"تنظيف الأسماك"... رزق في بحر غزة

02 أكتوبر 2017
تنظيف الأسماك في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
مع ساعات الصباح الباكر ينهض الشاب الفلسطيني مروان بكر رفقة أخيه للتوجه نحو ميناء الصيادين بمدينة غزة للبدء في عملهم اليومي في تنظيف الأسماك، والتي أقبلوا عليها كمهنة، بعد مصادرة الاحتلال الإسرائيلي لقارب الصيد الخاص بهم قبل 5 سنوات.

ويعمل الصياد الغزي بكر مع أخيه في تنظيف الأسماك التي يقبل الغزيون على شرائها من الصيادين بعد عودتهم من رحلة الصيد، مقابل مبلغ مالي زهيد، ليتمكنا خلاله من توفير مصروفهما الشخصي وبعض من احتياجات أسرتهما المكونة من ثمانية أفراد.

وينتشر العديد من الصيادين وأبنائهم العاملين في ذات المجال على طاولات خشبية بسيطة داخل مرفأ الصيادين بغزة من أجل العمل على تنظيف الأسماك للراغبين مقابل مبالغ مالية لا تتجاوز 2 إلى 3 شيكل للكيلوغرام الواحد (أقل من دولار).

ويقول بكر لـ"العربي الجديد"، إنه قرر مع أخيه منذ عامين وضع طاولة خشبية داخل ميناء غزة في أوقات الصباح من أجل العمل على تنظيف جميع أنواع الأسماك التي يقبل الغزيون على شرائها مقابل مبلغ مالي بسيط يتحصلون عليه أملاً في توفير مصروفهما الشخصي وبعض من احتياجات عائلتهم.

ويضيف الصياد الغزي أن واقع الصيادين في القطاع المحاصر إسرائيليًا، بات صعبًا للغاية في ظل التشديدات والقيود التي يفرضها الاحتلال، لاسيما بعد أن صادر قوارب العديد من الصيادين ومن ضمنها قاربهم الذي مر على احتجازه أكثر من 5 سنوات دون أية بوادر لإعادته.




ويشير إلى أن تقليص الاحتلال المتواصل لمساحات الصيد والاستهداف اليومي المتكرر ألحق أذى وضررًا كبيرًا بشريحة واسعة من الصيادين الفلسطينيين في القطاع في ظل مصادرة القوارب وعدم زيادة مساحة الصيد بما يتناسب مع مناطق تواجد الأسماك بكميات أكبر.

ووفقًا لإحصائيات اللجنة الشعبية لكسر الحصار عن غزة، فإن متوسط دخل الفرد اليومي في القطاع لا يتجاوز دولاراً ونصف دولار أميركياً يومياً في الوقت الذي يعتمد أكثر من 80% من الأسر الغزية على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات الدولية العاملة.




ويبين الشاب الغزي أن الإقبال على شراء السمك وتنظيفه من قبل الأسر الغزية مرهون بالواقع والظروف الاقتصادية، إلا أن العمل في مجال تنظيف الأسماك يبقى فرصة لكسب الرزق في ظل عدم وجود فرص عمل واستمرار الأوضاع الصعبة التي تعصف بالصيادين الغزيين والمجتمع الغزّي عموماً.

وتفرض إسرائيل حصاراً بحرياً على قطاع غزة، منذ 2007، وتسمح لهم بالصيد لمسافة تتراوح ما بين 6 - 9 أميال بحرية فقط. وحسب نقابة الصيادين الفلسطينيين، فإن نحو 4 آلاف صياد في غزة يعيلون أكثر من 50 ألف فرد تضرروا جراء ممارسات الاحتلال.

أما الصياد الفلسطيني يوسف بكر (48 عامًا) فيقف هو الآخر خلف طاولة خشبية بسيطة يعمل عليها لتنظيف مختلف أنواع السمك التي يجلبها أصحابها لتنظيفها والحصول عليها جاهزة للطهو بشكل مباشر دون تحمل أعباء التنظيف الخاصة بها.




ويقول بكر لـ "العربي الجديد" إنه لجأ للعمل في مجال التنظيف إلى جانب عمله كصياد بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعيشها بفعل الحصار والأزمات المتتالية التي تعصف بالقطاع الذي تفرض إسرائيل عليه حصارًا مشددًا.

ويبين الصياد الغزي أن عمل بعض الصيادين في مجال تنظيف الأسماك يعود إلى ضعف مواسم الصيد خصوصًا في ظل عدم السماح لهم بالوصول إلى مسافة 12 ميلاً بحرياً التي توفر حرية للصياد للتحرك والتنقل في مختلف المواسم وفصول السنة التي تتنوع بها الأسماك.

ويرجع بكر أحد أسباب عمله في هذا المجال إلى جانب مهنته الأساسية كصياد إلى إعالته لأسرته المكونة من 9 أفراد بالرغم من الحصول على عائد مالي بسيط وزهيد للغاية مقابل تنظيف الكيلو جرام الواحد من السمك.

وبحسب نقابة الصيادين الفلسطينيين فإن عام 2016 شهد اعتقال السلطات الإسرائيلية نحو 130 صياداً فلسطينياً من عرض البحر وخلال مزاولتهم عملهم ضمن مسافة الصيد المسموح لهم بالعمل فيها، بالإضافة إلى إغراق ومصادرة 37 مركباً وعدداً كبيراً من معدات الصيد.

ونص اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وُقع بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في 26 أغسطس/آب 2014، برعاية مصرية، وأوقف عدواناً إسرائيلياً على قطاع غزة دام 51 يوماً، على أن يسمح لصيادي غزة بالصيد بحرية حتى مسافة 6 أميال على أن يجري توسيعها إلى 12 ميلاً، لكن الاحتلال لم يلتزم بالاتفاق.

المساهمون