"تاريخ تونس" بقلم رجل الدولة

29 فبراير 2016
(لوحة فسيفساء "أوليسيس" في متحف بادرو، تونس)
+ الخط -

لعلها تكاد تتحوّل إلى أحد تقاليد كتابة التاريخ في تونس، أن يتعهّد بهذه المهمة رجال سياسة، هذا ما حصل مثلاً مع ابن خلدون (القرن الرابع عشر) وأحمد ابن أبي ضياف (القرن التاسع عشر) وحسن حسني عبد الوهاب (القرن العشرين)، وكذلك مع آخر من تصدّى لهذه المهمة الحبيب بولعراس (1933 - 2014) الكاتب والبرلماني ووزير الإعلام السابق.

صدر الكتاب في 2012 باللغة الفرنسية عن دار "سيريس للنشر" في تونس، وقد ظهرت مؤخراً طبعته العربية والتي أنجزها صادق بن مهني. يجري تقديم الكتاب ومناقشته يوم غد في "النادي الثقافي الطاهر الحداد".

كان منطلق بولعراس في وضع هذا الكتاب أن التطوّرات الأخيرة في التاريخ التونسي التي أدت إلى ثورة 2011 ينبغي أن تدفعنا إلى قراءة جديدة. لا يكتفي المؤلف بالمساحة الجغرافية التي تسمّى اليوم تونس؛ إذ يعتبر أن التاريخ التونسي يمتد إلى معظم المجال المغاربي وإلى جزر النصف الغربي من المتوسط (صقلية، ميورقة، كورسيكا..) والتي حكمتها دول اتخذت عواصمها في القيروان والمهدية وتونس (الدولة الأغلبية، الفاطمية، الحفصية..).

يربط بولعراس بين لحظة تأسيسية في تاريخ في تونس، حين أتت الأميرة الفينيقية عليسة وأسست قرطاج، ثم انتهت حياتها بالانتحار حرقاً، وهو المشهد نفسه الذي يختتم به سفره بما أن آخر حلقات هذا التاريخ تقف عن "انتحار" محمد البوعزيزي الذي أشعل ثورة 2011.

يقدّم بولعراس ضمن سرده للتاريخ التونسي قراءات نقدية مثل إشارته إلى أن مصادر التاريخ التونسي هي في الغالب مصادر أجنبية، أو تفنيده للقراءة التي ترى بأن تاريخ تونس بدأ مع الفتح الإسلامي، كما يناقش طريقة الكتابة الاستعمارية للتاريخ.

لعل القرن العشرين هو الحيّز الزمني الذي ينتظر فيه القارئ إضافات المؤلِّف كونه شاهد عيان على المرحلة الاستعمارية ثم على بناء الدولة المستقلة بمراحلها المختلفة، لكن هذا القارئ سيكتشف بأن الاقتراب من الحاضر سيصحبه تقلص النبرة النقدية لدى بولعراس، فتبدو كتابة التاريخ القريب أقرب إلى عرض كرونولوجي. لكأن الحبيب بولعراس في "تاريخ تونس" يظهر منه كلما تقدّم الوقت باتجاه الحاضر رجل الدولة على حساب المؤرخ. 


اقرأ أيضاً: حاتم بوريال: البحث عن الزمن اللاتيني

دلالات
المساهمون