وقال رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فرع تونس، مهدي مبروك، أن هذه الندوة خصصت لبحث تطورات الوضع في ليبيا، خاصة في ظل تسارع الأحداث في هذا الملف، وهي المبادرة الأولى من قبل المركز حول الشأن الليبي.
وأوضح مبروك أن الموقف التونسي متأخر نسبيا؛ فمنذ مؤتمر الصخيرات فقدت السلطات التونسية أوراقها تجاه ما يحصل في ليبيا، معتبرًا أن على تونس أن تبقى في موقف الحياد ولا تنضم إلى أي محور. وأفاد مبروك، لـ"العربي الجديد، أن الدبلوماسية التونسية بدت مرتبكة مؤخرا من خلال مبادرة رئيس الجمهورية، قيس سعيد، في لقاء بعض الفرقاء الليبيين، وأيضا ضمن مبادرة السلام، والتي لم تكن في حجم التطلعات، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تركت أكثر من سؤال.
ولفت إلى أنه "من الحكمة أن تظل تونس ضمن ثوابتها وتحرص على عدم التدخل ضمن سياسة المحاور"، مؤكدا أن مؤتمر برلين يعتبر فرصة هامة لنزع فتيل الأزمة الليبية للذهاب إلى حلول سلمية. وأشار إلى أنه "يمكن التنسيق بين تونس والجزائر لخلق ثقل جيوسياسي وتقريب وجهات النظر، على أمل ألا تسقط ليبيا في الحرب، لأن تداعيات ذلك ستكون وخيمة على تونس".
وقال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي، عدنان منصر، إن طرح الموضوع كان بناء على مبادرة باحثين شبان توقعوا أن ليبيا مقبلة على أحداث متسارعة وتطور للاوضاع، مؤكدا في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الموقف التونسي كان في حالة إغماء، ولكنه شهد مؤخرا استفاقة، وهي تظهر من خلال مبادرة رئيس الجمهورية قيس سعيد، ولكن من المهم أنه يتم توضيح أن تونس لن تنخرط ضمن أي محور أو تحالفات"، مشيرا إلى أن "تونس كسبت بعض الخبرة في التعامل مع الملف الليبي مما قد يساعدها على تقريب وجهات النظر".
ورأى منصر أن "تونس تحتاج إلى تنسيق مغاربي، وخاصة مع الجزائر، ويجب أن تكون المواقف أكثر وضوحا لحلحلة الأزمة".
وأكد الباحث التونسي، طارق الكحلاوي، أن "تونس ستجد نفسها في قلب الأحداث الليبية، والسؤال هو كيف يمكنها التموقع في ظل الأحداث المتسارعة من خلال عيون ليبية، مشيرا إلى أن "الحل يجب أن يكون ليبيا، ولكن بإمكان تونس تقريب وجهات النظر والعمل على تكثيف المشاورات وجمع الفرقاء".
وبيّن الباحث في جامعة سبها الليبية، عبد الله عثمان، أن "الشأن الليبي لا يهم ليبيا فقط، بل هو شأن مغاربي"، مبينا أن "التوجه إلى بلدان الجوار ضروري لكي تساهم هذه البلدان في تقريب وجهات النظر، وللتقليص من احتكار الغرب، ومواجهة الأخطار التي تحيط بالسكان الليبيين".
وحول سؤال ماذا تريد ليبيا من تونس، رأى عثمان أن الإجابة هي "البحث عن حاضنة عربية، وتجاوز ضعف الاتحاد الأفريقي". ورجّح أن ليبيا "تريد الاستفادة من حماسة الرئيس قيس سعيد وشعبيته، لكن هذه الأحلام تصطدم بعديد الصعوبات والتجاذبات السياسية في تونس والاضطرابات الأمنية في المغرب العربي، وما يحصل في البحر المتوسط من هجرة، وكلها عوامل معرقلة".
وقدّر بأن "هناك نوايا غربية لإقصاء تونس والجزائر في الملف الليبي وفي مؤتمر برلين لعدة أسباب، أهمها الإبقاء على سيطرة الغرب"، مشيرا إلى أن "الجزائر عبرت صراحة وبحدة عن رفضها لهذا الإقصاء، في حين أن تونس لم تتحدث عن ذلك صراحة".
أما المختص في القانون الدولي، سامي الأطرش، فأكد على أن "هناك رغبة في بناء دولة مدنية ديمقراطية"، مضيفا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الرؤية في ليبيا واضحة والمفاهيم أيضا، وهي الديمقراطية، وهناك رغبة في اتباع النموذج التونسي".
وبيّن أن "تونس قدمت الكثير للشعب الليبي منذ 2011، وما زالت واقفة بجانب ليبيا، مذكرا بأنها "فتحت أبوابها للفرقاء ولولا ذلك لما تمكن الشعب الليبي من التفاوض والتحاور والبحث عن حلول"، ووصف دور تونس بأنه مهم في هذا الإطار بالنظر إلى قيادتها ثورة الربيع العربي.
ورأى أن مبادرة السلام التي أعلن عنها الرئيس التونسي الراحل، الباجي قايد السبسي، تحتاج إلى مزيد من النضج لتعبر عن مشروع الديمقراطية الحقيقي، مبينا أن "زيارة أردوغان إلى تونس مهمة، وتأتي في إطار مواصلة تونس لعب دور العاقل والناضج، ومحاولتها خلق التوازن الذي يعطي للجميع فرصة، ولكن في إطار حكمة تونس وشعبها".