قوات "الوفاق" الليبية تستعد لمعركة جديدة جنوب طرابلس... وحفتر يشرف على قواته

19 اغسطس 2019
حفتر يحاول تدارك خسائره (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر عسكرية من طرابلس عن استعدادات كبيرة تجريها قوات حكومة الوفاق الليبية لإطلاق مرحلة جديدة من معركة طرد مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر من جنوب العاصمة الليبية، في حين ظهر حفتر لأول مرة منذ إطلاقه حملته العسكرية على طرابلس في الرابع من إبريل/ نيسان الماضي ليشرف شخصياً على سير المعارك.


ونشرت صفحة المكتب الإعلامي للقيادة العامة لقوات حفتر، مساء الأحد، صورة لحفتر معلنة أنه "يقوم بالإشراف والمتابعة بشكلٍ مُباشر لاستهداف القوات الجوية لغُرف العمليات التركية"، ونقلت الصفحة عن حفتر قوله إنه "سيحبط أي مشروع لإنشاء قواعد أجنبية تدعم وتموّل الإرهاب داخل ليبيا".
وتعليقا على ظهور حفتر، قال المتحدث باسم قواته، أحمد المسماري، إن الضربات الجوية التي شنتها مقاتلات حفتر خلال الساعات الأولى من صباح أمس الأحد على الكلية الجوية بمصراته "أصابت أهدافها" وإن حفتر يشرف على خطط إفشال إقامة قواعد عسكرية تركية في مصراته.
لكن المتحدث الرسمي باسم قوات حكومة الوفاق، محمد قنونو، نفى أن تكون الغارات التي قالت قيادة حفتر إنها بلغت 11 غارة على الكلية الجوية "قد أصابت أهدافها"، مؤكدا أن الغارات لم ينتح عنها أي إصابات لبنية الكلية.
وقال قنونو لـ"العربي الجديد" إن المضادات الأرضية تمكنت من إسقاط طائرة إماراتية مسيرة خلال الغارات، مشيراً إلى أن العمليات الجوية التي شنتها قوات حفتر على مقر الكلية كانت فاشلة.
على صعيد متصل كشف مصدر عسكري رفيع عن استعدادات تجريها قوات حكومة الوفاق لإطلاق مرحلة جديدة من معاركها ضد قوات حفتر جنوب طرابلس، مؤكدا أن المعركة الجديدة ستبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة.
وقال المصدر الذي تحدث لــ"العربي الجديد" إن "الخطط قد انتهت القيادة من وضعها فيما كانت فرق الاستطلاع ترصد تحركات حفتر في الخطوط الخلفية جنوب طرابلس وتم رصدها بالكامل"، لافتاً إلى أن المرحلة الجديدة ستشمل عدة مناطق جنوب طرابلس وخارجها، دون مزيد تفصيل.
وأشار المصدر إلى إن محاولات سعت إليها أطراف داعمة لحفتر لإقناع قادة فصائل بقوات الجيش للدخول في تفاوض مع حفتر جاءت كمحاولة لإفشال الاستعدادات الجارية للمرحلة المقبلة من عملية طرد قوات حفتر من غرب البلاد.
وفيما لم يعلق قنونو على تلك المعلومات إلا أنه قال إن "قواتنا أصبحت في أكمل استعداداتها وتنتظر أوامر القيادة للتحرك في أي لحظة".
وتوقفت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين منذ تمكن البعثة الأممية من إقناع الطرفين لإعلان هدنة خلال عيد الأضحى، وسط جمود عسكري سيطر على جبهات القتال منذ أشهر بعد أن سيطرت قوات الجيش على مناطق المطار وأغلب أجزاء حي عين زاره ووادي الربيع وتقدمت في اتجاه السيطرة على المناطق الأولى لمدينة ترهونة، بينما لا تزال قوات حفتر تسيطر على أجزاء قليلة من حي عين زاره ووادي الربيع بالإضافة لحي قصر بن غشير المتصل عبر طرقات زراعية بترهونة.
وأشارت تصريحات مسؤولين في قوات حكومة الوفاق إلى تلك الاستعدادات، إذ أشار الناطق باسم عملية "بركان الغضب" التابعة للجيش الليبي، مصطفى المجعي، إلى تغير وشيك ستشهده الخارطة العسكرية في المنطقة الغربية خلال الأيام القادمة.
وتكشف تصريحات المسماري، خلال مؤتمره الصحافي ليل الأحد، عن تقهقر كبير لقوات حفتر بالإضافة لانشغالها بإعادة السيطرة على مدينة مرزق جنوب البلاد.
وقال المسماري إن قواتهم "تقوم بالعمل على تأمين خط نار طويل جدا حتى منطقة العزيزية والهيرة وحتى غريان" وهي مناطق تقع كلها خارج طرابلس في اعتراف ضمني بتراجع سيطرة قوات حفتر جنوب طرابلس.

وأشار في معرض حديثه، إلى انشغال قوات حفتر في جزء كبير من عملياتها الحالية في إعادة السيطرة على مدينة مرزق التي سقطت منذ يومين في يد "قوة حماية الجنوب" الموالية لحكومة الوفاق، مؤكداً وجود استعدادات كبيرة لخوض معركة استعادة السيطرة عليها.
ويقرأ المحلل العسكري الليبي، محيي الدين زكري، مستجدات الميدان الجديدة بأنها في صالح قوات حكومة الوفاق، معتبراً أن حفتر ما زال يحاول أن يصلح خطأه الرئيسي عندما دفع بكل قواته في معركة غير محسوبة.
وقال زكري في حديث لـ"العربي الجديد" إن "الخرق اتسع ولا يمكن لحفتر أن يرقعه فبعد سقوط غريان تراجعت قواته تدريجياً حتى أصبحت خارج طوق العاصمة والآن انفتحت أمامه جبهة مرزق"، مشيرا إلى أن الغارات الجوية الكثيفة على مصراته جاءت كرد فعل على خسارته الظاهرة للمعركة.
وأوضح أن ظهور حفتر المفاجئ البارحة ليعلن عن إشرافه شخصياً على المعارك مؤشر واضح على عدم ثقة في قادته أولا وتقديرا للموقف العسكري الحرج بالنسبة له، لافتا إلى أن "غياب قادة قوات حفتر عن المشهد منذ فترة كاللواء عبد السلام المسماري واللواء فوزي المنصوري أبرز قادة معركة طرابلس يشير إلى ارتباك داخلي في قيادة المعركة".
وتابع "كل القراءات العسكرية تشير إلى فقدانه للمبادرة فبعد غاراته الأحد وجه رسالة باسمه لقادة مصراته يطالبهم بترك معركة طرابلس مقابل ألا يقتحم مدينتهم والآن يخرج شخصيا ليشرف على المعركة"، لافتا إلى أن ترك حفتر للمعركة على الأرض وتعويله على سلاح الجو يعني فقدانه للمبادرة على الأرض، وقال "سلاح الجو عامل مساعد في المعركة وليس رئيسيا".

وعن استعدادات قوات الجيش للمرحلة الجديدة قال "أعتقد أن الظروف أصبحت مواتية وسيكون أولى خطواتها إسقاط مدينة ترهونة وقاعدة الوطية"، مرجحاً أن تكون معركة قاعدة الجفرة جزءا متأخرا في المرحلة الجديدة سيكون لـ"قوة حماية الجنوب" دور كبير فيها لقطع خط الرجعة إلى الجنوب أمام القوات المتواجدة داخل القاعدة.