بعد قرابة الـ100 عام من الأحداث الأرمنية - العثمانية، التي أدت لقتل وتشريد قرابة المليون شخص، بحسب أرقام لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قررت هوليوود أن تنتج فيلماً ملحمياً عن تلك المذبحة. ورغم أن أميركا لم تكن جزءاً من الصراع في تلك المنطقة، ولم تكن حتى من دول الحرب العالمية الأولى حين بدأت الإبادة، إلا أنها ضخّت 90 مليون دولار لإنتاج فيلم The Promise الذي يقف في بطولته نجمان بحجم أوسكار إيزاك وكريستيان بيل.
على الأغلب لا توجد إجابة واحدة، ولكن يمكن ربط الأمر، مثلاً، بالإنتاجات المشتركة بين أميركا والعالم في الأعوام الأخيرة، وآخرها فيلم The Great Wall الصيني قبل عدة أشهر، إذ تعمد كل الإنتاجات المشتركة (ومن بينها فيلم "الوعد" حالياً) على دمج بطل أميركي (وهو وجه هوليوودي معروف) في ذروة المعركة، ليكون له تأثير إيجابي، يدافع عن المظلومين/ المُهاجَمين، ويصبح جزءاً من التاريخ الثقافي للحدث، من خلال السينما على الأقل. وليقدم البطل الأميركي نفسه كمنقذ، كما تحاول الصناعة الأميركية السينمائية دومًا إظهار ذلك، لمشاكل وحساسيات المنطقة.
فيلم The Promise لا يبتعد أبداً عن ذلك. تضمن، نظرياً، كل أسباب النجاح؛ اختيار إيزاك وبيل في البطولة، الميزانية المرتفعة، الحدث الملحمي والطازج الذي لم يتم التطرق له من قبل، وأخيراً، فاختيار المخرج والسيناريست، تيري جورج، كان هو الآخر ذكياً للغاية، بسبب عمله مُسبقاً على دراما شبيهة في فيلمه Hotel Rwanda عام 2004، والذي يتناول إبادة جماعية أخرى في رواندا منتصف التسعينيات، وحقق نجاحاً كبيراً فيه. وفي The Promise يعود لنفس المنطلقات الناجحة؛ الدراما الإنسانية ومحاولة النجاة على هامش المذبحة التاريخية، ولكن الفارق الحقيقي بين الفيلمين كان درجة الصدق والـ"بروباغندا". إذ يدور "الوعد" حول علاقة حب ثلاثية؛ صيدلي أرميني يدعى ميخائيل، يستكمل دراسته للطب داخل الإمبراطورية العثمانية، ويتعرف على "آنا" الأرمينية أيضاً، ويقع في حبها، قبل أن يكتشف أنها على علاقة عاطفية مع صحافي أميركي يدعى "كريس". وفي ذروة هذا التداخل العاطفي، يقرر طلعت باشا، وزير الداخلية العثماني، بدء المذبحة ضد الأرمن خوفاً من تعاونهم مع الروس بعد بداية الحرب العالمية الأولى، لتصبح "غريزة البقاء" هي المحرك الرئيسي للأبطال في أي فيلم حربي أو ملحمي، تكون قوة السيناريو هي القدرة على الدمج بين الحكاية الشخصية لأبطاله وبين الحدث التاريخي الضخم في الخلفية. وكلما اندمج العاملان أكثر زادت قوة الفيلم.
الأمثلة على ذلك كثيرة، من بينها Atonement، مثلاً، الذي رشح للأوسكار في 2007، أو The English Patient (وهو عن الحرب العالمية الأولى مثل "الوعد") وفاز بالأوسكار عام 1996. الفيلمان، وغيرهما، كانا قصص حب تكون الحرب جزءاً منها، وليست دخيلة عليها. ذلك تحديداً، هو الشرخ الرئيسي في فيلم "الوعد"، لا توجد أي خصوصية أو إدراك لطبيعة المرحلة التاريخيّة للحكاية، تشعرُ كأنّ "قصة الحب الثلاثية" تلك، والتي لا تفهم حقيقة مشاعر شخوصها ولا تستوعب دوافع أفعالهم، قد أخذت من عملٍ آخر، وتم دمجها، ودون جهد، مع قصة الأرمن والإمبراطورية، لتأتي الحكاية مُفكَّكة تماماً؛ تتوه بين البعد الرومانسي الذي تحاول خلقه في البداية، ثم البعد التاريخي والشرح الطويل، بشخصيات عثمانية وأحداث دخيلة تماماً.
