اختارت الرابطة المارونية شعاراً خاصاً للمؤتمر الذي نظّمته أخيراً حول ملف اللجوء السوري المستمر إلى لبنان، تحت عنوان "النازحون السوريون… طريق العودة". كان بإمكان مؤتمر مماثل أن يكون ناجحاً لو تقدّم بطرح عملي لإنهاء أزمة اللجوء، لكن المؤتمر تحوّل إلى استعراض للكلمات صوّبت على حالة اللجوء الاضطراري إلى لبنان.
واستضاف المؤتمر في جلسته الختامية كلاً من وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، والذي لم يتردّد في السابق أساساً عن تصوير اللاجئين بالمخرّبين للدولة والمجتمع، إضافة إلى وزير الشؤون الاجتماعية، رشيد درباس، والذي سبق أن قال قبل أشهر: "شغلتين بتطلع ريحتن بالبيت بعد يومين: السمك والضيف"، قاصداً اللاجئين أيضاً.
وسرعان ما ثبّت باسيل، في مداخلته، هذه الأجواء السلبية والعنصرية تجاه اللاجئين، إذ افتتح موقفه بالقول "نجتمع اليوم لنقول كفى تهجيراً قسرياً وتغييراً ديمغرافياً في المنطقة"، مؤكداً أنّ "الحل المستدام الوحيد لأزمة النازحين هي في عودتهم إلى وطنهم حيث لا مستقبل لمشروع توطينهم ولا أمل في تشريع إقامتهم الطويلة على أرضنا".
وطالب باسيل بـ"إقفال المعابر الحدودية أمام عمليات الدخول الجماعية والمباشرة فوراً بمسح شامل للوجود السوري في لبنان تقوم به الأجهزة المعنية بالتعاون مع الهيئات الدولية المعنية باعتماد التمييز بين الإقامة والإعانة، والتشدد في تنفيذ قوانين العمل لتوقيف المخالفين والتشديد على أن قبول المساعدات الإنسانية يكون بالتساوي مع حجم المساعدات التنموية".
كذلك طالب باسيل أيضاً باستعادة الاتصال والتواصل مع النظام السوري لحلّ أزمة اللجوء، ولو أنّ مئات آلاف السوريين في لبنان هاربون من بطش النظام وقصفه المناطق الأهلية وتهجير أهلها منها؛ فجاء كلام باسيل ليخدم موقفه السياسي، وموقف حلفائه في قوى 8 آذار وعلى رأسهم "حزب الله"، في محاولة إعادة تعويم النظام السوري وإعطائه الشرعية اللازمة من البوابة الرسمية.
أما الوزير رشيد درباس، فأشار من جهته إلى أنّ "نسبة اللجوء السوري إلى لبنان هي الأعلى بالعالم وفي التاريخ"، مؤكداً أن "اللجوء كارثة وقعت على لبنان والبلدان المجاورة وعلى الشعب السوري ويجب أن نتعامل معها كما نتعامل مع الكوارث".
كما حذّر درباس من أسلوب تعامل المجتمع الدولي في هذا الملف "إذ يتم التعاطي معه بلامبالاة دولية، في حين تم إنفاق مئات مليارات الدولارات في سورية أغلبها صرف لقتل الشعب السوري". وأعاد ردباس التأكيد على أنه "ليس في القاموس اللبناني أي وجود لكلمة توطين وأي حديث عن ذلك يعني أن الكيان سيتعرض للاهتزاز"، مع العلم أنّ أطراف طائفية وأخرى سياسية تستغلّ عبارة "التوطين" للتعامل مع ملف اللاجئين السوريين بعنصرية بوصفهم أداة للتغيير الديموغرافي والسياسي.
وتتوالى الأخطاء اللبنانية الرسمية في ملف اللجوء، أكان لجهة عجز الدولة عن تنظيم حركة اللجوء منذ انطلاقها عام 2012، أو لجهة منع بعض الأطراف اللبنانية من المشاركة في تهجير الشعب السوري من مناطقه من خلال المشاركة في الحرب السورية.