"تقاطع" تانيا صالح: فضاء فني خاص

04 نوفمبر 2017
(فيسبوك)
+ الخط -
قبل أيام، أطلقت المغنية اللبنانية تانيا صالح ألبوماً جديداً حمل عنوان "تقاطع"، وأرفقته بفيلم قصير لا تتجاوز مدته 15 دقيقة، حمل العنوان ذاته. ويضم الألبوم أربع عشرة أغنية، منها: "كيف بروح"، "فرحاً بشيءٍ ما"، "أنا ليليت"، "ليس في الغابات عدلٌ"، "في بلاد الآخرين". واختارت صالح معظم أغنياتها من قصائد كبار الشعراء المعاصرين في الوطن العربي، وهم: الفلسطيني محمود درويش، والسوري نزار قباني، والتونسي بيرم التونسي، واليمني عبد الله البردوني، والمصريان أحمد فؤاد نجم وصلاح جاهين، والعراقيان بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، واللبنانيون جبران خليل جبران وجمانة حداد ويونس الابن، بالإضافة لثلاثة أغان كتبتها صالح بنفسها، كما قامت صالح بتلحين معظم أغاني الألبوم، باستثناء أغنيتين قام بتلحينهما موزع الألبوم خليل جدران.
موسيقياً، تمكنت صالح من تقديم نفسها بقالب جديد، حيث استخدمت الإيقاعات الإلكترونية الممزوجة بالإيقاعات الشرقية السريعة والمتكسرة، كخلفية للشعر التقليدي وغنائها التقليدي، لتقدم قالباً حداثوياً امتاز بالأصالة والهوية الشرقية.
إن صورة غلاف الألبوم توضح أن التقاطع الذي اختارته تانيا صالح ثيمةً لألبومها الجديد، هو تقاطع بين الريشة والميكروفون، ودمج لنمطين فنيين مختلفين، في سبيل إنشاء قالب فني خاص، لم نعهده من قبل في الوطن العربي؛ ويبدو ذلك أكثر وضوحاً في الفيلم القصير "تقاطع"، الذي استخدمته صالح كبديل موضوعي للفيديو كليب، وهو فيلم قصير يضم مقاطع قصيرة من جميع أغاني الألبوم؛ وترافق كل أغنية لوحة غرافيتي تقوم صالح برسمها على جدران الشوارع والمدن التي تمر بها، لتعبر عن العديد من القضايا الراهنة، من خلال التقاطعات والدلالات المتناقضة أو المتوازية بين الأغاني والرسوم.


ففي بعض الأغاني تعمد صالح لخلق المعنى من خلال التناقض بين كلمات الأغنية ودلالتها مع لوحات الغرافيتي، ومقاطع الفيديو المقتطعة من أفلام وبرامج تلفزيونية سابقة ومدمجة بالفيلم، كما يحدث في أغنية "أنا ليليت" التي تتناول نموذجاً لفتاة لبنانية تمكنت من تحقيق إنجاز عالمي في مسابقة ملكات الجمال، وترافق الفيديو كلمات الأغنية التي تختزل انتفاضة سرية لامرأة شرقية، محكومة بمعايير الطهارة والعذرية، ويكتمل المعنى مع لوحة الغرافيتي التي ترسمها صالح لامرأة شرقية الملامح واللباس، تكسو أعضاءها التناسلية قطع إضافية باللون الأحمر.
وتنهج الأسلوب ذاته في "القصيدة الدمشقية"، التي تتغنى فيها ببلاد دمرت بشكل كامل، كما يوضح الفيديو، وترافق الكلمات لوحتا غرافيتي متقابلتان، الأولى لفتاة تستحم وجسدها مكشوف، وُسِمت بكلمة "لاجئ"، وبمقابلها لوحة لشاب يجلس في منتصف الطريق وهو يدخن الأركيلة، وكتبت فوقه كلمة "تفرج"، فتتداخل لقطات الغرافيتي مع صور من مدينة حلب التي دمرها النظام السوري، لتركب صالح المعنى من خلال التناقضات والإحالات بين الكلمة والصورة.
وأما أغنية "الدنيا ربيع"، فتعرض صالح بالتزامن معها فيديو لأغنية "سعاد حسني"، وكذلك تعرض فيديوهات للمظاهرات الحاشدة، ومجموعة كبيرة من صور الغرافيتي التي تنتمي لعصر ثورات الربيع العربي؛ وبالإضافة لذلك تقوم صالح بصناعة غرافيتي طفولي، يشبه الرسوم التي يصنعها الأطفال عن فصل الربيع في المدرسة، وتضيف للغرافيتي في النهاية قنبلة، لتقوم بتشكيل المعنى من خلال الإضافة الأخيرة.

المساهمون