يبقى السؤال عن أسباب إنتاج هكذا فيلم في ظروف سياسية معيّنة، يتم فيها استغلال مجزرة الأرمن سياسياً، وتخضع لحدّة العلاقات بين تركيا والغرب، وهل فعلاً أسباب تناول المجزرة هي سياسية أم إنسانيّة.
اقــرأ أيضاً
على الأغلب لا توجد إجابة واحدة، ولكن يمكن ربط الأمر، مثلاً، بالإنتاجات المشتركة بين أميركا والعالم في الأعوام الأخيرة، وآخرها فيلم The Great Wall الصيني قبل عدة أشهر، إذ تعمد كل الإنتاجات المشتركة (ومن بينها فيلم "الوعد" حالياً) على دمج بطل أميركي (وهو وجه هوليوودي معروف) في ذروة المعركة، ليكون له تأثير إيجابي، يدافع عن المظلومين/ المُهاجَمين، ويصبح جزءاً من التاريخ الثقافي للحدث، من خلال السينما على الأقل. وليقدم البطل الأميركي نفسه كمنقذ، كما تحاول الصناعة الأميركية السينمائية دومًا إظهار ذلك، لمشاكل وحساسيات المنطقة.
فيلم The Promise لا يبتعد أبداً عن ذلك. تضمن، نظرياً، كل أسباب النجاح؛ اختيار إيزاك وبيل في البطولة، الميزانية المرتفعة، الحدث الملحمي والطازج الذي لم يتم التطرق له من قبل، وأخيراً، فاختيار المخرج والسيناريست، تيري جورج، كان هو الآخر ذكياً للغاية، بسبب عمله مُسبقاً على دراما شبيهة في فيلمه Hotel Rwanda عام 2004، والذي يتناول إبادة جماعية أخرى في رواندا منتصف التسعينيات، وحقق نجاحاً كبيراً فيه. وفي The Promise يعود لنفس المنطلقات الناجحة؛ الدراما الإنسانية ومحاولة النجاة على هامش المذبحة التاريخية، ولكن الفارق الحقيقي بين الفيلمين كان درجة الصدق والـ"بروباغندا". إذ يدور "الوعد" حول علاقة حب ثلاثية؛ صيدلي أرميني يدعى ميخائيل، يستكمل دراسته للطب داخل الإمبراطورية العثمانية، ويتعرف على "آنا" الأرمينية أيضاً، ويقع في حبها، قبل أن يكتشف أنها على علاقة عاطفية مع صحافي أميركي يدعى "كريس". وفي ذروة هذا التداخل العاطفي، يقرر طلعت باشا، وزير الداخلية العثماني، بدء المذبحة ضد الأرمن خوفاً من تعاونهم مع الروس بعد بداية الحرب العالمية الأولى، لتصبح "غريزة البقاء" هي المحرك الرئيسي للأبطال في أي فيلم حربي أو ملحمي، تكون قوة السيناريو هي القدرة على الدمج بين الحكاية الشخصية لأبطاله وبين الحدث التاريخي الضخم في الخلفية. وكلما اندمج العاملان أكثر زادت قوة الفيلم.
الأمثلة على ذلك كثيرة، من بينها Atonement، مثلاً، الذي رشح للأوسكار في 2007، أو The English Patient (وهو عن الحرب العالمية الأولى مثل "الوعد") وفاز بالأوسكار عام 1996. الفيلمان، وغيرهما، كانا قصص حب تكون الحرب جزءاً منها، وليست دخيلة عليها. ذلك تحديداً، هو الشرخ الرئيسي في فيلم "الوعد"، لا توجد أي خصوصية أو إدراك لطبيعة المرحلة التاريخيّة للحكاية، تشعرُ كأنّ "قصة الحب الثلاثية" تلك، والتي لا تفهم حقيقة مشاعر شخوصها ولا تستوعب دوافع أفعالهم، قد أخذت من عملٍ آخر، وتم دمجها، ودون جهد، مع قصة الأرمن والإمبراطورية، لتأتي الحكاية مُفكَّكة تماماً؛ تتوه بين البعد الرومانسي الذي تحاول خلقه في البداية، ثم البعد التاريخي والشرح الطويل، بشخصيات عثمانية وأحداث دخيلة تماماً.
يبقى السؤال عن أسباب إنتاج هكذا فيلم في ظروف سياسية معيّنة، يتم فيها استغلال مجزرة الأرمن سياسياً، وتخضع لحدّة العلاقات بين تركيا والغرب، وهل فعلاً أسباب تناول المجزرة هي سياسية أم إنسانيّة.