يدرس المحقّق حياة الملك الأفضل الذي ولد في مدينة تعز اليمنية في النصف الأول من القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي على وجه التقريب، ونشأ في رعاية أبيه الملك علي بن داود وتلقى تعليمه على يد أبرز علماء اليمن، وتولّى الحكم خلفاً لوالده عام 1363 واستمر فيه حتى رحيله عام 1377، وكان عالماً في التاريخ، والفقه، والطب، والصيدلة، واللغة، والأدب، والفلك، والزراعة والبيطرة.
يوضّح الوهيبي أن المخطوط يعدّ أضخم كتاب حول الزراعة في شبه الجزيرة العربية خلال حقبة الإسلام الوسيط، فصاحبه نقل خلاصة معارفه في هذا المجال عبر اطلاعه على مراجع أندلسية حيث أفاد منها في تطوير الفلاحة في بلاده، وكان ملماً بعلاقة الزراعة بالعلوم المختلفة.
تشير مقدّمة الكتاب إلى اعتماد الملك على مخطوط والده "الإشارة في العمارة"، مما جمعه من أقوال العلماء والحكماء في النبات وأنواعه وأحواله، مورداً نصوصاً من القرآن واللغة في النبات وتقسيماته، ونظرية العناصر التقليدية المستقاة عن الإغريق، كما أورد أقوال أرسطو وأفلاطون في المقارنة بين النبات والحيوان.
تطرّق الفصل الأول إلى أنواع الأراضي القابلة للزراعة وحدّدها في أحد عشر نوعاً، وقابلية كل نوع لأصناف من النبات ومدى تأثير الحرارة والرطوبة واليبوسة. وتحدّث الفصل الثاني عن أنواع الأسمدة المستخدمة حسب نوعية الأراضي القابلة للزراعة، وأشار إلى انقسام السماد إلى صنفين كبيرين يتفرّع كل صنف منها إلى أصناف متعدّدة.
واختص الفصل الثالث بشرح أنواع المياه الصالحة لري المحاصيل، وفي الرابع يشرح كيفية اختيار الأرض المناسبة للزراعة بحسب نوعية العشب النابت فيها، وماهي الآلية المناسبة لتهيئة الأرض، والصفات التي يجب توافرها في الفلاحين وأوقات الحرث، ويفصّل الفصل الخامس أوقات الفلاحة وما يحتاج إليها من معرفة الفصول ومتى يبدأ كل فصل وما يرتبط بكل فصل من تغيرات مناخية، كما تحدّث عن منازل القمر ومدى تأثيرها في تغيّرات الطقس، كما قام المؤلف بشرح دور أنواع الرياح وتأثيرها بحسب المواقع الجغرافية التي تهب منها.
ويدور الفصل السادس حول زراعة الحبوب وما ارتبط بها من أوقات وفصل في أنواع الحبوب وخصائص كل نوع والمناطق الجغرافية اليمنية التي تزرع فيها، والسابع عن البقوليات وأنواعها وطرق زراعتها وحصادها وتخزينها ومكان زراعة كل صنف في اليمن، أما في الفصل الثامن فقد تعرض المؤلف للحديث عن زراعة الخضروات والقرعيات بمختلف أصنافها.
يبحث الفصل التاسع في البذور المتّخذة لإصلاح الطعام، ويقصد بها تلك التي تتخذ كمطيّبات للطعام، بينما الفصل العاشر مكرّس للحديث عن الرياحين وما شابهها حيث ناقش زراعة الأزهار والورود والرياحين وطرق زراعتها، ويتخصّص الفصل الحادي عشر في ذكر أنواع وأصناف الأشجار المثمرة أي تلك المنتجة للثمار مثل النخل والعنب والتين وغيرها.
يفصّل الفصل الثاني عشر في كيفية تقليم الأشجار وأوقات التقليم وفوائده للأشجار، ويذهب الفصل الثالث عشر إلى شرح كيفية التركيب أو التهجين بين بعض الأشجار المثمرة لإنتاج أشجار جديدة، وفي الفصل الرابع عشر كيفية استخدام بعض المواد ذات الأصول النباتية والحيوانية أو غيرها لحفظ الحبوب والتبن من التعفن، وفي الفصل الخامس عشر يناقش المؤلف كيفية وطرق وأساليب حفظ الفواكه والحبوب والأطعمة، واشتمل الباب السادس عشر على جملة من الفوائد المتعلّقة بجوانب مكمّلة للمواضيع التي ناقشها في الفصول السابقة.