ترتبط تَستور التونسية بالموريسكيّين الذين لجأوا إليها بعد إجبارهم من طرف الحكومة الإسبانية على مغادرة المملكة إلى شمال أفريقيا في مطلع القرن السابع عشر؛ حيثُ أسّسوا المدينة على أنقاض مدينة تيكيلا الرومانية الواقعة على هضبة في حوض مجردة شمالَي تونس عام 1609.
ويُشير المؤرّخون إلى أنّ معظم سكان المدينة، التي بُنيت وفق الطراز الأندلسي، كانوا من قشتالة وأراغون، وهو ما تدلُّ عليه ألقاب عائلاتها، وأنّ الإسبانية كانت اللغة المعتمَدة فيها طيلة قرن ونصف.
هذه الخلفية التاريخية تحضر في تظاهرةٍ ثقافية بعنوان "ثقافات" تستضيفها المدينة اليوم السبت، ضمن "يوم التراث الأندلسي"، تزامناً مع الذكرى 410 لتهجير الموريسكيّين من إسبانيا واستقرار عددٍ كبير منهم في مناطق مختلفة من تونس.
إضافةً إلى زيارة ميدانية إلى عددٍ من المعالم التراثية في المدينة وحفل في موسيقى المالوف الأندلسي، يتضمّن برنامج التظاهرة، التي تنظّمها "الجمعية التونسية للتراث المشترك" بالتعاون مع "دار الثقافة إبراهيم الرياحي" و"جمعية تراث تستور"، ندوةً علمية تستعيد أوراقُها تاريخ تستور الأندلسي.
تبدأ جلسات الندوة عند التاسعة والنصف صباحاً، بورقة للباحث محمد العزيزي من "جامعة جندوبة"، ويتناول فيها موضوع "الاستقرار الأندلسي بساحل بنزرت؛ مدينة العالية مثالاً"، تليه رملة الحصايري من "جامعة تونس" بورقة حول "مساهمة الأندلسيّين في تطوير تقنيات الري بمنطقة حوض مجردة: النواعير نموذجاً".
ويُقدّم الباحث خالد الشايب من "جامعة تونس" مداخلةً حمل عنوان "اندماج الأندلسييّن وعلاقتهم بالسلطة في تونس: الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز الأندلسي وأبناؤه نموذجاً"، ويتناول صالح الفالحي من "المعهد الوطني للتراث" في مداخلته "حرفة الشاشية التونسية: تراث ثقافي غير مادي أندلسي جدير بالصون والتثمين".
ويُعرَض في ختام التظاهرة فيلم "المطرودون 1609، مأساة الموريسكيّين"، وهو شريط وثائقي أنتجه "البيت العربي" في قرطبة، يتناول طرد الموريسكيّين من الأندلس، من خلال قصّة معلّم إسباني شاب يعثر في بيته بمنطقة الموناسيد دي لا سييرا، بسرقسطة، على مخطوطات قديمة بدت له مكتوبةً بالعربية، قبل أن يتبيّن لها أنّها مكتوبةٌ بـ "الخميادا" (اللغة الإسبانية بحروف عربية)، ليكون ذلك سبباً في تعرّفه على قصّة أسرة أندلسية طُردت من قريته عام 1609.