"الهيئة الملكية": أفلام ضدّ من؟

21 يناير 2015
من "من طهران إلى الجنة" لـ أبو الفضل صفاري
+ الخط -

أيام سينمائية لمسميات عديدة ومتنوعة، أقامتها "الهيئة الملكية الأردنية للأفلام" خلال 2014، في ظلّ شبه غياب للفيلم الأردني عن برامجها، وإن حقق إنجازاً جديراً بالتقدير، على غرار "ذيب" لناجي أبو نوّار، الذي حاز جائزة أفضل مخرج عن فئة "آفاق جديدة" في الدورة الماضية من مهرجان "فينيسيا السينمائي الدولي"، لتمثّل الهيئة بذلك تجسيداً واقعياً للمثل الشائع: "زمّار الحي لا يطرب".

أكثر من ثلاثين تظاهرة سينمائية، قدّمت ما يزيد على 550 فيلماً، من مختلف البلدان العربية والأجنبية، منها ما نُسب إلى بلدان معينة مثل "أيام الفيلم الإيطالي"، أو الجنوب أفريقي أو الكندي أو الإيراني.. إلخ. ومنها ما خُصص لثيمة معينة مثل "مهرجان أفلام المرأة" و"أفلام اليورانيوم الدولي"، ومنها ما خُصّص لجغرافيات بعينها، كـ"مهرجان الفيلم الأوروبي" و"الفيلم العربي" و"أيام مهرجان الإسماعيلية"، إضافة إلى عشرات العروض لأفلام منفردة من هنا وهناك.

لكن تلك العروض، في مُعظمها، والتي يُنتظر أن تعمل على "تعزيز ثقافة الأفلام في الأردن"، تظلّ محدودة الأثر، فهي تخاطب جمهوراً محدداً من منصّة بعينها؛ "مسرح سينما الرينبو" في عمّان، الذي لا ترتاده، غالباً، سوى طبقة اجتماعية معيّنة.

وفي الوقت الذي حققت فيه الهيئة نجاحاً على صعيد إقامة بعض الدورات أو الورش للعاملين أو الراغبين في العمل في مجال صناعة الأفلام، فإن علامة سؤال كبيرة تظل أمام مهمات وأهداف كان يفترض أن الهيئة تعمل على إنجازها، غير أنها لم تفلح في تحقيق واحدة منها، مثل: "ترويج وتعزيز ثقافة الأفلام في الأردن"، و"المساهمة في تثقيف ورعاية وتنمية الفكر الناقد".
وفي ظل غياب مقومات صناعة وسوق سينمائية حقيقية في الأردن، فإن "الهيئة" تعتمد على التمويل، الأجنبي بمعظمه، وتفتح ذراعيها لمؤسسات مثل "فورد"، وبرنامج "الأوروميد السمعي والبصري" التي تفرض بدورها مصطلحاتها وأجندتها السياسية.

هنا، يمكن تتبع بعض مظاهر "التطبيع" في المصطلحات، على غرار ترسيخ مصطلح "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" بوصفه بديلاً لـ"الوطن العربي". ومن المهمات التي تسعى الهيئة إلى تحقيقها، مثلاً، "تشجيع الأردنيين، وجميع الأشخاص في الشرق الأوسط، على سرد قصصهم، وبالتالي المساهمة في التبادل الثقافي وتعزيز حرية التعبير".
وفي هذا السياق، يُفهم استهداف برنامج "الأوروميد السمعي البصري"، وهو أحد الشركاء الاستراتيجيين للهيئة، والموجه لـ"دول جنوب البحر الأبيض المتوسط"، أي: "الجزائر، ومصر، والأردن، وإسرائيل (!)، ولبنان، والمغرب، وسورية والأراضي الفلسطينية، وتونس".

برامج متشابكة، ومشاريع لا تنتظر نتائج سريعة على صعيد تمرير أجندات سياسية، وأفلام من هنا وهناك، محملة برسائل شتى، كل فيلم بحسب بلده واتجاهاته، لا نستطيع أمامها إلا أن نتساءل: كلّ هذه الأفلام من أجل من؟ أو: كلّ هذه الأفلام ضدّ من؟

المساهمون