بعد سبعة أجزاء، لا أحد يعلم ماذا يريد صُنّاع مسلسل "باب الحارة" من اجترار المسلسل نحو أجزاء جديدة؟ المفارقة أنه رغم اتفاق معظم فئات الجمهور العربي على فشل الجزء السابع من أشهر مسلسل عربي في الألفية الجديدة من خلال التعليقات التي تملأ منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن المسلسل ما زال يحظى بنسب مشاهدة مرتفعة ومرتفعة جداً بين الجمهور.
لا جديد في "باب الحارة" هذا العام، سوى "مطّ القصة" و"إحياء الأموات" و"إعادة الغائبين"، لكن المثير هو دخول "حارة اليهود" السورية في القصة.
لا يعني المنتج سوى انتشار عمله والكسب المالي الذي يحققه من خلاله، لذلك يسعى بسام الملا صاحب فكرة العمل ومخرج أجزائه الُأول والمشرف تالياً على بقية الأجزاء، أن يضخ أفكاراً وقصصاً ومحاور جديدة ومثيرة للجدل في كل جزء، عبر إشراك كتاب سيناريو ومخرجين مختلفين لرسم خطوط المسلسل العريضة، ولا يعنيه استغباء الجمهور عبر قتل إحدى الشخصيات في جزء وإعادته في جزء آخر، ما دام الجمهور يصفق لهم ويتابعهم بشغف، وتختار القناة المنتجة للعمل أوقات الذروة لتقديمها على طبق من "استغفال" للمشاهدين.
اللافت في "باب الحارة" أن أبطال المسلسل صاروا أسرى لشخصياتهم فيه، ووقعوا "جميعاً" في فخ تجاربهم اللاحقة، فكل الذين شاركوا في المسلسل عبر أجزائه، كانوا في أدوارهم وشخصياتهم الأخرى، أسرى لباب الحارة، ولم يُغرِ نجاح "البعض"، الآخرين بأن ينسلخوا عن المسلسل بحثاً عن تواجد فني في غير مكان، لأن "البعض" ممن نجح عاد وتوارى في لعنة حارة الضبع.
الواضح جداً في ثنايا "باب الحارة" الذي عاد بجزأين "سادس وسابع" بعد توقف عدة سنوات، أن عودته جاءت بقرار سياسي غير مباشر، فالمسلسل عاد استجابة للظرف السياسي الدقيق الذي تمر به سورية جراء الأحداث الدامية التي تجري منذ سنوات أربع فوق أرضها، فالمسلسل الذي كان يهتم في أجزائه الأولى بتحرير الأرض والدفاع عن الشرف والقضاء على المستعمر، وضرورة الإصلاح بين الحارات الشامية التي هي انعكاس للألوان السياسية، ربما، لكن بعد تفاقم الأوضاع على الأرض في سورية، صار المسلسل وكأنه يقدم لغة النظام السوري وتوجيهاته للناس عبر إسقاطات سياسية غير مباشرة.
لا ضير أن يفتح "باب الحارة" الباب موارباً لإدخال حارة اليهود في ثنايا قصصه التي لا تنتهي، فاليهود تاريخياً هم جزء من النسيج العربي، فأوجدهم صُناع المسلسل كقصد درامي للعمل وهو: إعطاء عمر أطول للمسلسل، الذين يراهن منتجوه على تفاعل الناس مع المحور الجديد الذي اجترحه الملا، وهو الدخول في مناطق محرمة سابقاً وتُعد تابوهات درامية عبر التطرق لخبايا العلاقات الاجتماعية التي كانت تربط قديماً العرب باليهود، وهو ما يلمسه الجمهور من التفاعل الكبير مع شخصيات العائلة اليهودية التي أحبت ابنتهم عقيد باب الحارة معتز، وهربت لبيته من أجله، حتى صارت مواقع التواصل الاجتماعي منقسمة التعاطف بين العائلة اليهودية من جهة وبين معتز وعائلة أبو عصام من زاوية أخرى، حتى أن عقيد الحارة ترك "فتوّته" وصار همّه الشاغل أن يبحث في مكنونات ملكوت عشيقته اليهودية.
في أحداث الحلقات المقبلة من المسلسل، سُيجلى الفرنسيون عن سورية، ولأن الخيط اليهودي صار واضحاً في حلقات "باب الحارة" الأخيرة، صار لزاماً على صُنّاع المسلسل أن يبحثوا عن حيلة جيدة تقنع المشاهدين بإمكانية إضافة جزء ثامن للأحداث، وما المانع إذا ما استمرت الأحداث الدامية في سورية تراوح مكانها، وما دام المشاهد راضياً باستغفاله مجدداً ولثامن مرة.
اقرأ أيضاً: أبو شهاب يسخر من "باب الحارة"... والكاتب يرد