"برقين".. الإهمال يضرب رابع أقدم كنائس العالم

24 ديسمبر 2014
عدد مسيحيي البلدة قليل لكنهم ليسو أقلية (العربي الجديد)
+ الخط -


رغم أن كنيسة برقين جنوب غرب محافظة جنين الفلسطينية، هي رابع أقدم كنيسة في العالم، فإن إضاءة شجرة الميلاد فيها، تقتصر منذ زمن طويل على حضور المسيحيين الذين يسكنون البلدة فقط، وبعض أصدقائهم المسلمين.
تظل الأجواء في الكنيسة أجواء عيد وسعادة، لكن المحتفلين من أبناء الطائفة الأرثوذكسية، ومثلهم أصدقاءهم المسلمون الذين يشاركونهم أفراحهم وأتراحهم، يشعرون بمرارة نسيان العالم، أو تناسيه، أن رابع أقدم كنيسة في العالم، موجودة في جنين.
ويحمل الخوري طعمة جبران، وسائل الإعلام، المسؤولية الكبرى عن عدم التعريف بالكنيسة الرابعة من حيث القدم، والأولى من حيث الإهمال.
واقفا تحت شجرة الميلاد في ساحة الكنيسة، يقول جبران لـ"العربي الجديد": "لا أملك إذاعة وتلفزيوناً ولا جريدة للترويج لكنيسة برقين".
عصام توداح مواطن من جنين يقول: "بالطبع كنيسة برقين معلم ديني وأثري مهم، لكن إذا نظرنا إلى حجارة الكنيسة بدون زوارها فإن الأهمية تقل، تماما كالمسجد الخالي من المصلين، وزوار برقين قلائل" على حد تعبيره.
ويرى توداح أن الطائفة الأرثوذكسية المسؤولة عن كنيسة برقين، تتحمل جزءا كبيرا من اللوم في عدم التعريف بالكنيسة، وقلة زائريها، "الزوار المسيحيون الذين يَصلون إلى القدس لا يعلمون بوجود قرية فلسطينية تسمى برقين في جنين، وفيها رابع أقدم كنيسة. وزارة السياحة والسلطة الفلسطينية لا تتحمل وحدها مسؤولية الترويج للكنيسة، الطائفة الأرثوذكسية أيضا ملزمة بذلك".
كنيسة برقين، أو كنيسة القديس جرجس كما يسميها البعض، بنيت قبل ألفي عام، فوق المغارة التي شفى فيها السيد المسيح، عشرة أشخاص مصابين بالبرص، كان الناس في ذاك الوقت احتجزوهم في المغارة، كي لا ينتقل المرض إلى بقية السكان، وسمع المسيح رجاءهم بالشفاء، أثناء مروره بجنين في طريقه من الناصرة إلى القدس، فبنيت الكنيسة تخليدا لمرور السيد المسيح، فوق المغارة التي ما زالت موجودة حتى اليوم داخل الكنيسة.

يقول رئيس بلدية برقين محمد الصباح، (وهو مسلم جاء يشارك المسيحيين عيدهم)، لـ"العربي الجديد": "بالأساس هناك ضعف سياحي عام في محافظة جنين، وهذا ينعكس على كنيسة برقين كواحدة من أهم المواقع الأثرية وليس فقط الدينية في المحافظة. وزارة السياحة والآثار هي التي تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن عدم النهوض بالقطاع السياحي في جنين عامة، وبرقين بشكل خاص".
ويعيش في برقين 70 مسيحيا مع 7 آلاف مسلم، ورغم قلة المسيحيين فإن الناس لم يفكروا بهذه الطريقة، ولم يسهروا الليل قلقا على عدد أبناء مِلتهم.
وثمة سببان رئيسيان وراء ضعف السياحة في محافظة جنين بشكل عام، الأول يتعلق بخوف السياح الأجانب من زيارة جنين التي عُرفت منذ انتفاضة الأقصى عام 2000 بأشرس المناطق الفلسطينية مقاومة للاحتلال، والسبب الآخر أن المانحين يغضون بصرهم عن شمال الضفة الغربية كله، وبالتالي لا تستطيع السلطة الفلسطينية المرهقة ماديا، ترميم أكثر من مئتي موقع سياحي وأثري في محافظة جنين وحدها.
"السياحة هنا أضعف مما تتخيل، هناك اهتمام نوعا ما بكنيسة برقين، لكن الكنيسة تقع في شمال الضفة الغربية المهمش. مشروعات تأهيل المواقع الأثرية والسياحية تأتي دون إرادة وزارة السياحة الفلسطينية، فالمانحون يحددون بالضبط أين سيدفعون"، بحسب موظف في مديرية السياحة بجنين، فضل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بذلك.
ويؤكد الصباح "الاحتلال روج لفكرة مسمومة عن جنين وكل فلسطين، وهي أنها تشكل خطرا على السياح الأجانب، وهذا افتراء يمكن للسياح اكتشافه متى زاروا جنين لمرة واحدة".
ويضيف "غالبا يحدد الاحتلال الإسرائيلي مسار السياح الأجانب الذين يقصدون فلسطين، لأن السياح يضطرون للتنسيق مع مكاتب سفر إسرائيلية أثناء قدومهم إلى الضفة المحتلة، وهكذا نكون في جنين خارج مسار السائح، وخارج حساباته".



دلالات