"المسحراتي".. ما تبقّى من أجواء رمضان في غزة

غزة

ماهر عبد الرحمن

avata
ماهر عبد الرحمن
18 مايو 2019
9ED1F2E2-ACAD-4EA1-8DA6-70DDD17DD5F7
+ الخط -

أفقدت الظروف المعيشية والاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة، السكان، متعة الشعور بشهر رمضان، وغابت أجواء الاحتفاء به بشكلٍ شبه كامل. لكن المسحراتي تمسّك بمهنته وما زال يُبهج السكان، طيلة ليالي شهر الصيام.

بين حيٍ وآخر، لا يزال بعض الفلسطينيين يتمسّكون بمهنة المسحراتي بلباسه الشعبي وآلات الطبل اليدوية، رغم الظروف الصعبة، والتقدم التكنولوجي الذي وفّر وسائل كثيرة للتنبيه تُغني عن المسحراتي.

عبد الخالق عطوان (33 عامًا) ومحمد شعت (24 عامًا)، شابان فلسطينيان، يصرّان، للعام السابع على التوالي، على أن يقوما بإيقاظ الناس على السحور، غربي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، من دون كللٍ أو مللٍ، غير آبهَين بالأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية.

عندما يصل مؤشر الساعة إلى الثانية فجرًا بالتوقيت المحلي، يصدح في أرجاء المخيم صدى صوت الشاب عبد الخالق، مناديا بأعلى صوته ويضرب على (الدف) وهو أحد آلات الطبل: "اصحى يا نايم وحّد الدايم.. رمضان كريم"، فيما يكمل زميله محمد بالقول: "قوموا على سحوركم رمضان أجى يزوركم.. قوموا يا عباد الله، حان وقت السحور".

المسحراتي يحرص على إيقاظ الناس للسحور (خالد شعبان)

ويقول عبد الخالق، لـ"العربي الجديد": "منذ سبع سنوات، نواظب على تسحير الناس في رمضان، بنفس اللباس والآلات التي تتطور كل عام، حيث نرتدي الزي التراثي المتمثل في القبعة (الطربوش) الأحمر، العِمامة على الرأس، والسروال (البنطال) والقميص الأبيض، والكوفية الفلسطينية على الخاصرة".

ويضيف "في كل عام ننتظر الشهر المبارك، ونتمنى أن يكون العام كله رمضان، لما لعملنا فيه من أجر كبير ومتعة لا توصف. فالمسحراتي تراث قديم، حتى إنه كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه غاب ولم يتبق سوى القليل ممن يحافظون عليه ونحن منهم وسنستمر في المحافظة عليه".

ويلفت إلى أنه في رمضان هذا العام غابت كثير من أجواء وبهجة الشهر عن الفلسطينيين، بسبب الأوضاع الصعبة، لكن نحن نصر على أن نقوم بعمل أجواء جميلة عبر مهنتنا السنوية، فلا نكتفي بإيقاظ الناس، بل بالالتزام بالزي التراثي، واستخدام آلات طبل مُختلفة، وحمل إضاءة ملونة تنير طريقنا في زقاق المخيم، وهو ما لاقى استحسان ومحبة الناس، الذين يلتقطون لنا الصور والفيديوهات".

محبة الناس ومرافقة الأطفال لهم، من أكثر الأشياء التي تجعلهم مستمرين ومتواصلين، فكثير من الناس يقدمون لهم المشروبات والمأكولات في كل ليلة أثناء تجوالهم، وفق عبد الخالق، الذي يوضح أنّ هناك من يطلبون منا النداء عليهم بأسمائهم والوقوف أمام منازلهم حتى يستفيقوا، وإن تأخرنا أو مررنا مسرعين يعاتبوننا. 

تنتعش هذه المهنة كل رمضان (خالد شعبان) 

أما محمد، فيشارك عبد الخالق الحديث، بالقول: "جاءتنا فكرة المسحراتي من الإنترنت، عندما رأينا فرقة في الضفة الغربية، وتعلّمنا بعض الكلمات منها، ونحن طورنا من أنفسنا وأضفنا كلمات. كل يوم لدينا كلمات جديدة، وأحيانًا نحوّلها إلى نشيد، وهي بمثابة حافز لنا وللناس كذلك".




ويلفت محمد إلى أن عملهم شاق وهو تطوعي، ويخرجون حتى في أوقات التصعيد الإسرائيلي الخطرة على حياتهم؛ مضيفًا "إن كان بعض الناس يقدمون لنا الطعام والشراب، فهذا ليس مكافأة بل محبة، كما أن هناك من يقدم لنا مبالغ مالية رمزية (عيدية) آخر أيام شهر رمضان، يرسلونها مع أطفالهم".

والمسحراتي هو الشخص الذي يأخذ على عاتقه إيقاظ المسلمين في ليالي شهر رمضان لتناول وجبة السحور. والمشهور عن المسحراتي، حمله للطبل والضرب عليها بهدف إيقاظ الناس قبل صلاة الفجر. وعادة ما يكون النداء مصحوباً ببعض التهليلات أو الأناشيد الدينية وأسماء المواطنين.

ذات صلة

الصورة
استعداد لاستقبال الأسرى أمام سجن عوفر (العربي الجديد)

مجتمع

تشكّل قضية معتقلي غزة في سجون الاحتلال التّحدي الأبرز أمام المؤسسات المختصة مع استمرار جريمة الإخفاء القسري، التي طاولت الآلاف من معتقلي غزة
الصورة
جهود إنقاذ بأدوات بدائية في شمالي غزة (عمر القطاع/فرانس برس)

مجتمع

تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية البرية في محافظة شمال غزة مخلفة مئات الشهداء والمصابين، فضلاً عن تدمير عشرات المنازل، وإجبار الآلاف على النزوح.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
فرق الدفاع المدني في غزة/2 أكتوبر 2024(الأناضول)

مجتمع

أعلن جهاز الدفاع المدني في غزة، مساء الأربعاء، توقف عمله بالكامل في محافظة شمال القطاع، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني هناك بات كارثياً.