"المركزي" السوري يلحق عملته

09 فبراير 2015
الليرة السورية تواصل التقهقر (أنور عمرو/فرانس براس)
+ الخط -
بما أن السلطات السورية تحاول إيجاد حلول لوقف تراجع الليرة السورية، فقد أعلن حاكم مصرف سورية المركزي أنه سيبدأ التدخل ‏في السوق اللبنانية للعملات الاجنبية. وفي هذا الصدد، قال أديب ميالة إن المصرف المركزي، وبهدف رفع قيمة الليرة السورية، سيبدأ ‏استخدام احتياطاته من العملات الاجنبية لشراء الليرة السورية المتداولة في السوق اللبنانية.‏ 
منذ حزيران/ يونيو الماضي، وعندما كان معدل الصرف في السوق السوداء قرابة 165 ليرة سورية أمام الدولار، تابعت قيمة الليرة السورية الهبوط ‏بسرعة. ففي شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، تجاوز الدولار مستوى 190 ليرة سورية، ثم بلغ 200 ليرة في تشرين الثاني/ نوفمبر، و210 ليرات في كانون الأول/ ديسمبر، ‏ومتجاوزاً الـ220 ليرة في ديسمبر عام 2015.
أما في الأيام القليلة الماضية، فقد جرى تداول الدولار فوق مستوى 230 ‏ليرة. ولمواجهة هذا التدهور، قام المصرف المركزي بضخ كميات متزايدة من الدولارات في السوق، كما رفعت قيمة الدولار الرسمية ‏فوق 200 ليرة بهدف تقليص الفارق بين السعر الرسمي للدولار وقيمته في السوق السوداء. كما أن المصرف المركزي ينوي ضخ ‏مبلغ 65 مليون دولار في السوق، حتى نهاية شباط/ فبراير. إلا أن أيّاً من هذه الاجراءات لم ‏تتمكن البتة من وقف تدهور الليرة السورية. ولهذا السبب، يقول المصرف المركزي الآن إنه يريد التدخل في سوق العملات الاجنبية ‏في لبنان.‏
‏تذكّرنا هذه التصريحات بالصلة الوثيقة بين العملتين السورية واللبنانية. فقد لجأ أفراد وشركات من سورية، وعلى مدى عقود ‏من الزمن، إلى استخدام المصارف اللبنانية للقيام بتحويلاتهم الدولية، ولإيداع مدخراتهم، وكذلك القيام بتحويل العملة الأجنبية. إن قرب لبنان ونظامه المصرفي الحر والمتطور، ساعد السوريين على التهرّب من العقبات‎ ‎القاسية المفروضة على نظامهم المصرفي ‏وعلى تحويلاتهم من العملات.‏‎ ‎وحتى بعد تحرير القطاع المصرفي السوري، استمر الكثير من السوريين في استخدام المصارف اللبنانية. ‏وكنتيجة لهذه الأسباب جميعها،‎ ‎بالإضافة إلى لجوء أكثر من مليون سوري إلى لبنان، يعتقد أنه يتم تداول كميات كبيرة من العملة ‏السورية في السوق اللبنانية.‏
ومع ذلك، يبقى هنالك فارق بين الإدلاء بتصريحات والقيام بالأفعال، كما يمكن أن تكون هناك شكوك حول الوسائل التي يمكن ‏للمصرف المركزي أن يستخدمها وكذلك مستوى تدخله.‏
وقال ميالة إن المصرف المركزي سيستخدم مؤسسات الصرافة الخاصة و"أدوات المصرف الخاصة" للتدخل. ولكن إذا أخذنا ‏بالاعتبار رفض غالبية المصارف اللبنانية، وكذلك مكاتب الصرافة، القيام بتحويلات رسمية مع القطاع المصرفي السوري بسبب ‏العقوبات الدولية، فإنه من المحتمل أن تواجه العملية عقبات جدية. يضاف الى ذلك، والى جانب غياب تقييمات واضحة عن حجم ‏العملة السورية المتوفرة في لبنان، وبالاخذ بالاعتبار الصعوبات التي يواجهها مصرف سورية المركزي حالياً في تلبية الطلب ‏على العملة الاجنبية، فإنه من المشكوك فيه أن تكون لديه القدرة على استهداف كتلة نقدية متداولة أكبر في السوق.‏
لا يبدو أنه من الممكن أن يترجم إعلان ميالة عملياً على أرض الواقع، فهو يهدف على الأرجح لرسم صورة تظهر قوة ‏المصرف المركزي. ولكن ما حصل في الأشهر الأخيرة يظهر العكس ويثبت حقيقة: عدم قدرة المصرف المركزي على وقف انهيار عملته.‏
المساهمون