الأسبوع الماضي، ونصّبت مارسيل شولتز، من مدينة بادن فورتمبيرغ، بطلاً لها، كأفضل منسق، من بين 11 متأهلاً إلى النهائيات. وأكد شولتز مدى صعوبة تجسيد الافكار الثورية، شعار هذه السنة، من خلال الأزهار، فيما اعتبر مشاركته، وتتويجه "تجربة قيّمة من الناحية الفنية والإبداعية".
ويحاول منظمو مثل هذا النوع من المسابقات، أن يركزوا على الناحية الجمالية والفنية من الزهور وتنسيقها، لا على النواحي التجارية. ويأمل المنظمون أن يشجع استخدامهم شعار مكافحة الاحتباس الحراري من خلال الزهور، في إعادة إنعاش قطاع إنساني، بالدرجة الأولى، بات يشهد تراجعاً، مؤخراً.